13 - يونيو - 2019
بيروت- ناديا الحلاق: جولة صغيرة في شوارع العاصمة اللبنانية بيروت تظهر حجم المعاناة التي يعيشها الأطفال في أماكن العمل.
وهي معاناة تعمل الأمم المتحدة على نشر التوعية بشأنها، في 12 يونيو/ حزيران من كل عام، وهو “اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال”.
في لبنان، البالغ عدد سكانه نحو أربعة ملايين نسمة، يعمل أطفال في مجالات منها الزراعة المصانع، وتصليح الدواليب، بينما آخرون يتسولون بين السيارات وعلى الطرق.
حرمان من الدراسة
خلال جولة في بيروت رُصدت حالة الطفل محمد (7 أعوام)، والذي حرم من دخول المدرسة؛ بسبب وضع أسرته.
في عمله، يكتفي محمد بترتيب الألعاب، التي من المفترض أن تكون وسيلة يلهو بها، حيث يضعها على الأرفف، حتى يأتي أطفال آخرون مع عائلاتهم ليشترونها.
لم يذهب محمد إلى المدرسة؛ بسبب صعوبات مالية تعانيها أسرته، ما دفع والده إلى تشغيله في محل للألعاب.
الأب قال: “لست سعيدا بعمل ابني، وعلى يقين بأن مكانه في المدرسة، لكن الظروف منعتني حتى من تسجيله في المدارس الحكومية”.
وأضاف أن “المبلغ الذي يحصل عليه من محمد يساعده في تأمين قوتهم اليومي”.
وتابع: “لا أحب أن أرى أطفالي يعملون، لكن ليس لدينا خيار آخر.. وعندما يصبح لدينا قدرا أكبر من المال، سيترك محمد العمل، ويكمل تعليمه”.
أما صاحب محل الألعاب فقال: “قبلت بتشغيل محمد كي أحميه من الشارع، ويساعد عائلته في تأمين مبلغ، ولو بسيط، كل آخر شهر”.
جريمة ومخدرات وإرهاب
شددت مديرة المشروع الوطني لمكافحة التسول في وزارة الشؤون الاجتماعية، سيما منذر، على ضرورة معالجة ظاهرة عمل الأطفال، “التي لا تسيء إلى لبنان كدولة فحسب، بل إلى الإنسانية جمعاء”.
وقالت إن “الأطفال هم ضحية المجتمع.. مكافحة الإرهاب تبدأ بمعالجة حالات البؤس وعمل الأطفال”.
وحذرت من أن “بعض من نراهم في الشارع سيتحولون بشكل أو بآخر إلى الجريمة أو المخدرات أو الإرهاب أو الثلاثة معا”.
وأفادت بأن “عدد الأطفال العاملين في لبنان بلغ مئة ألف طفل يعملون في ظروف صعبة للغاية دون أي رقابة تذكر”.
عدد الأطفال العاملين في لبنان بلغ مئة ألف طفل يعملون في ظروف صعبة للغاية دون أي رقابة تذكر
وأوضحت أن “من بينهم 15 ألف طفل في الشارع، قرابة 76 في المئة منهم هم من الجنسية السورية”.
وبحسب منظمات دولية فإن الأطفال الأكثر عرضة للمخاطر هم اللاجئون، إضافة إلى المنتمين إلى أقليات تتعرض للاضطهاد والتمييز.
وبالنسبة لجهود المشروع الوطني لمكافحة التسول وعمل الأطفال، قالت منذر: “نعالج المشكلة بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية”.
ودعت إلى “التعاون بين وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارات العدل والداخلية والتربية، للحد من هذه المشكلة وتداعياتها الخطرة على الأطفال بشكل خاص، ومجتمعنا عامة”.
وأردفت: “وضعنا خطة عمل موحدة سنعمل عليها بالإشتراك مع كل المعنيين”.
وأوضحت: “سنقوم بدورات تدريبية للعاملين والمعنيين حول كيفية التعامل مع طفل الشارع واستقطابه والعمل معه”.
وتابعت: “كما سنقدم دورات مهنية لتعليم هؤلاء الأطفال مهنا يستطيعون أن يكسبوا عيشهم منها، دون اللجوء إلى الشارع، وذلك بالاشتراك مع الجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية”.
واستطردت: “سنعمل على الجانب النفسي والصحي لأطفال الشوارع عن طريق باص (حافلة) متنقل يدخل الأحياء الفقيرة”.
وزادت منذر بأن “الوزارة ستقوم أيضا بدورات تأهيلية للأخ الأكبر أو للأم لتعليمهم مهنة تساعدهم في كسب رزقهم، دون أن يضطروا إلى إجبار الأطفال الأصغر سنا على الخروج للعمل أو التسول على الطريق”.
ومضت قائلة: “سنؤهل هؤلاء الأطفال بصفوف لمحو الأمية، ونعمل على إعادتهم إلى مقاعد الدراسة، خاصة إذا كانوا في سن صغيرة”.
280 مليون طفل
تسعى الأمم المتحدة، في “اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال”، إلى نشر التوعية عن دائرة الفقر، التي تتشكل باستمرار، عندما يُضطر الأطفال إلى العمل، وتضييع فرص التعليم.
ويوجد ما يزيد عن 280 مليون طفل بين الخامسة والـ17 من العمر منخرطون في سوق العمل في العالم، وفق الأمم المتحدة.
وأكثر من 152 مليونا من هؤلاء الأطفال هم ضحايا لممارسات غير مشروعة منها: العمل القسري، العبودية والدعارة.
ويؤدي 85 مليونا من هؤلاء الأطفال أعمالا في بيئات خطيرة، تؤدي غالبا إلى إصابات وأذى جسدي أو نفسي، ويلقى 22 ألف طفل مصرعهم سنويا خلال العمل، بحسب منظمة العمل الدولية.
ويشكل الذكور 58 في المئة من الأطفال في سوق العمل، وتقول منظمة العمل الدولية إن العمل في صفوف البنات قد تكون شائعة مثل نسبتها بين الذكور، لكن لا يتم الإبلاغ عنها، كما في حال عمل صغيرات كخادمات في المنازل.
(الأناضول)