سيدتي - لينا الحوراني
هل يتعرض للتنمر في المدرسة؟ حوالي ثلثي الأطفال تعرضوا لذلك، والتأثير النفسي للتنمر قد يكون طويل الأمد. غالباً ما تكون لدى الطفل صورة نمطية للمتنمر في المدرسة، وهو يسخر من ضحاياه ويسرق نقود الغداء الخاصة بهم. ومع ذلك، فإن التنمر أوسع من ذلك. ولم يعد يقتصر على الحياة الواقعية. فهناك التنمر عبر الإنترنت، أو التنمر الإلكتروني، يعني أن المتنمرين يمكنهم مضايقة ضحاياهم، خصوصاً من الأطفال، في أي مكان. سواء في الحياة الواقعية أو عبر الإنترنت، يمكن للتنمر أن يؤثر على صحة طفلك النفسية حتى مرحلة البلوغ. وإليك كيفية مساعدته للتعافي منه.
ما هو التنمر؟
يميل التنمر إلى الحدوث داخل مجموعة من الأقران
تُعرِّف مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها التنمر بأنه: "سلوك عدواني غير مرغوب فيه بين الأطفال في مرحلة المدرسة ينطوي على اختلال حقيقي أو متصور في توازن القوة". والتنمر منتشر جداً في المدارس. وتُظهِر الأبحاث أن واحداً من كل خمسة طلاب في المدارس يبلغ عن تعرضه للتنمر.
في حين أن التنمر في المدارس مشكلة خطيرة، ولها عواقب طويلة الأمد، إلا أنها تحدث في سياقات أخرى أيضاً، بما في ذلك مكان العمل وعلى الإنترنت. ومع ذلك، وأينما يحدث، هناك بعض العوامل المشتركة:
المتنمر هو منْ يملك القوة.
عادة ما يكون الضحايا غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم.
يميل الأمر إلى الحدوث داخل مجموعة من الأقران.
يحدث السلوك العدائي بشكل متكرر.
لا يقتصر التنمر على العنف الجسدي. فقد يشمل التهديد أو الابتزاز، أو سرقة الممتلكات، أو قد يكون إساءة لفظية، مثل الإهانة أو السخرية أو التشهير.
التنمر عبر الإنترنت
إن التنمر عبر الإنترنت ظاهرة حديثة نسبياً، فبالنسبة للأجيال السابقة، إذا تعرض طفلك للتنمر في المدرسة، فإن هذا التنمر كان يتوقف على الأقل عند بوابة المدرسة. وكان المنزل بمثابة استراحة من المتنمرين ومكان آمن. وكانت عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية بمثابة مهرب. ولكن اليوم، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة والرسائل النصية وغرف الدردشة للألعاب، لم يعد هناك مفر. فقد يصل إليك المتنمرون في أي مكان وفي أي وقت. وتُظهِر الأبحاث أن 17% من أطفال المدارس و 13% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عاماً يتعرضون للتنمر عبر الإنترنت.
ما هي الآثار النفسية للتنمر؟
إذا تعرض طفلك للتنمر في المدرسة، فإن العلامات التي يجب الانتباه إليها تشمل الانطواء في المنزل، أو انخفاض الدرجات أو الرغبة في تجنب المدرسة. التنمر له آثار قصيرة المدى وطويلة المدى. على المدى القصير، يمكن أن يؤدي التنمر إلى:
الخوف والقلق والشعور بالوحدة.
الحزن والاكتئاب عند الأطفال.
فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كنت تستمتع بها سابقاً.
مشاكل في النوم.
صعوبة في التركيز.
زيادة خطر الأفكار والسلوكيات الانتحارية.
كراهية الذات الداخلية، وتنتشر هذه المشكلة في التنمر الأكثر شيوعاً وهو المرتبط بالعنصرية، والذي يمكن أن يكون مدمراً للغاية.
قد يكون من الصعب أن نشعر بالتعاطف مع المتنمرين. ومع ذلك، فمن المرجح أن يواجهوا هم أيضاً مشاكل نفسية - إما كسبب أو نتيجة لسلوكهم. قد يواجهون صعوبة في التواصل مع أقرانهم، أو يصبحون متنمرين بسبب مشاكل في المنزل. وقد يصبح الطفل الذي يتعرض للتنمر متنمراً هو نفسه، ويستهدف مجموعة أو ضحية أقل قوة، وبهذا يحتاج كل من المتنمرين والضحايا إلى الدعم.
التأثيرات النفسية للتنمر الإلكتروني
في بعض النواحي، قد يكون التنمر الإلكتروني أسوأ من التنمر وجهاً لوجه. فلا توجد استراحة منه، ويشعر الناس بالجرأة لقول أشياء لم يكونوا ليقولوها قط في الحياة الواقعية. خصوصاً إذا كانوا يستخدمون حساباً مجهول الهوية. وإذا نشر المتنمر الشائعات أو شارك صوراً محرجة على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد ينتشر ويصل إلى عدد أكبر من الأقران مقارنة بالتنمر وجهاً لوجه. وقد يؤدي هذا إلى الشعور بالقلق والخجل.
تتضمن الأشياء التي يجب الانتباه إليها أن طفلك يبدو منزعجاً عندما ينظر إلى هاتفه، أو يتحفظ بشأن استخدامه للهاتف، أو يتوقف فجأة عن استخدام هاتفه.
كيف يمكن أن يسبب التنمر مشاكل في مرحلة البلوغ؟
تشير الدراسات إلى أنه إذا تعرضت للتنمر في طفولتك، فقد يكون لذلك تأثير دائم على حياتك البالغة. قد يظل التأثير النفسي للتنمر واضحاً بعد 40 عاماً. إذا تعرض الطفل للتنمر، فمن المرجح أن يترك المدرسة دون مؤهلات، أو يكسب أموالاً أقل أو يكون عاطلاً عن العمل، ولن يكون في علاقة مستقرة. وقد يواجه أيضاً مجموعة من التأثيرات طويلة المدى، مثل:
مجموعة من حالات الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب
مشاعر العجز
صعوبة اتخاذ القرارات عند الطفل
انخفاض احترام الذات أو عقدة النقص
السمنة أو اضطراب الأكل
اضطراب الإجهاد أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
مشاكل في النوم
قد يكون أحد عواقب التنمر في مرحلة الطفولة هو تطوير فخ العزلة الاجتماعية أو "المخطط". هذا نمط من التفكير والسلوك يمنع الطفل من التواصل مع الآخرين. قد يتطور بسبب اختلاف العائلة أثناء نشأته. أو ربما التنقل من مكان إلى آخر، لذلك ينادى دائماً بـ"الطفل الجديد".
كيفية التعافي من التنمر
إذا تعرض الطفل للتنمر، فقد يكون لذلك تأثير دائم، ولكن يمكنك كأم أيضاً مساعدته والتعافي منه. إليك سبعة أشياء يمكنك تجربتها:
اقتربي من طفلك، وأعطيه الأمان ليعترف بأنه تعرض للتنمر، ولا تقللي من شأن تجاربه المدمرة.
لا تُشعري طفلك بالذنب أو الخجل أو اللوم الذاتي على ما حدث، ولا تجعليه مسؤولاً عما حصل.
لا تتهاوني وتقولي في نفسك، حسناً، يحدث هذا بين الكثير من الأطفال، ولا داعي أن أهول المسألة.
علمي طفلك كيف يستعيد السيطرة على الموقف، ويتخلى عن مشاعر العجز وادعميه، وعلميه القدرة على اتخاذ الخيارات الخاصة في الحياة.
ازرعي في طفلك احترام الذات، ودعيه يتعرف إلى النقاط الإيجابية في شخصيته، وساعديه على كتابة قائمة بصفاته ونقاط قوته وخصائصه الإيجابية.
دعيه يحصي الأشياء التي يحبها الناس فيه، والأهم من ذلك، ما الذي يحبه في نفسه، ما الذي يجيده، ركزي على الإيجابيات.
أبعديه عن الأفكار السلبية، وعلميه تجنَّب التفكير الكارثي، والاستدلال العاطفي. دعيه يحول الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية.
جنبيه العزلة الاجتماعية، فكلما عزل نفسه عن الأصدقاء والعائلة افتقد تقديم الدعم منهم، ادفعيه للمزيد من الأصدقاء الداعمين، ودعيه يفهم أنه ليس مضطراً إلى خوض عملية الشفاء بمفرده.
تحدثي إلى معالج نفسي . يمكن أن يؤدي التنمر إلى مجموعة واسعة من المشاكل النفسية في مرحلة البلوغ، والتي يمكن أن تساعد العلاجات الكلامية في حلها.
كوني لطيفة مع طفلك، يمكن أن تستمر آثار التنمر لفترة طويلة - لذا كوني صبورة في التعامل معه، وكافئيه على الانتصارات الصغيرة، وامنحيه وقتاً للتعافي.
ألحقيه في دروس تنمي مهاراته، وتجعله سعيداً بممارستها، مثل الموسيقى.