القاهرة: مروة حداد
الأبناء هم نعمة من الله عز وجل وأمانة فى أعناق إبائهم يحتاجون دائما للرعاية وبذل المزيد من الجهد لتربيتهم تربية سليمة ولا يتحقق هذا الأمر إلا بإتباع تعاليم الدين الإسلامى الحنيف وتنشئتهم على أسس قويمة وتعميق علاقتهم بالخالق عز وجل فقد حثنا الرسول صلى الله علية وسلم أن نرعى أبناءنا وأن نبدأ بتعليمهم مفاهيم الدين الإسلامى وممارسة العبادات مثل الصلاة والصوم منذ الصغر حتى يشبوا على حب الله.
وتقول الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقة الإسلامى بجامعة الأزهر أن الاهتمام بالأبناء خلال شهر رمضان وتنظيم يومهم وتدريبهم على الصيام يجب أن يكون من أولويات الأسرة المسلمة فعلى الأب والأم أن يعدّا أبناءهم لاستقبال هذا الشهر وأن يغتنما كل فرصة لبث القيم التربوية في نفوسهم مثل: قيم التحمل والصبر والتراحم والتعاون والتكافل بالإضافة إلى تدريبهم على العبادات والصلاة في المساجد بصحبة الأسرة فمسئولية تربية الأبناء مسؤولية عظيمة حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، والمرأة راعية ومسؤولة في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ) أى أولادها فقد قال الله سبحانه وتعالى فى سورة التحريم (يا أيها اللذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايؤمرون ) ومعنى الآية كما جاء فى تفسير ابن كثير هو أن تأمر نفسك وأهلك من زوجة وأولاد وما إلى ذلك من أناس مسؤولين منك بطاعة الله وان تنهيهم عن معصيته ويتفق مع هذه الآية الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال «مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها» وقد اجمع العلماء أن مايفعل مع الصلاة يفعل مع الصوم ليكون بمثابة التمرين والتدريب للأطفال على العبادات ولكى يبلغ الطفل وهو مستمر وقادر على الطاعة والعبادة. وتضيف الدكتورة سعاد أن التدريب على الصوم يكون كل حسب سنه وقدرته ولابد من تهيئة الطفل نفسيا وبدنيا لاستقبال شهر رمضان فتعويد الطفل على الصيام في سن صغيرة يحمل العديد من الفوائد فمن خلاله يستطيع أن يتحكم في رغباته ويقوي إرادته ويدفعه للإحساس بالآخرين ولكن لابد من تدريبه على الصيام تدريجيا حتى لا يؤثر ذلك على نفسية الطفل ويأتي بنتائج عكسية في علاقته بالصيام فمثلا يمكن تأخير الفطور حتى أذان الظهر ومع الوقت يزيد ساعات الصيام ليفطر مع العصر، وهكذا حتى يصل لسن التكليف التى شرعها الإسلام فيكون قادرا على صيام شهر رمضان كاملا ويجب أن يحاول الآباء تعليم أطفالهم أن الصيام هو الفريضة التي تكون بين العبد وربه ولا يمكن أن يعلم حقيقتها إلا الله فمن الممكن أن يتظاهر الشخص بأنه صائم ثم يأكل ويشرب عندما يخلو إلى نفسه فعلى الآباء أن يفهموا الطفل أن الله مطلع عليه ويراه حيث لا يراه الناس وبذلك يدرك الطفل معنى الأمانة والتحمل والصبر على الجوع والعطش فيجب أن نستفيد من الصيام ونحبب أبناءنا فى الصدق والأمانة وعدم ادعاء شىء مخالف للواقع حتى لو كان هذا الأمر سيغضبنا ومن الممكن أن تغرس الأم هذه القيم النبيلة فى أطفالها من خلال حكاية بعض القصص القرآنية وقصص السنة بطريقة سهلة ومبسطة، كما أن الصدق مع النفس ومع الله في الصوم يجعل من السهل على الفرد أن يصدق مع الناس قولاً وعملاً، وأهم من ذلك وجود القدوة الصادقة من الآباء والأمهات لأن افتقاد القدوة العملية يفقد الطفل الثقة فيما يقوله الكبار ولذلك فيجب على الأم أن تحدث أبنائها دائما عن فضل الشهر الكريم وأبواب الجنة المفتوحة وأنه فرصة لكل واحد أن يزيد حسناته ويتقرب إلى الله وأنه دليل على حب الله وطاعته ونتيجته تكون رضاء الله وتحقيق لكل رغباتنا بعد ذلك فى الدنيا وهذا أفضل بكثير من الآباء الذين يجبرون أبنائهم على الصوم دون ترغيبهم فيه مما يؤدى الى نتائج عكسية وأضرار اجتماعية ونفسية تؤثر فيما بعد على الطفل وتعلمه الكذب والخيانة وعدم الأمانة لان الطفل يحاول إظهار غير الحقيقة لوالديه خوفا منهما وفرارا من إلزامهما ولذلك فإن استخدام اللين و الإقناع من أهم السبل لتعويد الطفل على الصيام ومن الممكن أن تحاول الأم إشغال الأبناء في نهار رمضان بأشياء مفيدة حتى لا يشعروا بألم الجوع والعطش ويمر عليهم الوقت دون إحساس بالجهد والتعب كما أن هناك آباء هم الذين يفرطون في تدليل أبنائهم ويرفضون رغبة الأبناء في الصيام حتى ولو كان هذا في سن مناسبة إشفاقا عليهم من مشقة الصيام وهذا الأمر أيضا له مخاطره على الأبناء وتحذر الدكتورة سعاد من خطورة الشفقة الزائدة والحنان المفرط على الأطفال ومنعهم من الصيام لأن ذلك يؤدى إلى حرمانهم من فوائد تربوية ودينية عديدة وقد تؤدى بالطفل إلى فقدان الثقة بنفسه إذا تكرر هذا الأمر كثيرا كما أنها تقتل في الطفل روح المبادرة والمغامرة وفى النهاية يجب ان يعلم الآباء جيدا إن مرحلة الطفولة مرحلة مهمة جداً في بناء الشخصية والتكوين وأن الاهتمام بأسلوب تربية الأبناء واجب شرعى يثاب فاعله ويعاقب تاركه.



ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة

JoomShaper