إعداد الدكتور أنور نعمه
ما زال ذكاء الطفل موضع نقاش بين العلماء، فمنهم من يقول إنه وراثي صرف، أي يأتي مع الطفل منذ ولادته ويبقى معه من دون ان يتغير، في حين لا ينكر آخرون أهمية العامل الوراثي، إلا انهم يؤكدون ان للعوامل البيئية دوراً بارزاً في تنمية ذكاء الطفل، وفي هذا الإطار يقول خبراء الـتغـذية بـوجـود عـناصر غـذائـيـة لـهـا مـكـانتها في رفع نسبة مستوى ذكاء الطفل أهمها الآتية: - الزنك، فهذا المعدن يدخل في تركيبات حيوية استراتيجية للخلايا العصبية، لذلك لا غرابة في ان يلعب هذا المعدن دوراً في تعزيز القدرات العقلية، من خلال مساعدة الطفل على زيادة التركيز، وتحسين الأداء الأكاديمي في المدرسة، والاستيعاب، أي رفع قدرة التحصيل العلمي. ويمكن الحصول على الزنك من أغذية عدة لعل أهمها المأكولات البحرية (خصوصاً الجمبري أو الروبيان أو القريدس)، والدواجن والكبد والحبوب الكاملة واللبن والعسل الأسود واللحوم والمكسرات والبيض. ويجب الحرص على ضمان تأمين حاجة الجسم من الزنك، وبحسب بعض الباحثين، فإن الكميات الموصى بها اليوم غير كافية، ومن الضروري رفع مستواها لتلبية متطلبات الجسم.
- الليسيتين، وهي مادة تشكل جزءاً من بنية الخلايا العصبية الدماغية، وهي مهمة جداً للعمل الذهني كونها تحتوي على الكولين الذي يعتبر أحد النواقل العصبية الأساسية على صعيد تأمين التواصل ما بين الخلايا العصبية وفي تحسين الذاكرة وزيادة معدل الذكاء. وتتوافر مادة الليسيتين في اللحم والبيض والقمح والكبد والفول السوداني والترمس، ويعتبر البيض وفول الصويا من أهم المصادر الغنية به.
- المنغنيز والفوسفور والكبريت، ويساعد الأول الجسم في إنتاج الناقل العصبي الأسيتيل كولين. أما الثاني والثالث فيعملان سوياً لإنتاج مادة الليسيتين المذكورة.
- فيتامينات المجموعة ب، وتساعد هذه في إنتاج الطاقة اللازمة لعمل المخ، وكذلك تشترك في إنتاج النواقل العصبية الضرورية لوظائف الدماغ. ويعتبر الفيتامين ب5 الأهم بينها كونه يتحول في المخ الى مادة البنتوتيتين التي تساهم بدورها في تكوين معامل الأنزيم أ، والمعروف عن هذا الأخير انه يعزز أداء الدماغ عبر تشجيعه على إنتاج الناقل العصبي الأستيل كولين، كما يعمل على تسهيل نقل الرسائل العصبية.
- الفيتامين سي والفيتامين ي، ويعملان على مساعدة خلايا المخ في تسجيل المعلومات واسترجاعها عند الطلب. ويوجد الفيتامين سي في الفواكه الحامضية وفي الخضروات الورقية الخضراء. أما الفيتامين ي، فيوجد خصوصاً في الزيوت النباتية (خصوصاً زيت عباد الشمس، وزيت جنين القمح) والفول السوداني والمانغا والمكسرات والبطاطا.
- الأحماض الدهنية (اوميغا-3) التي تلعب دوراً مهماً جداً في تنمية الذكاء وتنشيط العمليات العقلية، خصوصاً إذا عرفنا ان وجودها ضروري لنمو دماغ الطفل في الأشهر الأخيرة من الحمل والأشهر الأولى بعد الولادة. فقد كشفت الاستقصاءات العلمية ان عدم تناول الحوامل حاجتهن من الأحماض الدهنية (اوميغا-3) يؤثر سلباً في نمو مخ الطفل وتطوره، وبالتالي ليس مستبعداً أن يترك هذا النقص تراجعاً في القدرات الذكائية للطفل. ان دماغ الطفل أحوج ما يكون الى هذه الأحماض الدهنية، من هنا يتوجب على الحامل أن تتناول الكمية اللازمة في الأشهر الأخيرة من الحمل، وكذلك أن تتوخى تأمينها للطفل بعد الولادة. وتتوافر الأحماض (أوميغا-3) في السمك، وزيت السمك، وزيت اللفت وزيت بذر الكتان والجوز واللوز والبندق وزيت الكولزا وزيت فول الصويا وزيت الكانولا. وإذا أخذنا برأي الدكتورة اليزابيث وورد مؤلفة كتاب حول تغذية الأطفال، فإن وجبات هؤلاء يجب ان تحتوي على خمسة أطعمة تزيد مستوى ذكائهم، وهي:
1- زبدة الفستق، التي تحتوي على الأحماض الدهنية الجيدة المسؤولة عن تعزيز القدرات الذهنية والمهارات الإدراكية.
2- الحليب الكامل الدسم، الغني بالأحماض الدهنية المشبعة ومادة الكوليسترول. ان الأطفال على عكس الكبار، في حاجة ماسة الى الأدهان المشبعة والكوليسترول من أجل بناء الخلايا العصبية وتنشيطها.
3- البيض، وهو غني بمادة الليسيتين والكوليسترول والبروتينات والمعادن والفيتامينات المهمة للخلايا العصبية الدماغية.
4- السمك، خصوصاً سمك التونة، الغني بالأحماض الدهنية العديدة عدم الإشباع التي توجد في شكل طبيعي في صلب الخلايا الدماغية.
5- اللحم الأحمر، وهو غني بالبروتينات والحديد وفيتامينات المجموعة ب، خصوصاً الفيتامين ب12 الذي يسهم في صنع كريات الدم.
وطبعاً يجب عدم إغفال دور الرضاعة الطبيعية من الثدي في زيادة الذكاء عند الطفل، ولكي تؤتي هذه ثمارها في ما يتعلق بالذكاء، لا بد من إرضاع الأم طفلها مدة لا تقل عن ستة أشهر، وفي حال إرضاع الطفل مدة تقل عن ثلاثة أشهر، فإن الذكاء يتدهور الى ما دون المتوسط.
وتنمية ذكاء الطفل لا تتم عبر الغذاء وحسب، بل هناك أنشطة لها دورها في هذا المجال، من أهمها:
> قراءة القصص وكتب الخيال العلمي التي تساهم في توسيع آفاق الطفل الذهنية، وفي دعم قدراته العقلية، وتساعد في توجيهه لاتباع الأساليب الصحيحة في التفكير، وكذلك في ترسيخ الاتجاهات الإيجابية لديه.
> اللعب، والمقصود به اللعب التخيلي الذي يتطلب مزيداً من الانتباه والحذر والاستنباط والمباغتة، إضافة الى إيجاد الحلول البديلة لوسائل افتراضية. ان مثل هذا النوع من اللعب يشحذ الذكاء وينمّي القدرات العقلية للطفل، كما يحقق له الرضا النفسي والاجتماعي الذي يعود عليه بالنفع.
> المسرح، ان تشجيع الطفل على حضور المسرحيات المدرسية والمشاركة فيها بفاعلية مهم جداً في تنمية ذكائه، لأنها (المسرحيات) تلعب دوراً بالغ الأهمية في نضوج شخصية الطفل عبر تأثيرها إيجاباً في اتجاهاته وميوله.
وينبغي تشجيع الطفل على ممارسة الألعاب الذهنية كالشطرنج والكلمات المتقاطعة وحل الألغاز والرسائل المشفرة وغيرها، فهي رياضات ذهنية تعزز من مهارات الطفل في إيجاد الحلول اللازمة للمشكلات وبالتالي في اتخاذ القرار الحاسم.
وفي خصوص ألعاب الفيديو، فعلى رغم صيحات التحذير التي أطلقها كثيرون، الا أنها، وبحسب العلماء، تنمّي المهارات التفكيرية والإبداعية وتشجع على العمل الجماعي، شرط انتقاء الألعاب التعليمية التي تراعي معايير الجودة المطلوبة.
> الرسم والموسيقى، ويساعد الرسم في تنمية ذكاء الطفل وتفكيره من خلال وضع اللمسات المبتكرة وتقصي التفاصيل المطلوبة. كما يعتبر وسيلة تواصل مع الآخر يحاول فيها الطفل نقل رسالة صادقة عما يدور في تلافيف مخه المتشعبة. أما الموسيقى فإن سماعها من جانب الطفل منذ صغره من شأنه ان يسهم في تعزيز مهاراته العقلية والإدراكية.
> الأنشطة المدرسية، بكل أشكالها وألوانها، تخلق لدى الطفل مهارات وقيماً وعادات وأساليب للتفكير والتواصل، وبالتالي فهي لا تصب في بناء وصقل شخصية الطفل وحسب، بل في خانة تنمية ذكائه.
> الأنشطة الرياضية، فهي تزرع النشوة والسرور، وتبعد شبح الخمول والكسل، وتكسب الطفل اللياقة البدنية، وتعزز قدراته الذهنية والذكائية.
دار الحياة