هاشم سلامة/الرأي
اذا احسن الوالدان كلاهما او احدهما تأمل نشاطات طفلهما واهتماماته منذ الصغر، استطاعا ان يحددا نوعية ميوله واستعداداته ومجالات تفكيره ودرجة قدرته على الابتكار والابداع بشكل تعجز عنه وسائل القياس.
ويعكف العلماء حاليا على وضع مقاييس جديدة لمعرفة درجة الابتكار والابداع عند الانسان صغيراً كان أم كبيراً، وكما ان اختبارات الذكاء تمثل قدرة الانسان على استنتاج الاجوبة الصحيحة في وقت معين، فان اختبارات التفكير تبحث في استعداد الفرد للاختراع والابتكار.
وفي هذا المجال فان العالم رينيه ديكارت في القرن السابع عشر قال ان قدرة الانسان على التفكير والابتكار لا يمكن تفسيرهما عن طريق أي جهاز عضوي ذي صفة آلية، لان هذه الظواهر من صنع الله تعالى، وبعد 300 سنة من عهد ديكارت بالنسبة لهذه النظرية فان العلماء ما زالوا عاجزين عن تعريف انواع العمليات العقلية التي تصاحب الافكار، وبالتالي فما من احد يعلم حتى الان كيف يقوم المخ بهذه العمليات.
ويقول العلماء إن ابسط عمليات الادراك وتفهم المرئيات تعتمد على تكوين نموذج ذهني خيالي في عقل الانسان ومن المحتمل ان تكون الاجهزة المسؤولة عن ايجاد النماذج العقلية هي نفسها التي تُنتج النظريات والأفكار، وان ابداع الرسام والشاعر والمبدع ينتج داخل المخ اولا على صورة نموذج قبل تنفيذها، وترجمتها على الورق.
ونعود للطفل الذي تظهر عليه بوادر الموهبة والابداع، فإن على الاهل ان يراقبوا هذه الظواهر التي يلاحظونها في طفلهم دون غيره من اقرانه سواء اخوته او اصدقائه، فعليهم والحالة هذه ان ينموا هذه الظواهر، فبالنسبة للرسم مثلا يجب ان يجهزوا له لوازم الرسم الكاملة من ألوان وأوراق، ونماذج وصور وان يصدروا احكامهم عليه بالثناء والاطراء حتى يدفعوه للمزيد من الثقة بالنفس، وبالتالي تقدم وتطور ملكة الابداع لديه، وان يساعدوه في عرض رسوماته في معرض المدرسة او أي معرض متخصص بالاطفال. وبمجرد ان يحصل الطفل على اول جائزة على ذلك فانه يصبح في حالة تدفعه للمزيد من الابداع والاتقان، وتتطور لديه ملكة التخيل بابتكار رسومات اخرى. وكذلك الحال بالنسبة للطفل الذي يبدأ بمحاولات شعرية، وحتى لو كانت بسيطة فانها تتطور بالمطالعة والاطراء والتشجيع من الوالدين او المدرسين. ونشير هنا الى ان بعض الآباء يضجرون اذا ابلغهم ابناؤهم عن اشياء تخيلوها فعلى الاباء هنا ان يشجعوا هذا التخيل لا ان يهملوه.. وان يطلبوا من طفلهم ترجمة هذا التخيل الى حقيقة ملموسة، فالطفل الذي يتخيل شجرة يانعة وعليها مجموعة من الطيور، يُطلب منه ان يرسمها ويلونها، ودون ذلك فان الاب الذي يضيق بهوايات ابنه انما يقتل طموحه دون ان يعلم. فيا ايها الاباء لا تهزأوا بتخيلات اطفالكم او هواياتكم او ترديدهم لبعض الشعر، بل شجعوهم، وخذوا بأيديهم، وساعدوهم على التقدم والتطور في هذه الظواهر العقلية الخاصة.
تنمية ميول الطفل ومواهبه
- التفاصيل