تقرير: روبرت سيشل وكريمة ادريسي /قال لامه حين زارها العام الماضي في هولندا: "كان زمنا اسود ذاك الذي قضيته لدى القساوسة بالمدرسة الداخلية"، حدقت فيه بدهشة ولم تصدقه. هي لا تفهم لحد الآن لماذا تخلى عن ديانته ليعتنق الإسلام.
 
إسلام يوسف
 يوسف تشارلز ايفرس، هولندي في التاسعة والخمسين، يملك محلا في دبي لبيع العباءات وأغطية الرأس. اعتنق الإسلام قبل ثمانية عشر عاما، ورحل من هولندا ومن الغرب برمته إلى بلاد شرقية بعيدة، هروبا من صور الماضي الأليم، ومن بشاعة الاستغلال الجنسي الذي تعرض له في المدرسة الداخلية الكنسية، حيث يقول: "بعد الفترة التي عشتها بالمدرسة الداخلية، حقدت جدا على ديني". اختار يوسف الإسلام لأنه يعتقد انه اعدل من الكاثوليكية، غير ان تقريرا لمنظمة هيومن رايتس وتش، يؤكد ان المدارس القرآنية لا تخلو من الاستغلال جنسي للأطفال. يقول يوسف: "إذا كان الأمر صحيحا فان حكم الإسلام في ذلك هو الإعدام. رهيب إذا كان الأمر صحيحا، لا أقول انه غير صحيح ولكن لم اسمع أبدا بالأمر من قبل بالرغم من أني اهتم كثيرا بالإسلام". يغيب يوسف فجأة لسؤال ابنه الذي يدرس بمدرسة قرآنية في دبي ثم يعود قائلا: "لا ابني لم يسمع بالأمر أبدا".
وعن أيام المدرسة الداخلية، لا يزال يوسف يتذكر تفاصيل التفاصيل، حيث يواصل قائلا: "كانت هنالك أقبية تحت بناية المدرسة. وبالأقبية كانت توجد خزانة للكتب الممنوعة بالكاثوليكية. وكان القرآن واحدا من هذه الكتب الممنوعة. بعد ذلك بسنوات طويلة، وحين كنت أقيم بالكويت، تساءلت لماذا كانت قراءة القرآن ممنوعة علينا، فقررت ان أقرأه واكتشفت بعض الأمور التي أكدت الارتياب الذي كان لدي آنذاك".
عاش يوسف فترة في الكويت حيث كان مقر عمله، وفي تلك الفترة اخبره احدهم عن التشابه الكبير بين الإسلام والمسيحية، والقرآن والإنجيل. لكن يوسف كان بحكم تجربته واثقا من ان هناك شيئا ما يبدو مبهما بالكاثوليكية بسبب سلوك الكهنة والقساوسة، فتعمق في بحثه ودراساته في هذا المجال، وبعد مرور ثلاث سنوات، توصل إلى استنتاج ان هنالك شيئا غريبا بالكاثوليكية. يحكي يوسف قائلا: "كان القس الذي يأتينا بالمدرسة لأخذ الاعتراف يقول: " اغفر لك ذنوبك، باسم الرب اغفر لك ذنوبك". كنت أجد الأمر غريبا، فكيف يغفر لي إنسان ذنوبي باسم الرب؟ قد يحكي المرء حكاية تثير الشجن ولكن كيف تعرف انه يقول الحقيقة؟ كما كان يجد عزوبية القساوسة والكهنة وتحريم الزواج غريبا، "بالرغم من أننا قد لا نعرف عن الأمر الشيء الكثير، باستثناء أننا كنا نمنع من كل ما يقربنا من المرأة أو الجنس، إلا إذا كانت ممارسة الجنس بين الرجال أنفسهم".
إسلام يوسف يعود بالأساس إلى ما فعله به القساوسة، وهو ما سبب نقمته على الكاثوليك. يقول يوسف ان الكاثوليك أضافوا كثيرا إلى الإنجيل وغيروا فيه وان البروتستانت لم يفعلوا ذلك فإنجيلهم اصغر حجما بستين أو سبعين صفحة من انجيل الكاثوليك.
 
حكاية يوسف
 
في سن الثانية عشرة، انتقل يوسف إلى كوليج سانت غابرييل في موك، وهي مدرسة كاثوليكية داخلية، وظل هناك إلى سن الثامنة عشرة. يتحدث إلينا يوسف هاتفيا من بيته في دبي قائلا: "ما أتذكره جيدا، هو ان الأكل كان سيئا للغاية. آباء اغلب الأطفال الذين كانوا بالمدرسة الداخلية، كانوا يعملون بشركات كبرى، وكانت المدرسة الداخلية تلك باهظة التكاليف، ولكن المشرفين على المطبخ، كانوا يشترون البطاطس الأسوأ والأرخص". والى جانب هذا يتذكر يوسف ان المدرسة كانت صارمة للغاية لكن تقريبا كل من يعرفه من تلك المدرسة الداخلية، خرج من هناك بجرح ما: "إنهم يحاولون جميعهم إثبات أنفسهم، تماما كما كان الأمر بالداخلية، فالداخلية ليست محيطا عاديا. ليس هناك أب ولا ام ولا حب بالطبع."
بين العام 1963 و1968، تم استغلال يوسف جنسيا. كان احد القساوسة الذي كان يدرس اللاتينية، يدعى بلارمينوس، مدرسا ليوسف. في نهاية الفصل، خلف مكتبه، كانت مباشرة غرفة التخزين. يقول يوسف: " طلب مني مرة ان أساعده في حمل الكتب إلى تلك الغرفة. حين دخلت الغرفة أغلق الباب خلفنا. استغربت. لم أكن أعرف شيئا عن الجنس إطلاقا. أخذ يدي ووضعها على عضوه التناسلي، بعد ذلك لطخت يدي بمادة وسخة..وحين غادرت غرفة التخزين، وجدت أمامي بعض زملائي يتضاحكون، وقالوا لي: يا لك من مغفل!"
تكرر الأمر مع يوسف، إلى ان صار يُغتصب من طرف بلارمينوس، مما زاد من آلامه، وحين استدعي مرة من طرف رئيس المدرسة فدخل مكتبه دون ان يطرق على الباب أولا، رأى مظهرا جنسيا مروعا.
ويتذكر يوسف صديقه بالمدرسة الذي كان مثله تماما يستغل جنسيا. بكى الطفل لوالده ليرحمه من تلك المدرسة الداخلية ولكن لم يكن من حق من يقيم هناك ان يزور أهله إلا في عطلة أعياد المسيح والعطلة الصيفية. وبلغ اليأس بالطفل مداه فرمى بنفسه من الطابق الثالث.
والدا يوسف لا يعرفان شيئا عما تعرض له..حين اعتنق الإسلام، كان والده قد توفي أما أمه فغضبت منه كثيرا. في العام الماضي اخبرها قائلا: كانت فترة سوداء في حياتي..ولكنها لم تصدق. فكر كثيرا في حرق بناية كوليج سانت غابرييل ليحرق معه كل ذاك الماضي الأليم، ولكن حين مر مؤخرا بسيارته من هناك..لاحظ ان البناية اختفت ولم تبق منها إلا الواجهة.

 

JoomShaper