هاني الريس
يقول تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) صدر مؤخراً (1 مارس/ آذار 2011) تحت عنوان: «الأزمة المخيفة... النزاعات المسلحة والتربية»، إن عدد الأطفال المحرومين من التربية بسبب النزاعات المسلحة والتعرض للاغتصاب والعنف الجنسي، بلغ أكثر من 28 مليون طفل عبر العالم، ما يعني وجود أزمة مخيفة تفوق الواقع وتهدد حياة الطفولة البريئة في أكثر من مكان في العالم، فيما تحمل إجراءات التصدي وردع الأزمة في طياتها إلى ضعف وتراخي مستويات المساعدات الدولية لإنقاذ الأطفال من وحشية الابتزاز العاطفي والاستغلال الجنسي والدفع بهم في أتون الصراعات والنزاعات المسلحة وغيرها من المعارك العسكرية ذات الطابع الدموي المخيف.
ويشير تقرير المنظمة الدولية، إلى وجود قرابة 67 مليون طفل حول العالم، محرومون من الدراسة، يقيم 28 مليوناً منهم في دول فقيرة تشهد حروباً ونزاعات مسلحة، لكن التقرير يقول إن الرقم 28 مليوناص يعود لإحصائيات العام 2008، حيث لا توجد للمنظمة أية أرقام جديدة أعقبت هذا التاريخ.
ويقول كيفن واتكينز، المشرف على هذا التقرير: «إن أبرز المشاكل المطروحة تتمثل في عمليات استهداف الأطفال في المدارس بصورة متعمدة من قبل أطراف النزاع الذين يدفعون بالأطفال كوقود حرب في منازعاتهم القتالية العسكرية، ففي العام 2008 سجل في أفغانستان قرابة 374 هجوماً مسلحاً على مدارس عدة، ونحو 613 هجوماً مماثلاً في العام 2009، ومثل هذا الأمر يحدث في مناطق أخرى عديدة مضطربة في العالم، فالعنف الجنسي والاغتصاب لايزال يستخدم بشكل واسع النطاق كتكتيك حرب ضد الأطفال، والخوف من التعرض لاعتداءات جنسية يمنع نسبة عالية من الأطفال من التوجه إلى المدرسة وبخاصة الفتيات.
وأشار تقرير سابق للأمم المتحدة حول آثار النزاعات المسلحة على الأطفال، أن أعداداً هائلة من الأطفال يجندون كمقاتلين، وأن بعضهم استهدف خلال الهجمات على المدارس والمستشفيات ووقعوا ضحايا عمليات قصف جوي.
وطبقاً للتقرير الذي يرصد انتهاكات حق الأطفال في الحياة ووحدة العائلة والصحة والتعليم والحماية من العنف وسوء المعاملة والحق في تلقي المساعدة الإنسانية، أن هناك قرابة 300 مليون طفل متضررين من الصراعات والمنازعات المسلحة بينهم من لم يتخطَّ سن الخامسة من العمر.
ويبدو الوضع في هذا الوقت بالذات - بحسب المنظمة الدولية - أكثر صرامة ووحشية، بسبب انتشار الأسلحة الخفيفة والألغام والذخائر غير المتفجرة، إضافة إلى توسع عمليات ما يسمى الإرهاب وتدابير مكافحتها على حد سواء.
وبالرغم من فرط تكرار دعوة المنظمة الدولية إلى الدول والحكومات بشأن الوفاء بالتزاماتها لحماية حقوق الأطفال، من خلال تكثيف الجهود الرامية إلى تطوير التشريعات والسياسات والعمل لصالح الأطفال على المستوى الوطني، تتزايد أعداد الأطفال المنخرطين طوعاً أو المجندين قسراً في النزاعات المسلحة المحتدمة في العديد من مناطق التوتر في العالم، ما يعكس ثمة مشكلة إنسانية خطيرة ستبقى معلقة بأكثر من سؤال: متى ستحترم أطراف النزاع حقوق الطفولة البريئة، وهل تنجح مساعي الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية المتتابعة، في إصلاح أنظمة المساعدات الإنسانية للأطفال والتصدي لوحشية أعمال العنف والاغتصاب الجنسي الذي يستخدم ضدهم كسلاح في النزاعات الوطنية والدولية؟
هاني الريس - كاتب وناشط سياسي بحريني -الدنمراك (عام)
النزاعات المسلحة... ومآسي الأطفال
- التفاصيل