منى خير
18/3/2023
تعتبر تربية الأطفال واحدة من أكثر المسؤوليات صعوبة، رغم أنها تعد الأكثر متعة للوالدين، فحبهما غير المشروط لأطفالهم يعزز ثقة هؤلاء الأطفال بأنفسهم ويساعدهم على النجاح والازدهار في المستقبل؟
وأطفالك لن يبقوا أطفالا للأبد.. لن تتخيل مدى السرعة التي تمر بها الأيام. يكبر الأبناء ويتركوننا بسرعة خيالية حتى دون أن ندرك، لذلك يمكننا الحرص على الاستمتاع بهذه اللحظات قبل أن يكبروا وتصبح لديهم حياتهم الخاصة.
فإذا كانت طفولة أبنائنا غير سعيدة، ولم تتم تلبية حاجاتهم العاطفية من جانب القائمين على رعايتهم، سواء بالإهمال أو الرفض أو إساءة المعاملة، سيكون لها تأثير عميق وطويل الأمد في جميع مجالات الحياة.
فلماذا يحتاج الطفل أن يسمع من والديه كلمات تؤكد له أنه محبوب، وما التأثيرات التي تنعكس على حياة الفرد كشخص بالغ عندما تكون لديه طفولة غير محبّبة؟
محبوب من دون قيد أو شرط
لا شيء يؤدي إلى الفرح مثل التواصل مع أفراد أسرتك، وتنمية العلاقات وتقوية الروابط معهم، فقضاء الوقت مع الأشخاص الذين تحبهم من أسهل طرق تنمية السعادة.
وفي هذا الصدد تؤكد المتخصصة في علم نفس الأطفال الدكتورة أسماء طوقان أن الطفولة لها تأثير على مرحلة البلوغ، لذلك فإن الندوب الناجمة عن شعور الطفل بأنه غير محبوب، ستؤثر على كل مجال من مجالات حياته تقريبا.
وتقول إنه عندما لا تُلبى حاجات الطفل العاطفية في مرحلة الطفولة، يتشكّل نموه وشخصيته وفق ذلك. فمثلاً، الخوف الدائم من الهجر، وأنماط التعلق غير الصحية في مرحلة البلوغ، قد يكونان نتيجة لعدم شعور الشخص بالأمان أو الثقة وبأنه محبوب من دون قيد أو شرط في مرحلة الطفولة.
وتضيف: "يحصل الطفل على مساعدة والديه ليتعرف على مشاعره والتعبير عنها في بيئة آمنة. لذلك، فإن غياب حب الأهل ودعمهم في هذه المرحلة سيؤثر سلبا على إمكانية الطفل في التعبير عن مشاعره بالطريقة المثلى".
وإذا لم يحصل الشخص على الحب والمودة كطفل -وفق طوقان- فإنه يكبر وهو يشعر بالفراغ الدائم الذي يسعى دائما إلى ملئه، مع عدم وجود وقت للتركيز على أحلامه أو أهدافه أو حياته.
وعندما يصبح الطفل بالغا -وفق المتخصصة طوقان- فإما أنه سيغلق مشاعره تماما، أو سيعبر عنها بطريقة مبالغ فيها وغير منضبطة.
فكيف يمكن لمن فاته أن يعيش طفولة محببة أن يعوضها بطريقة إيجابية؟ هذا ما عليه فعله حسب المتخصصة طوقان:
البدء باتخاذ خطوات إيجابية لتبني سلوكيات صحية، تجاه ذاته.
تعويض "الطفل الداخلي" في الشخص نفسه عبر التعاطف الذاتي، لتعويض ما افتقده من الحب والحنان في طفولته.
تنمية الانضباط الذاتي ومعرفة كيفية وضع حدود صحية تساعد في تجاوز الألم الذي عانى منه في طفولته.
إيجاد إحساس داخلي قوي بالذات لملء الفراغ والعيش حياة سعيدة ومرضية.
التحدث إلى معالج نفسي، ليساعدك على العلاج والتخلص من معاناتك.
الأحكام غير الصحيحة
تبني المشاركة العاطفية للآباء والأمهات مع أطفالهم روابط قوية، كما أن التواصل مع الأشخاص الذين يحبوننا وسيلة قوية لتغذية السعادة، يساعدنا ذلك على تقدير ما لدينا وما تلقيناه من حب خاصة في مرحلة الطفولة.
وفي هذا السياق، يقول خبير التربية والعلاقات الأسرية الدكتور يزن عبده: "يشعر بعض الأشخاص، سواء في فترة الطفولة أو في مرحلة البلوغ والشباب، أنهم أشخاص غير مرغوب فيهم. وهذا الشعور يؤثر بشكل كبير على منظومة علاقاتهم الاجتماعية، فيشعر بالخوف والتردد وخيبات الأمل".
ويضيف أن من واجه مشكلات اجتماعية في طفولته؛ قد يقوم بإسقاط مبالغ فيه لهذه المشكلات على حياته عندما يصبح شابا، حيث يتخوف من أي ردة فعل اجتماعية تجاهه، ويفسّرها على أنه غير مقبول اجتماعيا.
ويتابع يزن عبده: "نجد أن نسبة ممن عانى من التقبل الاجتماعي في صغره قد يعاني من فشل حقيقي في الوصول إلى التقبل ممن حوله أثناء شبابه. ذلك أن المهارات الاجتماعية قد أصابها الضرر أثناء الطفولة، وأصبح مؤمنا بأنه غير قادر على تكوين علاقات اجتماعية سويّة مع من حوله، فينتكس كلما حاول أن يتقدم خطوة".
ويوضح أنه لا بد من استشارة أخصائيين في علم السلوك، لكي يساعد الأهل أطفالهم البالغين خطوة بخطوة على تكوين علاقات اجتماعية آمنة وجاذبة، ويزودونهم بالمهارات والطرق الصحيحة في تكوين تلك العلاقات، ويعينونهم على مواجهة الانتكاسات سواء الحقيقية أو الوهمية التي قد يعانون منها ممن حولهم، أو من توقعاتهم حول قدراتهم الشخصية.
تكوين العلاقات في الطفولة
ينصح عبده الأهل، عموما، بمتابعة المهارات والطرق الصحيحة في تكوين العلاقات عندما يكون الأبناء في مرحلة الطفولة، كما ينصهم بتقييم قدرة أبنائهم على تكوين صداقات آمنة، خصوصا في حال كانت هناك فروقات بينهم وبين أصدقائهم، مثل أن يكون الطفل صغير الحجم أو كبير الحجم، أو ممن يضعون نظارات طبية، أو غير متقدم دراسيا… وهذه الفروقات قد تكون من أهم الأسباب لأن يرفض الأطفال زملاءهم.
ويختم بالقول: "هنا لا بد من متابعة متزنة من الأهل لمثل هذه الحالات. ننصح الأصدقاء المقربين من شاب أو من فتاة يشعر أو تشعر بالفشل في تكوين صداقات، بأن يقدموا الدعم النفسي من خلال ذكر إيجابيات أصدقائهم من هذا النوع، ومدحهم عند كل تقدم ينجزونه في هذا المجال".
نصائح للشفاء في مرحلة البلوغ
يجب البحث عن الفرص اليومية لتجربة الشفاء من جروح الطفولة. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها التعافي من الشعور بعدم الحب كطفل، ومنها:
تعلم المحفزات الخاصة بك.
الانخراط في دعم الطفل بداخلك.
ممارسة الرعاية الذاتية وحب الذات.
استخدام ماضيك لمعرفة ما تفعله وما لا تريده في الحياة.
كتابة اليوميات أو قراءة كتب التنمية الذاتية (البشرية) التفاعلية.
إعادة صياغة المعتقدات الداخلية بشكل إيجابي (مثل: "أنا ابنة غير محبوبة" إلى "أنا أستحق الحب كشخص بالغ").
بناء المجتمع ضمن مجموعات الدعم مع الأشخاص الذين يشاركون تجارب مماثلة.
التحلي بالصبر واللطف مع نفسك خلال عملية الشفاء.
وتقول نانسي بالوما كولينز، متخصصة في إصلاح العلاقات الزوجية والأسرية في ولاية كاليفورنيا، إن "التحقق من صحة طفلنا الداخلي والألم الذي عانينا منه عندما كنا أطفالاً لا يقتصر على الشفاء وحسب، بل يساعد أيضا في التمكين. ثق في العملية وتقبّل أن الشفاء مستمر".
من جهتها، ترى المتخصصة في "علم النفس العيادي" كارلا ماري مانلي، أن العلاج الفردي طريقة مثالية للبدء، لكن العلاج الجماعي عن طريق طبيب ماهر رائع أيضا، حيث يستفيد المشاركون من الطاقة الرابطة لتجارب الآخرين.
وتقول: "تذكر أن القيام بالعمل قد يكون صعبا، لكن النتيجة تستحق العناء. وعلى الرغم من أن الرحلة قد تبدو طويلة وحتى مستحيلة، فإنك تستحق الشفاء من الداخل إلى الخارج حتى تتمكن من عيش حياتك بشكل أفضل".
المصدر : الجزيرة الاحد 19/3/2023 مواقع إلكترونية
=====================
كيف تتعامل مع الطفل الاعتمادي
سيدتي - آية حسني
هل لديكم طفل اتكالي يرفض تناول الطعام أو كوب مياه بمفرده، ولا يستطيع النوم في غرفته بمفرده، جميعها تصرفات تكشف عن اتكالية الطفل واعتماده على الآخرين، مما قد يجعله لاحقاً شخصاً أنانياً وغير متعاون، كما قد تعيق تطور مهاراته وتحصيله الدراسي، وهناك الكثير من الأسباب تؤدي إلى اتكالية الطفل فما هي؟.
أبرز الأسباب التي تزيد من الاعتمادية لدى الأطفال هي التدليل الزائد، لذا لابد أن تجمع التربية بين التدليل وبعض الحزم، كما تتسبب الحماية المفرطة وإظهار الخوف والفزع على الصغير في زيادة الاعتمادية، فيفضل منح الطفل الفرصة لخوض تجارب جديدة، ودمجه في بعض المجتمعات الخارجة عن محيط الأسرة، مع مراقبته عن بعد لتوفير الحماية اللازمة له.
الانتقادات المستمرة
كما أن الانتقادات المستمرة للطفل تؤدي إلى جعله اتكالياً، كونه يشعر بالإحباط من نجاح أي شيء قد يفعله، فلابد من تشجيعه على تكرار تجاربه غير الناجحة حتى يتمكن من إتمامها، وفي حالة نجاحه لابد من تشجيعه وتحفيزه، كذلك رفض مشاركة الأبناء في الأعمال المنزلية يعد سبباً للاتكالية، فلابد من تدريب الطفل على ترتيب غرفته وتنظيم أغراضه.
الاعتماد على الذات
هناك العديد من الحيل تجعل الطفل يعتمد على ذاته، أبرزها الطلب من الطفل ترتيب سريره يومياً قبل الذهاب إلى المدرسة، وعدم انتقاده أو السخرية منه في حال عدم ترتيبه بشكل صحيح، عدم السماح للطفل بإنهاء اللعب دون جمع أغراضه، وفي حالة رفضه لابد من معاقبته بطريقة معينة، وفي كل مرة يجمع أغراضه يتم مكافأة الطفل.
فتاة صغيرة تجلس في غرفتها/Jonathan Borba/pexels
تنفيذ المهام والمشاركة
كما يجب أن يتوقف الآباء عن تحضير أدوات الطفل المدرسية، فلابد من تشجيعه على تحضيرها يومياً قبل الخلود إلى النوم، منح الطفل الفرصة لاختيار ملابسه خلال التسوق، وحتى قبل الخروج من المنزل على الطفل اختيار ملابسه، يمكن تشجيع الطفل على تحضير وجبة معينة للأسرة، مثل صحن من الجبن مع الزيتون، والإشادة بالوجبة التي قام بتحضيرها.
كما من الضروري منح الطفل مهام يومية للمساعدة في الأعمال المنزلية، ومشاركة الأسرة في ترتيب المنزل وتوضيب طاولة الطعام، في البداية قد يرفض الطفل المساعدة، لذا لابد من تحفيزه بالحصول على مكافأة عند تنفيذ مهامه وبالفعل منحه مكافأة مناسبة في كل مرة يشارك فيها الآخرين، وفي حالة عدم التزامه بعد عدة محاولات يتم معاقبته.