نشرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية مقالاً لقاسم راشد، وهو محامٍ وكاتب ومتحدث باسم الجماعة الإسلامية الأحمدية في الولايات المتحدة، سلّط من خلاله الضوء على مشكلة تنامي حوادث العنف الجنسي في أميركا والعالم، والتي كان أبرزها الاتهامات بالتحرش التي وُجهت مؤخراً للمنتج السنيمائي هارفي وينشتاين، والتي دفعت الهيئة المانحة لجوائز الأوسكار الفنية بالتصويت على فصله.
قال الكاتب في مستهل مقاله: «إذا صدمتك الأخبار حول ما قام به وينشتاين من اعتداء جنسي، فأنت جاهل بالواقع؛ فوفقاً لشبكة (RAINN)، يتم الاعتداء على أميركي كل 98 ثانية، وواحدة من كل 6 نساء سوف تتعامل مع الاغتصاب أو محاولة الاغتصاب في حياتها، و90 % من ضحايا الاغتصاب هم من النساء».
وأضاف راشد: «أنا مسلم، ومحامي حقوق مدنية ولديّ اهتمام خاص بمناصرة حقوق المرأة. إن دعوتي ليست مستمدة من القانون فحسب، بل من خلال استراتيجيات مفصّلة في التعاليم الإسلامية ونموذج النبي محمد لتلافي الاعتداء الجنسي».
وتابع القول: «نعم، سرطان الاعتداء الجنسي ضد المرأة الذي نراه في أميركا ذات الأغلبية المسيحية هو نفسه سائد في باكستان ذات الأغلبية المسلمة، وأيضاً في الهند ذات الأغلبية الهندوسية، وكذلك الصين الملحدة. وهذا يثبت أن الرجال

في جميع أنحاء العالم يفشلون في مسؤولية إنهاء الاعتداء والعنف الجنسي».
تواطؤ مجتمعي
وأوضح الكاتب أن الاعتداء الجنسي لا يحدث من فراغ؛ فكل مستوى من مستويات المجتمع -الأعراف الاجتماعية والإعلام والحكومة- متواطئ في تعزيز ثقافة الاغتصاب التي تديم الاعتداء الجنسي. كما تُقدّم وسائل الإعلام ثقافة الاغتصاب من خلال تجاهل المرأة وأصواتها.
وتسائل: «كيف يمكننا أن نعتمد على حكومة في حين أن 97 % من المغتصبين لم يدخلوا السجن يوماً واحداً، وأن هناك مغتصبين منحوا حضانة لطفل مولود من امرأة اغتصبوها؟ عندما يُسمح بالسلوك السيئ دون رادع فنحن أقرب إلى الفوضى المجتمعية. وفي الحقيقة، أي توقع بسن قانون لوقف الاعتداء الجنسي هو حماقة.
ورأى الكاتب أن تعاليم الإسلام والنبي محمد لديهم حل لهذه المشكلة، لا تستطيع أية دولة أن تقدمه بشكل حقيقي.
وأشار الكاتب إلى آية في سورة النساء تقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} باعتبارها دليلاً على التساوي بين المرأة والرجل. كما أشار إلى آية أخرى في السورة نفسها تقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}. وهذه الآية تمنع الرجل من إجبار المرأة على التصرف ضد إرادتها؛ مما يكفل للمرأة الحفاظ على استقلالها وتقرير مصيرها.
ولفت الكاتب إلى وجود آيات أخرى تمنع ممارسة العنف ضد المرأة عن طريق إرغام الرجال على السيطرة على أنفسهم وعدم اللجوء أبداً إلى الإيذاء البدني للنساء. كما أشار الكاتب إلى أن القرآن أيضاً يأمر الرجال بتوفير كل احتياجات المرأة المالية، في حين تحتفظ بما تكسبه لها وحدها، مما يحول دون إساءة المعاملة المالية. وعندما يتعلق الأمر بالمفهوم الإسلامي للحجاب، فإن الرجال مأمورون أولاً بغض البصر وعدم التحديق في النساء لضمان العفة وتلافي الاعتداء الجنسي.
مكانة المرأة
وأضاف الكاتب أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أوضح ذلك في أحد المواقف؛ ففي حادث مشهور اقتربت امرأة وُصفت بأنها جميلة بشكل لافت من النبي؛ للحصول على توجيهاته بشأن بعض المسائل الدينية. ثم بدأ رفيق النبي، الفضل بن العباس، بالتحديق في وجهها بسبب جمالها. وحين لاحظ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- أخلف بيده فأخذ بذقن الفضل، فعدل وجهه عن النظر إليها.
وقال الكاتب: «إن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن بذلك أن عبء التواضع والاحترام ومكافحة إساءة معاملة النساء يقع على عاتق الرجال في المقام الأول. والواقع أنه يجب على الرجل أن يتصدّر زمام المبادرة في وقف هذا الاعتداء الجنسي».
وأوضح الكاتب أن القرآن يأمر النساء بعدم التبرج، مع ذلك لا ينص الإسلام على عقوبة للنساء اللواتي يخترن لباساً آخر. وعلى العكس من ذلك، في مناسبات عديدة عاقب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، المتهم المغتصِب بناءً على شهادة الناجي من الاغتصاب وحده.
وخلص الكاتب إلى أنه في إطار هذه البيئة من الإنصاف بين الجنسين، ترتفع النساء في الإسلام إلى رتب أعلى ومساوية للرجل في حين تمارس بحماس هوياتهن بوصفهن أمهات وربات البيوت. واعتبر الكاتب أن وينشتاين هو أحد أعراض مرض أكبر من الغطرسة وعدم المساءلة واللامبالاة الاجتماعية، مؤكداً أن الإسلام والنبي محمد يوفران حلاً عملياً لهذه المشكلة.
وأضاف: «سوف تنخفض نسبة الإساءة الجنسية للمرأة بشكل ملحوظ عندما يتوقف الرجال عن إساءة معاملة النساء، وعندما يتوقف الرجال عن التفكير بأنهم عندما لا يسيئون معاملة النساء بشكل شخصي، فإنهم لا يتحملون أي التزامات أخرى؛ فوفقاً للإسلام، كل إنسان مسؤول عن وقف الاعتداء على المرأة بكلماته وأفعاله».
واختتم الكاتب مقاله بالقول: «إن كثيراً من المسيئين مثل وينشتاين يمشون في شوارعنا ويرهبون جيراننا. يمكننا معاً أن نستخدم نموذجاً إسلامياً لوقف هذا الجنون، واستعادة المساواة بين الجنسين اليوم في أميركا.. والعالم».

JoomShaper