عبدالله العييدي-كاتب سعودي

نشهد حالات إجتماعية كثيرة، يكون فيها القرار سلبي أو إيجابي " للوالدين – الولاية الصـُغرى " على أبنائهم وبناتهم، وتكون هذه القرارات على أشدها في المجتمعات التقليدية أو الكلاسيكية إن صح التعبير، كأن يكون هناك تزويج للقاصرات، أو تشتت لأفراد العائلة جرّاء قرارات فردية من " الوالدين " أو تحديد مستقبل الأولاد لإعتبارات قبلية أو إجتماعية.
نحترم أحقية الوالدين في ولايتهما الصـُغرى على " أبنائهم وبناتهم " ولكن هناك ولاية كـُبرى معنيٌ بها ولي الأمر أو من يقوم مقامه من لجان أو جمعيات أو مؤسسات إجتماعية، لحفظ حقوق الجيل القادم ، فنحن ولله الحمد نعيش في مجتمع يستقي تعاليمه من الدين الإسلامي، وإن كان الدين يحث على " الطاعة للوالدين " فأي طاعة تلك التي تـُحدّد مستقبل جيل بأكمله..!! ثم أي شعور ذلك الذي يتلذذ به الآباء في حال تحقيق أمنياتهم أمام أماني أولادهم، أو إجبارهم على الدخول في حياة زوجية بعمر مـُبكـّر، تكون نتائجه وخيمة على المجتمع بأكمله..!!
سنُّ القوانين لحفظ المجتمع من مثل هذه الإنتهاكات هو أمرٌ ضروري، فليس الأمر منفياً عن ممارسة ضغوط على الأولاد بالرضوخ للأمر الواقع بشكل غير طبيعي، ترسيخاً لتقاليد وعادات ما أنزل الله بها من سـُلطان، بل هي إجترار لما سبق " وماوجدنا عليه آباؤنا "، فماذا يعني أن يتم تحقيق رغبة " الوالدين " أمام رغبة الأبناء ..!!

للوالدان الحق في أن يتحقق لهما حلمٌ بأحد أبنائهم أو بناتهم ولكن هل يسلب حق الأبناء في تقرير المصير، لماذا لايكون لدينا القدرة على إقناع الأبناء بعيداً عن آلية " إفعل ولاتفعل " ثم نـُلقي باللائمة على الجيل القادم في عدم قدرته على إتخاذ القرار في حياته المستقبلية، ونلومهم في أنهم منزوعي القرار وليس لديهم شخصية قيادية، ونحن في الأساس من نزع منهم هذه المـَلـَكة فضلاً عن تأصيلها لديهم.

يجب أن لا يتم إيقاف شريان تحقيق العدالة الإجتماعية للجيل القادم أولاً، إن كان " الوالدين " غير مـُدركين بعد للأبعاد النفسية والإجتماعية المترتبـّة على سلب الأبناء حريتهم في إتخاذ القرار، أو إلزامهم بقرارات لإعتبارات معينة لدى الوالدين، فحقوق الوالدين مـُقتصرة على أمور، لايـُنتهـَك معها حق الأبناء.

الطاعة ضرورة لكنها لاتكون مـُطلـَقة، بل يجب أن يكون هناك حواربين الأجيال ، حتى ينشأ لدينا جيل قادر على مواجهة الضغوط الحياتية.

ننتظر كمجتمع أن يتم إتخاذ التدابير الواقية لوقوع ذلك على " جيل قادم " ليس لهم من أمرهم شيئاً، إنما الأمر بيد ذويهم، وذووهم ربما لايكونوا الرعاة المثاليون للقيام بواجباتهم تجاه رعيتهم " أبنائهم " وربط مصير " أبنائهم " بقرار أبوي ينافِ العقل والمنطق إنما هو إستغلال سـُلطتهم الأبوية على الأبناء.

إن الإنتصار الحقيقي هو في تحريك مثل هذه القضايا التي بدأت تنخر مجتمعاتنا وللأسف نجدها بشكل مـُكثـّف في مناطق نائية، من زواج القاصرات إلى تحديد مستقبل الأولاد بأكمله.


عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

JoomShaper