ضجت الحرب السورية ولا تزال بكم من المآسي، فعلى ضوء الظلم والنزوح والجوع والحرمان، غدت المرأة السورية أحد أبرز ضحايا تداعيات الحرب القائمة منذ نحو عقد من الزمن، حيث ضاعت معظم حقوقها وأثقلت كاهلها المعاناة.
ففي تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان، سلط الضوء على تلك المعاناة، لا سيما تعرض النساء النازحات إلى "ابتزاز جنسي" ضمن مختلف المناطق السورية من قبل أصحاب السلطة والعاملين في الجمعيات الخيرية المحلية، وبنسبة أقل في المنظمات الإغاثية المدعومة، وذلك مقابل خدمة ما، أو الحصول على مواد غذائية إضافية أو خدمات إضافية بطريقة غير مشروعة، أي أنها لا تتناسب مع معايير المنظمات التي ترفض تقديم المعونات إلى امرأة تعيش وحدها بدون أولاد.
الواتساب.. طريقة
فقد نقل المرصد عن نازحة من ريف حماة، تدعى (م.ع) ، ولديها 3 أطفال، أنها تعرضت للاستغلال الجنسي من قبل أحد العاملين في مخيمات حارم في الشمال السوري، بعد تقديم عدة شكاوى لحرمانها من المواد الغذائية بحجة أنها قد سجلت بياناتها حديثاً.
وكشفت أن جارة لها نصحتها بأن تتواصل مع الموظف عبر تطبيق واتساب، كي يستجيب لها.
وبعد أن تواصلت معه عدة مرات، طالبها بمقابلته، وتورطت معه بإرسال صور غير لائقة عبر التطبيق، بعدما وعدها بالزواج وتربية أطفالها، وفي هذا الوقت أصبحت تأخذ مخصصاتها، إضافة إلى مساعدات أخرى لم تكن توزع في المخيم الذي تسكن به، وبقي الحال على ما هو عليه إلى أن غادر المخيم بعد قبوله في منظمة إغاثية أخرى وانتقل إلى مدينة إعزاز شمالي حلب، لتكتشف بعدها أن وعوده كاذبة.
تبحث عن زوجها
وفي حالة أخرى، أفادت مهجرة من ريف دمشق ، وزوجها مغيب في سجون النظام، ولها طفلة تعيش في مدينة مارع بريف حلب، بأنها وقعت في فخ أحدهم عندما طلب بيانات الأشخاص المعتقلين لدى النظام، فتواصلت معه وقدمت له البيانات المطلوبة، فطلب منها أن تتواصل معه كل أسبوع تقريباً، ليخبرها في حال تم العثور على اسم زوجها ضمن أسماء المعتقلين في السجون السورية، وبعد عدة اتصالات أضحت مطالبه واضحة، وحين رفضت انسحب من حياتها.
بحسب التقرير أيضاً، لجأت بعض النساء إلى تجنب الحصول على المساعدات، خوفاً من الاستغلال الجنسي من قبل العاملين وأصحاب القرار، ما حرم أطفالهن من المعونات.
لم تسلم من مسؤول رسمي
في سياق مماثل أيضاً، قالت أم لـ4 أطفال تعيش في منزل زوجها المتوفى منذ سنوات في ريف إدلب، إنها تعرضت لعدة مضايقات من قبل عضو مجلس مدني، حيث كان يقوم بإيصال مخصصاتها من المساعدات إلى منزلها، لأنها تسكن على أطراف قرية نائية، وبعد عدة خدمات قدمها لها، طلب منها أن تتزوجه لكنها رفضت، ما أدى إلى معاقبتها بطرق مختلفة وتشويه سمعتها، ما حرمها من الخروج من منزلها لعدة أشهر، واضطرت أخيراً إلى مغادرة القرية والسكن في بلدة أهلها.
إلى ذلك، قال أحد العاملين في المجال الإغاثي في ريف حلب، إن الفقر سبب رئيسي للوقوع في فخ الاستغلال الجنسي، وربما تطور الأمر إلى الابتزاز في ظل انعدام القيم الأخلاقية ووجود آلاف النساء التي تعيل أسرهن ضمن المناطق.
مدير جمعية وضابط مخابرات عسكرية
بدورها روت فتاة مهجرة من بلدة الفوعة بريف إدلب إلى مركز الإيواء المؤقت في جبرين ضمن مناطق نفوذ النظام السوري في محافظة حلب، بأن مدير إحدى الجمعيات الخيرية في حلب حاول استغلال وضع عائلتها المادي، وطلب منها العمل في "الجمعية الخيرية"، وبعد أيام قليلة من موافقتها بدأت رحلة الابتزاز لتنتهي بعملية إجهاض لرفضه الزواج منها.
وفي شهادة أخرى من مناطق نفوذ النظام، قالت سيدة من محافظة حمص، التي فقدت ابنتها بضغط من أحد عناصر المخابرات العسكرية برتبة مساعد في الفرع 261، كانت تتواصل معه لمساعدتها بالكشف عن مصير زوجها المعتقل، وطلب منها القدوم إلى منزله بحي الوعر، وعند وصولها اغتصبها من اللقاء الأول، وطلب منها القدوم إليه وقت ما يأمرها بذلك، وبعد ذلك، تمكنت من الفرار إلى لبنان عبر طرق التهريب والوصول إلى منطقة البقاع، وانقطعت أخبارها منذ ذلك الحين.
إلى ذلك، أشار التقرير إلى أنه مع انتشار الفقر وانعدام القيم الأخلاقية تتعرض النساء للاستغلال الجنسي من قبل شريحة واسعة من أصحاب النفوذ والعاملين في المنظمات الإغاثية التي يقدم بعض موظفيها الجنس مقابل الغذاء أو الخدمات، دون مراعاة للإنسانية في مجتمع ما زال يعيش الحرب منذ نحو 10 سنوات.