* إعداد: كارمن العسيلي
تعاني النساء من التوتر المتزايد الذي يؤثر ليس في عقولهنّ وحالتهنّ النفسية فحسب، بل في أجسامهنّ أيضاً، مسبباً لهنّ الأرق والاكتئاب ويعرضهنّ أكثر للإصابة بأمراض القلب والشرايين.
يسهم التوتر المزمن في إتلاف علاقاتنا بالآخرين أو اضطراب نومنا أو تلف شراييننا، وتشكو 40 في المئة من العاملات من أنهن يعانين التوتر الناتج عن العمل. واللافت أن التوتر يتبع المرأة إلى منزلها، وقد وجد الباحثون أنه حتى في حالة رضا المرأة عن عملها، ترتفع لديها نسبة هرمونات التوتر أثناء العمل وبعده، نتيجة كثرة المسؤوليات الملقاة على عاتقها في العمل وفي المنزل.

- آلية التوتر:

يفرز الجسم في لحظات القلق والخوف هرمونات التوتر وهي: الأدرينالين، والنورإبينيفرين، والكورتيزول، التي تزيد نشاط كل أعضاء الجسم، مثلاً، تسبب هذه الهرمونات تحرك السكر والدهون من الخلايا إلى الدم من أجل تزويد الجسم بالطاقة بشكل سريع، وتؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وتسارع نبضات القلب من أجل زيادة تدفق الدماء بالذراعين والساقين. وتزيد سرعة التنفس من أجل تزويد العضلات بالمزيد من الأوكسجين، ويزيد العرق من أجل تخفيض حرارة الجسم في هذه الحالة المفعمة بالطاقة. رد الفعل هذا تجاه التوتر هو آلية طبيعية صممها الخالق هكذا من أجل إنقاذ حياتنا في حالات الطوارئ والخطر، وبمجرد زوال الخطر يستعيد الجسم تدريجياً إيقاعه الطبيعي.

- مكافحة التوتر:

تشير الدراسات إلى أن التوتر يؤثر في المناعة، فقد بينت أن الأفراد المعرضين للضغوط العصبية المتكررة يعانون أكثر من غيرهم من كثرة الإصابة بالعدوى، مثل نزلات البرد والإنفلونزا. في فترات التوتر تتراكم على جدران الأوعية الدموية التالفة بفعل ارتفاع ضغط الدم، الأحماض الدهنية، التي تسبب قصوراً في الدورة الدموية واحتمال حدوث جلطات ونوبات قلبية.
هناك مجموعة من الأعراض العضوية والجسدية التي تصاحب التوتر وهي: الإحساس بالتعب، والصداع، والإصابة المتكررة بنزلات البرد، واضطراب النوم، وألم وشد بالعضلات، والغثيان، ونقص الرغبة الجنسية، وسقوط الشعر، وقلة الشهية أو زيادتها، إضافة إلى القلق والإحباط والحزن والغضب وسرعة الانفعال.
أياً يكن حجم التوتر الذي تتعرضين له، اعلمي أنه مضر بصحتك ما يحتم عليك التخلص منه. بمجرد التعرف إلى مسببات التوتر في حياتك وإلى أعراض الخطر، تتمكنين من الحد من تأثيراته السلبية في جسمك. إليك الطريقة لفعل ذلك:
* التعرف إلى الشيء الذي يثير توترك: تتوتر بعض النساء لمجرد وجودهن في زحمة سير، بينما تبقى أخريات هادئات حتى في حالات الكوارث، فما السبب يا ترى؟
يقول الأطباء إن الأمر يتعلق بقدرتك على التحكم في حياتك وطبيعة شخصيتك. لهذا، يستحسن أن تتقني كيفية السيطرة على المواقف التي من شأنها أن تزيد توترك، وتتعاملي معها بأسلوب آخر أكثر هدوءاً.
* تحديد السبب: لا يمكن التحكم في التوتر إذا لم يكن سببه معروفاً. لهذا عند ظهور أعراض التوتر سارعي إلى دراسة الموقف بعمق لتحديد السبب، يمكنك صنع دفتر مذكرات لتدوين الأشياء التي تقلق بالك بهدف معرفة مصدر التوتر والمضايقة بالنسبة إليك، عندئذ يمكنك البدء في حل المشكلة. بمجرد معرفة مسببات القلق والتوتر ووضع الحلول لها، سوف تشعرين بأنك قادرة على التحكم في حياتك، وهذا أفضل أسلوب لمحاربة التوتر. في حال كنت مرهقة جداً ومتعبة لدرجة أفقدتك الطاقة والقدرة على حل المشكلة يستحسن عندها رؤية طبيب نفسي.
* اتباع أسلوب رد الفعل الهادئ: للتوصل إلى ذلك عليك أن تتنفسي بعمق. من المعتاد أن يتنفس الناس بشكل غير عميق في أوقات التوتر وهذا يؤدي إلى مزيد من الشعور بعدم الارتياح. التنفس بعمق يريح الأعصاب ويساعد على التخلص من جزء من التوتر. كذلك يمكن التفكير في شيء جميل بعيد عن المشكلة أو الحادث الذي يوترك.
* تأقلمي مع واقعك: اعلمي جيداً أن التوتر لن ينتهي، وعليك التأقلم مع هذا الأمر. فالمسألة برمتها لا تتعلق بالتوتر، وإنما بكيفية تعاملك معه. من المهم ألا تسعي إلى الكمال، لأنك إذا حاولت تحقيق المستحيل فسوف تشعرين بالإحباط أو القلق أو الاكتئاب. يجب أن تركزي على قدراتك وليس على الأشياء التي تطمحين إليها ولا تستطيعين تحقيقها.
* حافظي على علاقاتك الاجتماعية: يعتبر العلماء أن المرأة مبرمجة طبيعياً على المصادقة من أجل حماية نفسها وأولادها عن طريق بناء شبكة من العلاقات الاجتماعية، التي تمد لها يد العون عند الحاجة. التحدث مع الأصدقاء عن الأمور التي تقلقك وتشغل بالك يساعدك على رؤية الأمور من منظور آخر، ويساعدك أيضاً على التأكد من أن هناك من يساندك ويدعمك، على الرغم من مشاعرك السلبية تجاه نفسك.
* ضعي حداً للتوتر في حياتك: هناك مجموعة من الخطوات التي تساعدك على إبعاد التوتر عن حياتك وهي تتضمن التالي:
* ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: تعد هذه الخطوة من أفضل الطرق للحد من التوتر والقلق والاكتئاب والتعب، إذ أشارت الدراسات إلى أن الرياضة تقلل من نسبة هرمون الكورتيزول الذي يفرزه الجسم أثناء التوتر. يمكنك المشي مرة صباحاً ومرة مساء أو الذهاب إلى ناد رياضي بمعدل 3 مرات في الأسبوع، أو القيام بأي نشاط بدني، لأن الحركة البدنية تؤدي إلى إفراز الأندورفينات، وهي المادة التي تعطي الإحساس بالانتعاش، وتساعدك على الشعور بالراحة والاسترخاء والهدوء.
* حافظي على سلامة أمورك المالية: نظمي ميزانيتك وسوف تنعمين بصحة أفضل. قد تكون الديون والفواتير ومطالبات بطاقات الائتمان لها علاقة بالتوتر.
* اقتني حيواناً أليفاً: لقد أثبتت دراسات عدة أن اقتناء حيوان أليف يقلل الشعور بالتوتر ويؤدي إلى انخفاض نسبة الكوليسترول وضغط الدم، مقارنة بالأشخاص الذين لا يمتلكون حيواناً أليفاً.
* دللي ذاتك: لا يمكنك أن تقومي بمهماتك وأن تؤدي دور الزوجة أو الصديقة السعيدة إذا كنت مرهقة ومستهلكة. عليك أن تخصصي وقتاً لذاتك للقيام بالأمور التي تحبينها. استمتعي بحياتك فهذه من أبسط حقوقك.

 

موقع لحواء

JoomShaper