إياد نزيــه الدرويش
تتنوع وتتعدد أساليب وطرق التعبير عن المحبة , فالكلمة الصادقة هي إحدى هذه الوسائل ويقال أنها إذا خرجت من القلب المرسل وجدت طريقها بسهولة ويسر إلى القلب المستقبل.
ولطالما كان للكلمة الطيبة الصادقة فعل السحر والتأثير في القلوب , وكم طوعت الكلمة كثير من النفوس المستعصية فكانت مفتاحا سريا لكثير من أقفال هذه النفوس ويا لهناء وسعادة من له القدرة على امتلاك هكذا مفاتيح !!
وتعتبر الابتسامة أيضا إحدى وسائل التعبير عن المحبة هذا عدا عما يناله صاحبها من أجر ففي الحديث الشريف أن تبسمك في وجه أخيك صدقة , والبسمة ( الصادقة ) هي انعكاس ومرآة للنفس من الداخل وقد قيل " ابتسم تبتسم لك الحياة  " ولعل القبلة من أهم وسائل التعبير عن المحبة لما لها من أثر , وهي من أقدر الوسائل على نقل ما في القلب بأسمى طريقة , وإحدى تعريفاتها الكثيرة هي أنها " الشيء الوحيد الذي لا تستطيع أن تأخذه دون أن تعطيه !! " ويقال أنك عندما تقبل فأنت لا تقبل بشفتيك بل بروحك وبكل نبضة من إحساسك .

دخل أحد الأعراب ذات مرة إلى الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فرآه يقبل حفيده الحسين وقد كان طفلا صغيرا فتعجب الأعرابي لذلك  وقال للنبي ( ص ) : والله إن لي عشرة من الأبناء لم أقبل أحد منهم قط !!! فرد عليه الرسول ( ص ) : " أو أملك إن نزع الله الرحمة من قلبك !!  من لا يرحم لا يرحم , ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء "  .

إن احتضان أطفالنا وتقبيلهم ليس أمرا اختياريا أو مندوبا نفعله أو لا نفعله , بل هو واجب يستتبع نزول الرحمات من الله , فالبداية إذا بالحب والحنان والرحمة .

لكن في مجتمعاتنا نرى ( غالبا ) أن الطفل ومن لحظة خروجه للحياة تبدأ عليه الإملاءات بالأوامر والنواهي , بما يجب أن يفعل وما لا يفعل , عليه منذ تلك اللحظة أن يحترم أباه وأمه , وألا يصدر الأصوات المزعجة وممنوع أن تصدر منه كلمة ( لا ) وما إلى ذلك , وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على نقص الوعي في ثقافة التربية وللأسف لدى الكثير من الآباء والأمهات .

قرأت منذ فترة قصة قصيرة مؤثرة خلاصتها أن طفلا أصيب بمرض عضال , وأمه تجلس بجانبه وتدعو له بالشفاء , لكنه رد عليها أنه لا يريد الشفاء  والسبب هو أنه يريد من أمه أن تبقى بجانبه ترعاه وتتحدث معه , تروي له القصص الجميلة وتمسح بيدها على رأسه وتقبله , فهذا الطفل لم يجد حنان أمه وقبلاتها له حين كان معافى فأراد ألا يفقدها بشفائه ففضل المرض !!!

والسؤال الذي يتبادر للذهن هنا هو : هل كان من الضروري أن يمرض هذا الطفل لتتذكر والدته في مرضه أنها قصرت كثيرا في منحه ما يحتاجه من الحب والعطف والمحبة والحنان ؟؟

هل من الضروري أن نفقد الشيء حتى نشعر بقيمته , ولماذا لا نعطي الأشياء حقها وهي بين أيدينا ؟؟ أم انطبق علينا القول " من تملك شيء زهد فيه !! "

هل تذكر أو تذكرين – عزيزي وعزيزتي – متى كانت آخر مرة قبلت فيها طفلك  وحضنته ؟

هل تذكر أو تذكرين متى كانت آخر مرة قلت له فيها .... أحبك ؟؟

ولماذا يكون ما نفعله بأبنائنا هو نتاج لسلوكيات وعادات ورثناها من صغرنا وترسخت في تصرفاتنا فما ذنبهم لنعاملهم بها ؟

وأختم في هذا المجال بنصيحة لكل أب وأم هي ألا تتركوا فرصة إلا وتخبروا فيها  أبناءكم بحبكم لهم وألا تفترقوا عنهم إلا بعبارة " أحبك "

أيها الآباء والأمهات : لا تطلبوا البر من أبنائكم إن لم تكونوا زرعتم فيهم تلك البذور منذ الصغر لتنمو وتكبر معهم

أما في الشعر فقد قيل الكثير والكثير عن القبلة وأثرها  , ولا أنسى قبلة الزوج لزوجته أو العكس , فهي من أكثر الطرق تعبيرا عن أن مشاعل الحب  بينهما لا تزال متقدة , ولطالما كان لها مفعول السحر في إذابة جليد الخصام وسوء الفهم الذي قد يحدث في أية لحظة بينهما

هذا ما قدرني الله عليه , فإن كان خيرا فمن الله وإن كان غير ذلك فمن نفسي , أتمنى لكم أحبائي جميعا دوام السعادة والهناء وموفور الصحة وراحة البال ودمتم سالمين .

JoomShaper