فرح زاهدي معظّم
كراتشي، الباكستان – حضرت قبل أيام فيلم "اسمي خان"، الذي يصوّر بأسلوب لامع شخصاً يعاني من مرض عقلي يقوم بدوره شاه روخ خان، ممثل الهند البارع والمخرج كاران جوهر، وبالإنتاج المميز الذي تتمتع به أفضل الأفلام.
شعرت في أحد مناظر الفيلم بغصّة في حلقي. تتعرض سونيا جيهان، الممثلة التي تلعب دور زوجة أخ خان، وهي امرأة عاملة تعيش على الشاطئ الغربي للولايات المتحدة لحادثة تم فيها سحب حجابها عن رأسها في بهو إحدى البنايّات.
يشكّل ذلك أحد أساليب التعبير العديدة عن كراهية المسلمين في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر والتي يجري تصويرها في الفيلم. تقرر جيهان بعد ذلك الحادث التوقف عن لبس الحجاب في الأماكن العامة. إلا أنها تعود لتلبسه بعد ذلك لأنها تشعر بأنها ناقصة بدونه.

"هكذا أنا"، تقول جيهان.

ذكّرني ذك المنظر برحلتي مع الحجاب.

اكتشفت النواحي الروحانية في شخصيتي عندما بلغت سن المراهقة. وجدت نفسي بسرعة، نتيجة لحب استطلاع متأصل فيّ، اقرأ ترجمة للقرآن الكريم في محاولة لفهم معانيه بصورة أفضل. أرشدني بضعة أساتذة وأصدقاء مقنعين عبر العملية. تفتح عالم جديد أمامي وأنا أقرأ. بدأت أفكّر بجدية بلبس الحجاب. بعد صراع داخلي شخصي، قمت بتغطية شعري بطريقة غير متقنة للمرة الأولى. لم تكن تلك خطوة سهلة بالنسبة لفتاة تشكّل تسريحة شعرها علامة مميزة لها.

كان الحجاب في ذلك الوقت أقل شيوعاً من الآن وكان تقبّل الناس له أقل. قال الأصدقاء والزملاء أنني بدوت أكبر سناً وبعيدة عن الموضة. وجدت صعوبة في تقبّل تلك الملاحظات، كوني فتاة اعتادت على سماع المجاملات، فسرعان ما استسلمت. كانت تلك الحركة تجربة صعبة بحد ذاتها.

سمعت في كل مكان ذهبت إليه تعليقات مثل: "أرأيت؟ لهذا السبب لا أفعل ذلك. يبدأ الناس بلبس الحجاب ثم يخلعونه. لقد جعلوه أضحوكة". ألقيت باللائمة على نفسي داخلياً، خجلاً من عدم التزامي. كنت أحتاج للمزيد من الوقت.

عدت للبس الحجاب بعد سنوات قليلة. كان قراري هذه المرة عن قناعة أعمق. شعرت بالاحترام والحماية، وبالصدق مع معتقداتي وما هو حق في قلبي وعقلي. كان هذا هو خياري، دون ضغط أو إكراه.

إلا أنه مرت أيام كنت أشعر فيها بأنني ضائعة في غياب شعري على كتفي. أغدق البعض المديح والإطراء مشجعين، قائلين أنني كنت جميلة وأنا ألبس الحجاب. أطلق آخرون علي لقب "نينجا" أو أصولية أو طالبان. ابتسمت أخريات معتذرات وأصلحن من لبسهن لحجابهن عند رؤيتي.

كانت ردة الفعل التي أردتها ضمن ردود الفعل هذه أن أعامَل كما عوملت دائماً، كإنسانة عادية. كنت امرأة اتخذت خياراً، مما ينظر إليه عادة على أنه انعتاق وتحرر. كان من الغريب بالنسبة لي أنه كان ينظر للباس المختلف من قبل البعض على أنه مؤشر على الظلم، أو التطرف، وهو الأسوأ.

أصبح الأمر أكثر سهولة مع مرور الزمن. اليوم، ونتيجة للعولمة وتوجه أكثر انفتاحاً تجاه الحياة، أصبح الناس، وخاصة الشباب، أكثر تقبلاً. أصدقاء وصديقات ابنتي من المراهقين، على سبيل المثال، أقل حكماً من زملائي أيام الجامعة.

إلا أنه يتوجب علي، حتى في هذه الأيام، أن أحارب الصور النمطية للحجابية (المرأة التي تلبس الحجاب) في كل يوم. أبتسم أكثر من قبل لأظهر للناس أنني لم ألبس الحجاب بسبب الإحباط أو رغم إرادتي. ويفترض الناس أحياناً أنني محافظة، وتعرضت لفشل دماغي، إلى أن يسمعونني أتكلم، وهذا أمر يتعرض له كذلك نظرائي المسلمين الذكور الذين يلبسون ثياباً محافظة أو يطلقون لحاهم.

مما يثير الدهشة أنني بقيت الإنسان نفسه عبر الحكاية كلها. أريد أن أبدو جميلة وأن أشعر بالسعادة وأن أحقق أهدافي وأتمتع بالحياة، ولكن ضمن الإطار الذي أومن أن عقيدتي قد وضعته لي.

لست غاضبة ولا أشعر بالمرارة. أتفهم خلفية الناس. أتمنى فقط أن يفهموا هم خلفيتي.

لقد كنت محظوظة بمقابلتي أناساً يقبلون حق كل فرد بممارسة حريته التي اختارها. إذا استخدم إنسان ما حرية الاختيار مثلي، ليلبس بطريقة معينة فإن هؤلاء الناس لن يروني في مضمون ما ألبسه وإنما في ضوء ما أفعله وفي منظور شخصيتي.

###

* فرح زاهدي معظّم هي محررة في مجلة Women’s Own تكتب عن القضايا الاجتماعية، وبالذات تلك المتعلقة بالمرأة. تقوم خدمة الأرضية المشتركة بتوزيع هذه النسخة المختصرة من المقال بإذن من مدونة Dawn.com. يمكن الحصول على النص الكامل من الموقع blog.dawn.com.

مصدر المقال: مدونة Dawn.com، 22 آذار/مارس 2010
www.blog.dawn.com

JoomShaper