هذان مقالان مترجمان من "الهيرالد تريبيون"الاميركية الصادرة في أوروبا وآسيا في موضوع الحجاب إحداهما لأوربية تفكر بأصالة عن نفسها والآخر لمن تدعي أنها مسلمة عربية مصرية توسع لها الصحف العربية المنابر
لا تخطئن بالاحتساب الأوربية الغربية هي التي تدافع عن الحق في الحجاب بوصفه جزء من حقوق الإنسان في اختيار اللباس والمخطوفة المسلمة العربية المصرية هي التي تهاجم الحجاب!!!
أليس هذا بعض البلاء؟!

 

أصلاء ومخطوفون
حجابي الكامل ليس شأنكم بقلم رونالد سوكول

الهيرالد تريبيون
ترجمتهما نسرين ناضر

ليس الحجاب الكامل مرحّباً به في فرنسا"، هذا ما أعلنه الرئيس نيكولا ساركوزي بوقار في خطاب "حال الاتحاد" الشهر الماضي. وفي كلامه هذا، ضل السبيل قانونياً وفلسفياً وأخلاقياً، حتى ولو كانت سياسته سليمة ربما.
التخمين المطّلع هو أنه لم يعد هناكأكثر من بضعة آلاف امرأة في فرنسا يرتدين الحجاب الكامل أو النقاب، وهو عبارة عن ثوب فضفاض من الرأس حتى أخمص القدمين يغطّي الوجه بفتحة للعينين أو بحجاب لإخفاءالوجه. قد تنقضي أشهر من دون .
حجب الوجه عن أنظار الآخرين هو طريقة يحمي بها الشخص مجهوليته. يرتبط الحق في المجهولية، إن كان من وجود لمثل هذا الحق، عن كثب بالحق في الخصوصية الذي يضمنه القانون المدني الفرنسي والاتفاقية الأوروبية حول حقوق الإنسان. في الشوارع العامة أو في سوق في الهواء الطلق، تتمتّع مجهولية الشخص بالحماية القانونية من المصوّرين فباستثناء التمكّن من تحديد هوية الشخص، لا يبدو أن هناك مصلحة عامة مشروعة في إرغام الآخرين على الكشف عن وجوههم.
قواعد اللباس موجودة في فرنسا كما في أي مكان آخر، غير أن تطبيقها يتم من خلال الأعراف الاجتماعية لا القانون. ليست هناك قواعد لباس إلزامية في فرنسا خارج السجون، وإلى حد ما المدارس.
الغريب هو الحماسة الفرنسية الشديدة والمفاجئة للامتثال، لا سيما أنه لم يُظهر أي بلد كم فرنسا احتراماً للتعبير غير المكبوح عن الفردانية. وهذا التعبير هو أشبه بفكرة موسيقية رئيسية تُعزَف منذ [الشاعر] فرنسوا فيون في القرن الخامس عشر إلى [الشاعر والمغنّي] جورج براسينز في القرن العشرين.
غير أن الرئيس ساركوزي لم يستند سوى إلى رمال الحدس المتحرّكة ليستنتج أن الحجاب الكامل يرمز إلى خضوع النساء. وقد توصّل مجلس الدولة، وهو أعلى محكمة للشؤون الإدارية في فرنسا، إلى الاستنتاج نفسه قبل عام عندما منع إعطاء الجنسية لامرأة عاشت في فرنسا طوال ثماني سنوات وتتحدّث الفرنسية بطلاقة، ومتزوجة من فرنسي ولديها أربعة أولاد مولودون في فرنسا، لسبب وحيد هو أنها ترتدي الحجاب الكامل. شعرت المحكمة، على غرار الرئيس، أن ارتداءه يتعارض مع مبدأ المساواة بين الجنسَين.
لكن ليست هناك دونية قانونية. فالمرأة التي ترتدي الحجاب الكامل تتمتّع بالحقوق القانونية نفسها التي يتمتّع بها أي شخص آخر في فرنسا، بما في ذلك حق الطلاق. وإن لم تكن هناك دونية قانونية، فعلى الأرجح أن الخضوع الذي أثاره الرئيس والمحكمة هو خضوع بسيكولوجي.
وفي هذه الحال، يمكن القول إنهما غامرا بدخول مكان خطر. فالفتاة المراهقة التي تبدأ بالتدخين تخضع لضغوط بسيكولوجية من أترابها. وينطبق هذا أيضاً على الفتيات اللواتي يرتدين السراويل الفضفاضة أو الجينز الملتصق بالجسم أو يضعن الأوشمة أو يعمدن إلى ثقب أجسامهن أو شد وجوههن أو تكبير الثديين، ومجموعة أخرى من الممارسات التي يجدها البعض مسيئة لهم بقدر ما يسيء الحجاب الكامل إلى البعض الآخر.
هل تخضع الزوجة العاملة التي تغسل الثياب، بسيكولوجياً لنموذج نمطي نسائي لا يتناسب مع المبدأ الفرنسي للمساواة بين الجنسين الذي أثاره ساركوزي والمحكمة العليا الفرنسية؟ هل تستطيع الحكومة أن تتطفّل إلى هذا الحد في طريقة التفاعل بين الرجال والنساء وتنظيمهم لحياتهم؟
يبدو أن المقارنة التي فكّر فيها الرئيس هي مع بدعة يتعرّض أعضاؤها لغسل دماغ قوي إلى درجة أنهم يخسرون كامل قدرتهم على تحرير أنفسهم من الاستغلال. لكن لا أدلة بأن النساء اللواتي يرتدين الحجاب الكامل في فرنسا هن ضحايا بدعة أو يتعرّضن للاستغلال. يرغب كثر في أن يروا في الحجاب الكامل شارة عن القمع النسائي. يبدو وكأنهم يعتبرون أنه عبر خلعه، يزول القمع المزعوم ويمكن سماع صوت الشخص الحقيقي. لكن لا أدلة تظهر بأن النساء اللواتي يرتدين الحجاب الكامل في فرنسا يفعلن ذلك رغماً عنهن أو بسبب تدنّي احترامهن لأنفسهن أو لأنهن عاجزات عن ممارسة حقوقهن القانونية.
ليست المطالبة السياسية الصاخبة بحظر الحجاب الكامل سياسة مستندة إلى إثباتات. إنه مجهود مضلَّل لتعزيز مكانة المرأة بالاستناد إلى تكهّنات عن الشعور الذي يُعتقَد أنه لا بد من أنه يراود المرأة المخبّأة خلف برقع. لكن من المؤكّد أن ما تشعر به لن يتغيّر بفعل قانون يملي عليها ما الذي يجب ألا ترتديه. وفي حال وُجِد القانون، فكيف سيُطبَّق؟ هل ستُفرَض غرامة على من يرتدين الحجاب الكامل؟ هل ستكون هناك شرطة مسؤولة عن الثياب؟ يذكّر المفهوم بكامله بالممنوعات التي طُبِّقت على النساء في أفغانستان قبل خسارة حركة "طالبان" للسلطة.
لقد تحوّل الحجاب الكامل ملهاة سياسية مفيدة لكن يمكن أن يصبح رمزاً لدولة ترحّب بالتنوّع. ويمكن أن يجسّد مثالاً عن دولة تعرف أن دورها هو تعزيز المساواة وحماية التنوّع ومنع التمييز.
بذل ساركوزي مجهوداً أكبر من كل أسلافه لتعزيز ذلك الدور، لكنه ضلّ السبيل بصورة خطيرة في موضوع الحجاب الكامل.
لا تستطيع دولة تنادي بالقيم الديموقراطية أن تبرّر إملاءها على المقيمين فيها ما الذي يجب أن يرتدوه أو لا يرتدوه تماماً كما لا تستطيع أن تبرّر إملاءها عليهم ما الذي يجب أن يفكّروا فيه أو يقولوه أو أي إله يجب أن يعبدوا عندم لا يترتّب أي أذى عن سلوكهم، ناهيك عن الصدمة التي يسبّبها هذا الأمر لمن يملكون آراء وأعرافاً مختلفة.
في انتظار ظهور أدلة تثبت أن ارتداء الحجاب الكامل يشكّل خطراً واضحاً وراهناً، يسدّد الرئيس ساركوزي رمحاً لا على الشيطان بل على شر وهمي قديم. والشيطان لا يرتدي حجاباً كامل.
يزاول مهنة المحاماة في إيكس - أون - بروفانس في فرنسا. ومن كتبه Justice After Darwin (العدالة بعد داروين)

 


أصلاء ومخطوفون
أؤيد حظر الحجاب الكامل بقلم منى الطحاوي

 

الهيرالد تريبيون
ترجمتهما نسرين ناضر

أنا مسلمة ونصيرة للحركة النسائية وأكره الحجاب الذي يغطّي الجسم بكامله. فهو يمحو النساء من المجتمع، ولا علاقة له بالإسلام، بل هو متجذّر في الكره للنساء الذي يقع في قلب الإيديولوجيا المتطرّفة التي تنادي به.
يجب ألا نضحّي بالنساء على مذبح اللياقة السياسية أو باسم محاربة جناح يميني متنامي النفوذ يواجهه المسلمون في البلدان التي يشكّلون فيها أقلية.
على الرغم من أنني غالباً ما أجد الرئيس الفرنسي نيكول ساركوزي بغيضاً، إلا أنه كان محقاً عندما قال أخيراً "ليس الحجاب الكامل رمز دينياً، بل هو رمز خضوع المرأة وإذعانها. أود أن أقول بكل وقار أنه لن يكون مرحّب به في أرضنا". أضيف أنه يجب ألا يكون مرحباً به في أي مكان. غير أن كلماته دفعت ببعضهم إلى بذل محاولات للدفاع عمّا لا يمكن الدفاع عنه – محو النساء.
قال البعض إن تحيّز ساركوزي اليميني الميول والمناهض للإسلام، هو الذي يقف وراء معارضته للحجاب الكامل. لكنني أذكّرهم بتعليقات رئيس مجلس العموم البريطاني عام 2006، جاك سترو، الذي قال إن الحجاب الكامل يمنع التواصل. كان محقاً، ولم يكن يمينياً – ومع ذلك، تعرّض هو أيضاً للهجوم لأنه تجرّأ على التكلّم جهاراً ضده.
العنصرية والتمييز اللذان تواجههما الأقليات المسلمة في العديد من البلدان – مثل فرنسا التي تملك أكبر جالية مسلمة في أوروبا وبريطانيا حيث انتُخِب عضوان من الحزب الوطني البريطاني المعروف بكرهه للأجانب في البرلمان الأوروبي، وهذا أمر معيب – حقيقيان جد.
غير أن الطريقة الفضلى لدعم النساء هي القول بأننا نعارض الكره العنصري للإسلام والحجاب الكامل على السواء. لقد التزمنا الصمت حول أمور كثيرة خوفاً من أن نمنح اندفاعة لليمين.
والطريقة الفضلى لفضح زيف الادّعاء بأن الحجاب الكامل هو تعبير عن الإيمان الإسلامي هي الإصغاء إلى المسلمين الذين يعارضونه. في المرحلة التي صدرت فيها تعليقات سترو، أثير جدل عندما وجّه عميد جامعة في مصر إنذاراً إلى طالبات بأنه لن يُسمَح لهن بالبقاء في المهاجع الجامعية إذا لم يخلعن الحجاب الكامل. وذكر العميد أسباباً أمنية وراء قراره قائلاً إنه بإمكان رجال متنكّرين به أن يتسلّلوا إلى مهاجع الطالبات.
قالت سعاد صالح، وهي أستاذة في القانون الإسلامي وعميدة سابقة لكلية الدراسات الإسلامية للإناث في جامعة الأزهر – وهي ليست ليبرالية – إنه لا علاقة للحجاب الكامل بالإسلام. وهو ليس سوى تقليد بدوي قديم.
من المؤسف رؤية الالتباس الغريب الذي يتعامل به عدد كبير من المسلمين أبناء قومي وآخرون يزعمون أنهم يدعموننا، مع الحجاب الكامل. ينتقدون كل شيء – اليمين، كره الإسلام، سترو، ساركوزي – بدلاً من أن يقولوا جهاراً وصراحة أن الحجاب الكامل هو إهانة للمرأة المسلمة.
أعزو هذا التردد إلى نجاح الإيديولوجيا السلفية المحافظة المتشدّدة – التي تُمارَس في شكل خاص في السعودية – في ترك بصمتها على الإسلام في العالم عبر إقناع عدد كبير جداً من المسلمين بأنها الشكل الأنقى والأسمى لإيماننا.
أن تجادل عن الحجاب الكامل في بلد مثل السعودية – حيث عشت ست سنوات وحيث تُعامَل النساء مثل الأولاد – أمر مختلف تماماً عن ترداد الحجج نفسها في بلد ترسّخت فيه حقوق المرأة منذ وقت طويل، فالمحاججة هنا مثبطة جداً للهمة. عندما رأيت أول مرة امرأة ترتدي الحجاب الكامل في كوبنهاغن، أصبت بالذعر.
ارتديت حجاب الرأس طوال تسع سنوات. وقد ساهم جدل حصل بيني وبين امرأة ترتدي الحجاب الكامل في مترو أنفاق القاهرة في حسم قراري برفض الدفاع عنه. فقد سألتني المرأة التي تلتحف بالسواد من رأسها حتى أخمص قدميها لماذا لا أرتدي الحجاب الكامل. فأشرت إلى حجاب الرأس الذي أضعه وسألتها "أليس هذا كافياً؟" فقالت "إذا أردت قطعة حلوى، هل تختارينها غير مغلّفة أم مع غلاف؟" أجبتها "لست قطعة حلوى. ليست النساء قطعة حلوى".
ومنذ ذلك الوقت، سمعت حججاً عن الحجاب الكامل تصف المرأة بأنها خاتم من الماس أو حجر كريم يجب تخبئته من أجل إثبات "قيمتها". سوف يصبح الحجاب الكامل، إذا لم نتحدّاه ذروة التقوى. لا يتعلق الأمر بمقارنة الحجاب الكامل بالبيكيني، كما يزعم البعض.
كنت أقارن حجاب الرأس الذي أضعه بتنورة قصيرة، فكلاهما وجهان للعملة نفسها في جسم المرأة. الحجاب الكامل مختلف تماماً: المرأة التي ترتديه تصبح ممحوّة.
لقد عقدت لياقة سياسية غريبة ألسنة من يدافعون عادة عن حقوق المرأة. اشتكت إحدى المدوِّنات بأن "موقف ساركوزي المناهض للحجاب الكامل يجرّد المرأة من الهوية". إنه العكس تماماً: الحجاب الكامل هو الذي يجرّد المرأة من الهوية.
لماذا ترتدي النساء في الأقليات المسلمة في الخارج الحجاب الكامل؟ قارب ساركوزي أحد الأسباب عندما أقرّ بأن نموذج الدمج في بلاده لم يعد ينجح لأنه لا يمنح المهاجرين وأولادهم المولودين في فرنسا فرصة عادلة. لكن على الجالية المسلمة أن تطرح على نفسها السؤال ذاته لماذا الصمت بينما تلتحف بعض نسائنا بالسواد إما تعبيراً عن أحد أشكال سياسة الهوية أو احتجاجاً على الدولة أو بدافع الإذعان للسلفية؟
بصفتي امرأة مسلمة ونصيرة للحركة النسائية، أؤيّد حظر الحجاب الكامل.

معلّقة مصرية المولد متخصّصة في الشؤون العربية والإسلامية

 

JoomShaper