عمان - نورما نعمات
الغيرة هي شعور طبيعي موجود عند الإنسان كشعور الحب والكره والألم والحزن، والغيرة عند الأطفال هي شيء طبيعي، ولكن بحدود المعقول. القليل منها يحفّز على التنافس ولكن كثرتها قد تؤدي الى تدمير الطفل وإحباطه وتعريضه للعديد من المشاكلات النفسية التي يجهلها الأهل في بعض الأحيان.
لا تنكر عبير ان ابنها رعد (5 سنوات) اصبح عصبياً، عنيفاً، كثير الحركة، لا يطيعها، وبخاصة بعد ولادة ابنها الجديد رامي، على رغم محاولاتها الحثيثة لمنحه اهتماماً اكثر من المولود الجديد، ولكن تبدو محاولاتها من دون جدوى، وقلقها الى ازدياد وبخاصة بعد ان حاول رعد ايذاء شقيقه رامي. طبيب الإرشاد النفسي والأسري ومدير مركز الأعماق للتدريب وتنمية الموارد البشرية، الدكتور حمد محارمة، يقول: «الغيرة جحيم لا يطاق وأثرها هدّام على نفسية الآباء والأبناء، والتعامل معها كمشكلة يحتاج الى جهد وبرنامج لتعديل سلوك الأهل اولاً، ثم استشارة الاختصاصي من اجل وضع خطه علاجية لسلوك الطفل، فالسلوك الإنساني مكتسب ويمكن تعديله او تغييره بأساليب تعديل السلوك».
تتحول الغيرة الى حالة مرضية اذا لم تُلاحظ بشكل دقيق ومدروس من قبل المحيطين بالأطفال، اذ يُشعر الطفل بأنه مهمل من الآخرين فيجعله يلجأ الى ممارسة سلوكيات غير مرغوب فيها تعبر بشكل صارخ عن احتجاج غير معلن، قد يؤدي الى انكفاء الطفل وانطوائه على ذاته ودخوله في حالة خطرة من الانزواء والعزلة، وقد يجد في نفسه شعوراً ورغبه اكيدة في الانتقام. ويوضح محارمة: «هذه الأمور كلها تحتاج الى برنامج متخصص في تعديل السلوك يأخذ جهداً ووقتاً طويلاً من المختص و الأهل».
ويشير الى أسباب متعددة للغيرة منها جهل الوالدين بأساليب الرعاية الصحيحة، وأيضاً اتباع بعض الآباء اسلوب التفرقة بين الأبناء، وربما يكون ذلك عن غير قصد «لكن المهم عندنا هو ادراك الطفل وليس ادراك الآباء». وغالباً ما تشكل ولادة طفل جديد في الأسرة مشكلة في ظل عدم مراعاة وجود الأطفال الآخرين، او ولادة طفل من جنس مغاير (ذكر على أناث، او انثى على ذكور). ويضيف: « هناك أيضاً بعض المزايا الشخصية التي تميز طفل عن آخر، وهذه المزايا تجعله مميزاً في نظر احد الوالدين او كليهما فيبدون مأسورين له من دون النظر الى مزايا الطفل الآخر».
ويعتبر محارمة أن على الوالدين «ان ينتبهوا الى عدم ممارسة اساليب التدليل للقادم الجديد في ظل وجود اخيه ظناً منهم انه لايفهم، بل على العكس فهو يفهم ويخزن ويكبت وما ان تتاح له فرصة الانفراد حتى نرى منه ما لم نكن نتوقع وعلى الأهل ان يتحملوا النتيجة».
ومن بين الدلالات على الغيرة «التبول غير الإرادي عند الأطفال، حتى بعد أن يكونوا قطعوا هذه المرحلة، والعدوان وهذا يأخذ اشكالاً متعددة والانطواء والانكفاء على الذات او التغوط عمداً، وقد تثير حالة من الهيجان والتمرد والنشاط الزائد الذي لا يطاق أو التمارض من دون سبب...»
ويرى محارمة ان القليل من الغيرة مفيد اذا كان الهدف ايجاد حافز تنافسي نحو امور مفضلة وبدلاً من ان نسميها غيره يمكن ان نسميها اثارة دافع تنافسي نحو الأفضل والعمل على تعزيز السلوك الجيد.

JoomShaper