سيدتي - خيرية هنداوي
من المشاهد التي باتت مألوفة في البيوت: جلوس الطفل ساعات أمام شاشة هاتفه أو جهازه اللوحي أو التلفاز، من دون أن يمل أو يطلب التوقف، و-يا للأسف!- بعض الأهل يرون هذا المشهد حلاً سريعاً لإبقاء الطفل هادئاً، ويغفلون أن خلف هذه الدقائق الهادئة يتراكم خطر حقيقي على صحة الابن العقلية والجسدية وحتى التعليمية والاجتماعية؛ حيث أكدت دراسات عديدة أن الإفراط في استخدام الشاشات يضر بنمو الدماغ عند الأطفال ويؤثر في سلوكهم بشكل خطير قد لا يظهر إلا بعد سنوات.
اللقاء والدكتور محمود شعبان أستاذ علم الاجتماع الذي يوضح تأثير الشاشات في نمو دماغ الطفل وسبل التعامل معه.
تأثير الشاشات في نمو دماغ الطفل
الطفل يقضي في المتوسط ما بين 4 و7 ساعات يومياً أمام الشاشات، وهي مدة تفوق كثيراً الحد المسموح به.
التوصيات العالمية لوقت الشاشة حسب العمر تؤكد:
الأطفال أقل من سنتين، يُفترض ألا يتعرضوا للشاشات أبداً، ممنوع تماماً باستثناء مكالمات الفيديو العائلية.
من 2 – 5 سنوات: ساعة واحدة يومياً كحد أقصى.
أكبر من 6 سنوات: لا بُدَّ من وضع جدول متوازن بين وقت الشاشة والنوم والدراسة والنشاط البدني.
الأطفال في سنواتهم الأولى يطورون مهاراتهم من خلال التفاعل الحسي والحركي المباشر مع البيئة، في حين أن الجلوس لساعات أمام الشاشة يحرمهم من هذه الفرص.
ويؤدي إلى:
تأخر نمو الدماغ: الدراسات أظهرت أن المناطق المسؤولة عن اللغة والانتباه في الدماغ تتأثر سلباً.
ضعف التركيز: التنقل السريع بين الصور والألوان يجعل الطفل غير قادر على التركيز في مهام بسيطة.
مشاكل في الذاكرة: الإفراط في المحتوى البصري يعوق الدماغ عن معالجة المعلومات وتخزينها.
التأثير في السلوك والمهارات الاجتماعية
العزلة الاجتماعية: حيث يقل تواصله مع الأسرة والأصدقاء؛ ما يضعف مهاراته الاجتماعية.
العدوانية والانفعال: بعض الألعاب والبرامج التي تحتوي على مشاهد عنف تؤدي إلى تكرار هذه السلوكيات في الواقع.
التشتت وصعوبة التحكم في الانفعالات: الانتقال المستمر بين مقاطع الفيديو القصيرة، يخلق نمطاً من قلة الصبر والحاجة إلى التحفيز المستمر.
أسباب عدوانية الأطفال التي تحتاج إلى علاج هل تودين التعرف إليها؟
الأضرار الصحية الجسدية للإفراط في الشاشات
مشاكل في النظر من إفراط المشاهدة
السمنة المبكرة: قلة الحركة مع تناول الوجبات أمام الشاشة تؤدي إلى زيادة الوزن.
مشاكل النوم: الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يعوق إفراز هرمون النوم "الميلاتونين"؛ ما يجعل الطفل ينام بصعوبة ويستيقظ مرهقاً.
مشاكل النظر: الاستخدام المطول يؤدي إلى إجهاد العين والإصابة بقصر النظر في سن مبكرة.
آلام الرقبة والظهر: الوضعيات الخاطئة أمام الأجهزة تسبب مشاكل هيكلية على المدى الطويل.
قصص من قلب العيادات الطبية
عن أثر الشاشات، تروي إحدى الأمهات أن طفلها البالغ من العمر أربع سنوات بدأ يعاني من تأخر في النطق لأنه يقضي ساعات طويلة أمام مقاطع الكارتون، وعندما عرضته على الطبيب أكد أن السبب الرئيسي هو قلة تواصله اللفظي مع المحيطين به.
وفي قصة أخرى لطفل في السابعة من عمره، وقد أُصيب بزيادة كبيرة في الوزن بعد أن أصبح يقضي معظم يومه في ألعاب الفيديو؛ ما تطلب تدخلاً طبياً عاجلاً لتصحيح نمط حياته.
كيف نحد من استخدام الشاشات في حياة الطفل؟
وضع قواعد واضحة، تحديد أوقات معينة يومياً لوقت الشاشة وعدم تجاوزها.
البدائل التفاعلية، تشجيع الطفل على اللعب الحر في الهواء الطلق أو ممارسة الهوايات.
المشاركة العائلية، مشاهدة المحتوى مع الطفل ومناقشته بدلاً من تركه وحيداً أمام الشاشة.
إبعاد الأجهزة عن غرفة النوم، خاصة قبل ساعتين من النوم.
ماذا لو كان الطفل متعلقاً جداً بالشاشة؟
التحرر من الإدمان على الأجهزة ليس سهلاً. إليك خطوات تدريجية:
تقليل الوقت يومياً بضع دقائق حتى الوصول إلى الحد المسموح.
تقديم مكافآت صغيرة عند الالتزام بالقواعد.
شغل وقته بأنشطة ممتعة مثل الرسم، الألعاب اليدوية، أو قراءة القصص.
تقليل استخدامنا الشخصي للأجهزة أمامهم يعلمهم بالقدوة؛ إذ من الصعب أن نطلب من الطفل الابتعاد عن الهاتف إذا كنا نحن لا نفعل ذلك.
إليك سيدتي:
الأجهزة الذكية أداة رائعة إذا استُخدمت باعتدال، لكنها ليست مربية ولا بديلة عن التواصل الإنساني.
الطفل يحتاج إلى عينيك وصوتك واحتضانك أكثر من أي شيء آخر.
كل دقيقة يقضيها أمام الشاشة يمكن أن تُستبدل بها دقيقة لعب أو حديث أو قصة تشكل ذكرياته وشخصيته.
الحل ليس في منع التكنولوجيا بالكامل، بل في إدارتها بحكمة؛ حتى لا تتحول إلى عدو صامت يسرق طفولته.
=================
التسريع الافتراضي.. طريق الموهوبين نحو آفاق أوسع
د. إبراهيم بني حمدان
إن فئة الموهوبين تعد من أكثر فئات التربية الخاصة إثارة للجدل، حيث يتمتع أصحاب هذه الفئة بمجموعة من الصفات والخصائص التي تميزهم عن غيرهم من العاديين، مثل القدرة العقلية الفائقة، والصفات الشخصية كالقيادة، وإدارة المشاعر، والتعاطف، والقدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات.
وركزت التربية الخاصة بشكل عام على تقديم أفضل الخدمات التعليمية والاهتمام بجودة هذه الخدمات، مع التركيز بشكل أكبر على المعلم القائم على تقديمها.
ومن الخدمات الأساسية المقدمة لهذه الفئة برنامج التسريع الأكاديمي، الذي تقوم المدرسة من خلاله، بتمكين الطالب الموهوب من الترقي إلى مستوى أعلى من مستوى أقرانه في الفصل الدراسي، ليتلقى المزيد من المعلومات التي تتناسب مع كفاءته العقلية.
ومع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) والتقنيات الحديثة والتطبيقات الذكية المبتكرة، التي ساهمت بشكل كبير وفعال في تطوير الخدمات والبرامج التعليمية عبر توفير الحلول المناسبة لتوفير الوقت والجهد والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للموهوبين، ظهر ما يعرف بـ"التسريع الافتراضي".
وهي استراتيجية حديثة تعتمد على التكنولوجيا والتعليم عن بعد، وتهدف إلى تمكين الطالب الموهوب من التقدم بوتيرة أسرع من أقرانه في الفصل الدراسي، ولكن من دون الانتقال الفعلي إلى الصف، أي الانتقال الافتراضي. فهي تتيح للطالب الوصول إلى مناهج أكثر تقدما وإثراء عبر منصات تعليمية افتراضية قد تكون جزئية في مادة معينة أو كلية تشمل المرحلة الدراسية كاملة، بما يحقق الاستثمار الأمثل لقدرات الطالب وعمق فهمه، مع تجنب القيود الزمانية والمكانية في المدارس والفصول التقليدية.
ومن الأمثلة على هذا النظام برنامج AP Online في الولايات المتحدة الأميركية، ومشروع Virtual High School في كندا، الذي يتيح للطلاب إكمال مواد الصفوف الأعلى عبر الإنترنت، إضافة إلى منصة موهبة في المملكة العربية السعودية. جميعها تسعى إلى تحقيق التسريع الافتراضي للطلبة الموهوبين، وتحفيز الابتكار، وتقديم الدعم الفردي، وإتاحة المرونة في التعلم في أي وقت ومن أي مكان دون قيود.