بسمة عُزبي فريحات*
يشير البحث التربوي إلى أن الأطفال الصغار جدا، في عمر 5 سنوات وأصغر، هم الضحايا الأكثر بين الأطفال. وقد وضحت بيانات NCANDS لعام 1997 من مجموعة ولايات أمريكية أنّ الأطفال في عمر3 سنوات أو أصغر، يمثلون 77 بالمائة من الضحايا. وهؤلاء هم الأكثر تضررًا للعديد من الأسباب التي تتضمّن صغر حجمهم وعدم قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم.
فالطفل قد يقع ضحية للإساءة الجنسية من أقرب الناس إليه داخل المنزل أو في المدرسة، ‏ والكارثة الحقيقية هي الصمت المريب الذي يواجه به الأهل هذه المشكلة مما قد يدمر مستقبل الطفل. وتشير د‏.‏ إيمان أحمد خميس‏-‏ مدرس الصحة النفسية‏-‏ كلية التربية جامعة المنوفية، أن الإساءة الجنسية تبقى آثارها على المدى الطويل، إذا لم يتم التدخل السريع والايجابي للحد من الآثار الناتجة عنها‏,‏ فلا يزال هذا الموضوع يكتنفه الصمت مع عدم وجود إحصائيات حقيقية عنه‏,‏ بالإضافة إلى عدم التبليغ أو اتخاذ إجراءات ضد مرتكبي الإساءة خوفا من العار والفضيحة‏,‏ لا سيما عندما يكون مرتكبو الإساءة من ذوي الأرحام والأقارب والجيران‏,‏ ومن يعهد إليهم برعاية الأطفال كالخادم والسائق، ويكونون مصدرا لثقة الأطفال وحمايتهم‏..‏ ومع صمت الأهل تجاه ما حدث فإنهم لا يسمحون بعلاج هؤلاء الأطفال أو حتى استشارة طبيب أو معالج نفسي، للحد من الآثار النفسية المترتبة على هذه المشكلة‏.‏
وترجع د‏.‏ خميس الأسباب المؤدية للإساءة الجنسية في الطفولة إلى انعدام الرقابة‏,‏ وغياب التواصل والحوار الأسري وانعدام الخصوصية في المنزل لدرجة نوم جميع أفراد الأسرة في غرفة واحدة‏,‏ ورؤية مشاهد مخدشة للحياء في التلفزيون والتحدث أمام الطفل بألفاظ غير مناسبة وعدم وجود توعية سليمة‏,‏ وقلة المعلومات والإجراءات المتاحة للوقاية‏,‏ وقلة المهارات والإمكانات التي يستطيع بها الطفل دفع الإساءة أو محاولة منعها‏,‏ والتعهد برعاية الطفل لأفراد غير موثوق بهم وغير مؤهلين‏.‏
وفي الغالب يتم استدراج الطفل وإغراؤه بالمال والهدايا والحلوى إن كان صغيرا‏,‏ وقد يكون استدراجه لهذا النشاط مصحوبا بالتهديد بالضرب والعقاب‏,‏ أو بقتله إذا تكلم وأفشى السر، أو بتخويفه من عقاب الوالدين إذا علما بالأمر، لذلك يستسلم الصغير للمسيء، ويشعر بالعجز والخوف والذعر، ويصاب بأمراض جسمية ونفسية‏.‏
ولكن كيف نقي الطفل من الإساءة الجنسية أو الاعتداء؟‏
إن وقاية الطفل من الإساءة تستلزم توعيته بكيفية إقامة العلاقات الشخصية وطرق التعامل مع المعتدين وصدّهم‏,‏ وأهمية غرس الثقة بالنفس‏,‏ والوعي بالحقوق والمطالبة بها وتحمل المسئوليات‏,‏ والمصارحة والوضوح‏,‏ وعدم الغموض‏,‏ أو كتم الأسرار‏,‏ وطلب المساعدة ورفض الرشوة المتمثلة في الحلويات والهدايا‏.‏
ومن الضروري ايضا مساعدة الآباء لأطفالهم في مثل هذه المواقف وتدريبهم على عدم كبت مشاعرهم ومساعدتهم على استعادة إحساسهم بالراحة والاطمئنان‏.‏
وتنصح د‏.‏ خميس في حالة تعرض طفل لهذه الإساءة والأطفال بصفة عامة‏‏ ‏ بمزيد من الحب والحنان من الآباء والمعلمين تجاه الأطفال، وتقبل ما يقولون، والالتزام بالهدوء، وتصديق الأطفال فيما يقولون دون تعليق أو تجريح‏، ‏والمتابعة الواعية وتقديم الحماية قبل وقوع الخطر‏، ‏‏وإرشاد الآباء وإمداد الأبناء بالمعلومات التي تناسب مراحلهم العمرية وتحذيرهم من النتائج المترتبة على هذا النوع من الإساءة‏ ، ‏وتعليم الأطفال في المدارس، وفي سن مبكرة، فنون الدفاع عن النفس‏,‏ وبعض المهارات الخاصة بهذا الموضوع في جميع مراحلهم العمرية‏، ‏ومتابعة ما يشاهده الأطفال على شاشة التلفزيون، في سن مبكرة، ومنعهم من مشاهدة الأفلام أو الصور الإباحية، ومراقبة ما يشاهدونه على الانترنت‏.‏
وتقول ان إتباع ما سبق يزيد من قدرة الأطفال على فهم الإساءة ومنعها إن حدثت ومقاومتها.

*ماجستير في التربية/ وزارة التربية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

JoomShaper