2021-05-23
إدلب – نورث برس
يستذكر الطفل سليم السرحان (12 عاماً)، وهو من سكان إدلب المدينة، شمال غربي سوريا، تدخينه لأول سيجارة حين قدمها له أحد زملائه حيث يعمل مع أربعة أطفال آخرين في مطعم للوجبات السريعة.
وأصبح رؤية أطفال مدخنين مألوفة للمارين في الطرقات والأسواق والحدائق العامة بمدينة إدلب.


ويعيد مختصون أسباب انتشار هذه الظاهرة بين الأطفال واليافعين إلى مجموعة أسباب تتقدمها ضعف رقابة الأهل وفقدان المعيل.
رقابة عائلية غائبة
وقال سليم، وهو يشعل سيجارته على مرأى الجميع دون خجل أو تردد، إنه بدأ التدخين منذ حوالي العام، حين وجد نفسه بعد وفاة والده المعيل الوحيد لأمه وأخوته الثلاثة.
واعتقد الطفل، خلال حديثه لنورث برس، أن التدخين ميزة، “ومن حقي أن أتصرف كالرجال، لأنني لم أعد صغيراً.”
فيما اشتكت عائشة الجمول، وهي والدة الطفل حسن الأطرش (15 عاماً) من مدينة سرمدا، من إدمان طفلها للنرجيلة.
وبسبب تغيب زوجها عن المنزل لساعات طويلة نتيجة عمله في البناء، لم يعد بإمكانها ضبط تصرفات الابن الذي أدمن تدخين النرجيلة .
وأضافت “الجمول” أنه كان يهرب من المدرسة، للتدخين في المقاهي والمطاعم حتى خسر دراسته.
ويصرف الطفل، الذي يعمل في محل لبيع الأدوات المنزلية، كل ما يجنيه من أجرة يومية على تأمين مستلزمات النرجيلة، بحسب والدته التي تأسف لتركه الدراسة.
تقليد وقدوة سيئة
و”يعتبر التدخين من الظّواهر السلبية التي انتشرت في المجتمع انتشار النار في الهشيم، ولم تسلم فئة الأطفال واليافعين من الوقوع في هذه الآفة الخطيرة” على حد تعبير المرشدة الاجتماعية ناديا الكيال (39 عاماً) من مدينة إدلب.
وأضافت “الكيال” أن تقليد الكبار والقدوة السيئة، والرغبة بالظهور بمظهر جذاب، من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى انتشار التدخين بين اليافعين والأطفال.
إلى جانب عدم وجود رقابة على بائعي الدخان، ما يؤدي إلى سهولة حصول الأطفال واليافعين على المواد الممنوعة والمضرة كالتبغ وغيره.
ولم تغفل ” الكيال” عن الأسباب الناجمة عن المشاكل الأسرية التي تؤدي إلى الطّلاق وتدمير الأسرة، “وما ينتج عن ذلك من انحراف الأطفال، واتباع منهج غير سوي في الحياة.”
وأشارت إلى ضرورة إطلاق حملات توعية حقيقيّة للأطفال حول خطورة التّدخين ومضاره، ومراقبة الأهل لأطفالهم، “بهدف ضمان عدم انحراف الطفل وزرع الثقة في نفسه والتعرف على ما يضايقه تمهيداً لمساعدته في حل مشكلاته.”
وقالت “الكيال” إن التدخين وقد يؤدي بالأطفال والمراهقين بهم إلى الجنوح والانحراف، وانتشار الجريمة من قتل وسرقات للحصول على المال بأي وسيلة ممكنة.”
“وهذا ما يضع المراهق في مواجهاتٍ مستمرة مع والديه والمجتمع المحيط، وبالتالي تفكك العلاقات الاجتماعية وضعفها”، وفق المختصة الاجتماعية.
أضرار اجتماعية وصحية
وتؤيد هذا الرأي علياء الحنون (39 عاماً)، وهو اسم مستعار لسيدة نازحة من مدينة سراقب إلى مدينة إدلب، والتي وجدت نفسها مضطرة لتأمين ثمن علب الدخان لطفلها البالغ من العمر14 عاماً.
تقول لنورث برس: “منذ فترة فقدت فردة القرط الذهبي لابنتي الصغيرة البالغة من العمر سنتين، فظننت أنه قد ضاع منها، ولكن بعد فترة وجيزة قمت بمراقبة ابني الكبير، فاكتشفت أنه يأخذ النقود من حقيبتي.”
وعندما واجهته الأم، اعترف بأنه يشتري بها علب الدخان، مبدياً عدم تجاوبه لنصائح والدته التي فشلت في إقناعه أن التدخين عادة سيئة تضر بصحته.
وقالت “علياء” بحزن: “أصبحت مضطرة لإعطائه المال حتى لا يسرق على الأقل، وليس لتشجيعه على التدخين.”
وقال أحمد صفية (45 عاماً)، وهو طبيب أطفال في مدينة إدلب، إن تدخين الأطفال يؤدي لإصابتهم بالربو الحاد، “لاحتواء السجائر على مادة النيكوتين التي تؤدي إلى تعرض الأهداب المتواجدة في الشعب الهوائية للتدمير، مما يعرض الطفل لضيق التنفس والسعال الشديد.”
كما يسبب التدخين إضعاف الجهاز المناعي لدى الأطفال، مما يجعله عرضة للملوثات البيئية والالتهابات الرئوية، كما يزيد من إمكانية الإصابة بالأمراض القلبية الخطيرة وارتفاع ضغط الدم والأمراض السرطانية.
وشدد الطبيب على ضرورة نشر التوعية المجتمعية، “ومراقبة الأطفال واليافعين وضبط تصرفاتهم وانتقاء أصدقائهم وإقناعهم من خلال الحوار لخلق نوع من التفاهم يجنبهم الانغماس في العادات السيئة ومنها التدخين.”
إعداد: حلا الشيخ أحمد – تحرير: فنصة تمو

JoomShaper