الدستور -جمال خليفة
المشاكل السلوكية عادة ما تظهر قبل سن سبع السنوات. وكثير من المدارس لديها اطفال يعانون من هذه المشكلة.. لكن المشكلة الاكبر هي ان قلة من المعلمين لديهم المعلومات الكافية عنه.. وعن كيفية التعامل مع الطفل.
فالاطفال الذين يعانون من كثرة النشاط الحركي ليسوا باطفال مشاغبين ، او عديمي التربية ، لكنهم اطفال عندهم مشكلة مرضية لها تأثير سيئ على التطور النفسي للطفل وتطور ذكائه وعلاقاته الاجتماعية. ويواجه اهل هؤلاء الاطفال صعوبات كثيرة ، فبالإضافة الى المجهود الكبير الذي يبذلونه في التعامل مع هذا الطفل ، إلا أنهم متهمين من قبل الجميع بعدم قدرتهم على التربية.. وهذا بحد ذاته ضغط نفسي اضافي. فينتج عن ذلك قسوة على الطفل ولكن لا فائدة. الاعراض
كثير من الاطفال يكونون في فترة من فترات حياتهم مشاغبين ودرجة حركتهم زائدة بعض الشيء او درجة انتباهم ضعيفة نوعا ما.
لكن ما نتحدث عنه هنا هو درجة غير طبيعية من النشاط الحركي الزائد وضعف التركيز تكون موجودة في اكثر من مكان مثلا في البيت والمدرسة.. وليس فقط في موقع واحد.. وتعتبر هذه النقطة جدا مهمة في التشخيص ، حيث تفرقها عن امراض نفسية اخرى.
الاعراض الرئيسة
قلة الانتباه: يتصف هؤلاء الاطفال بأن المدة الزمنية لدرجة انتباههم قصيرة لا يستطيعون ان يستمروا في انهاء نشاط او لعبة معينة. يبدون وكأنهم لا يسمعون عندما تتحدث اليهم عادة ما يفقدون اغراضهم او ينسون اين وضعوا اقلامهم او كتبهم.
زيادة الحركة: لا يستطيعون ان يبقوا في مكانهم ومقاعدهم فترة بسيطة. وعادة ما يتسلقون و يجرون في كل مكان في البيت وفي السوق يوصفون بانهم لا يهدؤون ابدا.
الاندفاع : يجيبون عن الاسئلة قبل الانتهاء من سماع السؤال. لا يستطيعون ان ينتظروا دورهم في اي نشاط ويقاطعون في الكلام.
التشخيص في دول اوربا وبريطانيا على حسب تقسيمة الامراض النفسية يشترط وجود الثلاث اعراض. لكن في الولايات المتحدة لا يشترط ذلك ، لذا نرى ان نسبة الاصابة في امريكا هي 10 - %20 اكثر منها في بريطانيا حيث نسبته 5% فقط ، وذلك لاختلاف في شروط التشخيص.. لكن واضح ان المشكلة موجودة فوق ما كنا نتوقع.. ونسبة الاصابة في الاولاد اكثر من البنات 4:1.
وكما ذكرنا ان هذه المشكلة لها تاثير على تطور الطفل ودرجة تحصيله العلمي ، فكثير من الابحاث اثبتت ان نسبة كبيرة منهم يعانون من صعوبات التعلم ( مثل الدسلكسيا).
الاسباب
السبب الاساس غير معروف.. الوراثة لها عامل مهم جدا ، حيث ما اظهرته الابحاث الاخيرة على التوائم ان نسبة الوراثة تصل الى %80 وهي نسبة تعتبر عالية جدا. أي اصابة للجهاز العصبي قبل او اثناء الولادة لها تأثير.. نقص الاوكسجين ، الولادات المبكرة ، إصابات المخ بسبب التهابات او سموم. تناول الأم أدوية معينة اثناء فترة الحمل.. ايضا التعرض لنسبة عالية من مادة الرصاص. خــــلل في وظــائف الدماغ الكيميائية. ايضا العوامل الاجتماعية لها تأثير.. مثل الاطفال المحرومين عاطفيا او من هم تحت تأثير مشاكل نفسية.
التشخيص:
يتم عن طريق فحص الطبيب النفسي للطفل.. فاعراض هذا المرض تتداخل كما ذكرنا مع اعراض امراض نفسية اخرى كالقلق.. التوحد.. وبعض امراض سلوكية اخرى. ايضا من المستلزمات مليء بعض الاستبيانات والمقياسات السلوكية من قبل اهل الطفل ومن قبل معلميه ، حيث هذه تعتبر قاعدة مهمة لكل طفل لمعرفة درجة مقياس سلوكه ومدى تقدمه في العلاج. وكذلك الملاحظة الميدانية فى المدرسة ومراقبة الطفل في الصف وفي ساحة المدرسة.

وفي بريطانيا يقوم المعلمين والمشرفين على الطلاب بتحويل التلاميذ الى العيادات النفسية الارشادية للا طفال ، وذلك بعد تنفيذ الخطة الفردية للطفل والمسماة (IEP).

العلاج

1 - المساعدة التعليمية: بعض الاطفال يعانون من مشاكل صعوبات التعلم كما ذكرنا (وهذه ليست لها علاقة بمستوى الذكاء).حيث يستفيدون من بعض الحصص الاسبوعية المخصصة لصعوبات التعلم.

2 - العلاج السلوكي: وهو مهم جدا حيث يوضع برنامج خاص للطفل ينفذ في البيت بالتعاون مع الأهل ، وفي المدرسة بالتعاون مع المعلم. ويعتمد على نظام التعزيز للتصرفات الجيدة وهو فعال اذا نفذ بطريقة صحيحة.

3 - الادوية: هناك بعض الادوية الفعالة ، ونذكر على سبيل المثال المنشطات. فبالاضافة الى انها تقلل من الحركة الزائدة فانها ترفع الاداء العقلي وتزيد من قوة التركيز. بعض الاعراض الجانبية والتي نحب دائما ان يكون الاهل على علم بها : كالارق ، فقدان الشهية ، العصبية.

اعراض لا تحدث باستمرار: مثل صداع ، دوخة ، غثيان ، احمرار في الجلد ، نقصان في الوزن ، اختلاف فى ضغط الدم.

ما هو دور المدرسة

المدرسة لها تاثير قوي وفعال في مساعدة الطفل ، كما ذكرنا قد يكون المعلم اول من يحول الطفل الى العيادة بعد موافقة الاهل في بعض الدول. دراية المعلم بهذا الموضوع جدا مهمة.. حيث ردة فعله وتعامله مع الطفل يختلف عند معرفة سبب هذا السلوك.

و لا احد ينكر المجهود الجبار الذي يقوم به المعلم.. فعمله شاق يستنفد كل الطاقات.. ولكن مهارته وابداعه وتميزه عن الاخرين تكمن هنا في تغير مسار هذا الطفل الذي يواجه صعوبات مختلفة.. فالمعلم يعتبر الاساس في خطة العلاج. ففي بعض الاحيان وبسبب تعاون المعلم وتفهمه لخطة العلاج السلوكي ، نستغني عن العلاج بالادوية.

JoomShaper