إعداد - ندى الزرعوني
الإساءات النفسية والجسدية تترك آثاراً سلبية في النساء المُعنّفات. غيتي
تواجه نساء إساءات من قبل أزواجهن، تتنوع بين الإساءة الجسدية والنفسية، وغالبا ما تتفاوت وتتضارب مشاعر المرأة المعنفة نحو زوجها، بين سلبية وإيجابية تجاه الحياة التي تعيشها يوميا، ما يجعل قدرتها على البقاء والصبر أكبر بكثير من رغبتها بالتغيير والانسحاب، وكشفت دراسة أميركية وكندية مشتركة أن الكثير من النساء اللاتي يعشن مثل هذه الظروف النفسية المسيئة والمزمنة، يجدن دائما قدرة على النظر إلى الصفات الإيجابية في أزواجهن.
وتبين الدارسة أن معظم النساء يتمكن لأسباب عدة، من إيجاد وتبرير الأسباب الكافية للبقاء مع أزواجهن، من خلال التعلق بصفات تجعل التعايش مع حالة الإساءة أمرا أسهل من الرحيل، مثل صفة التعلق بالزوج، وعدم الاستغناء عنه، أو مشاعر العاطفة، والقلب الطيب، وهي الصفات التي غلبت على آراء الزوجات اللاتي يعانين الإساءة النفسية من قبل أزواجهن.
صفع و«قرص»
يعد العنف ضد المرأة إحدى أكثر المشكلات الاجتماعية خطورة، حيث وجد في كل من كندا وأميركا، بحسب تقرير لعام ،2005 أن 7٪ من النساء الكنديات، و6٪ من الرجال، يعانون مشكلات عنف زوجية، مرة واحدة على الأقل خلال السنوات الخمس الماضية، بينما تبين أرقام جديدة، أنه وفي كل عام، تعاني 1.9 مليون امرأة أميركية التعرض للعنف للجسدي.
وتعاني المرأة نوعاً أو أكثر من العنف المنزلي، منه الجسدي، الذي يتضمن الصفع والقرص، والرفس، والهز، والخنق، والحرق، والعض، والضرب بأدوات مختلفة، بينما تشمل الإساءة العاطفية الإذلال، والتهديد، والإكراه، والغيرة المرضية، وعزل الشريك عن العائلة والأصدقاء، بينما يشمل العنف الجنسي، الإكراه على ممارسة العلاقة الزوجية، والإجبار على عدم استخدام موانع الحمل.
وقالت مديرة مركز أبحاث صحة المدينة بمستشفى ساينت ميشيل في تورونتو بكندا باتريشيا أوكامبو، إن «الدراسة أجريت بهدف رغبتنا في الاطلاع، من خلال استطلاع، على آراء النساء اللاتي يعشن مثل تلك الأوضاع في حاليا، ولايزلن في مرحلة بعيدة عن رفض الحالة التي يعشنها، ولم يخضعن لأي نوع من العلاجات النفسية، أو الاستشارات في مجال العلاقات المسيئة، الأمر الذي يمكننا أن نعتمد عليه في التعرف إلى أنواع معينة من الرجال المسيئين، وتصنيفهم».
وأضافت أن هناك دراسات سابقة عملت على تسجيل تقييم شخصي من النساء اللاتي يعانين الإساءة الزوجية لأنفسهن، ولعلاقاتهن الحميمة، خصوصا التزامهن بتلك العلاقات، ومشاعرهن الإيجابية تجاه الشريك المسيء، أو نحو العلاقة بالمجمل، بالإضافة إلى قراراتهن الحساسة تجاه الاستمرار أو إنهاء العلاقة، مشيرة إلى أن هدف الدراسة، التي تشاركت في تطبيقها مع جامعة أديلفي في نيويورك في أميركا، كان رغبة في تعلم المزيد عن هذه العلاقات، التي غالبا ما تكون سرية، خصوصا التي لا يتم الإعلان عنها أو الاعتراف بها حتى لأقرب الأقرباء.
611 امرأة
وباستخدام بيانات تابعة لاستطلاع رأي أجراه المعهد الوطني الأميركي للصحة العقلية، حلل الباحثون خبرات وحالات 611 امرأة أميركية من الزوجات منخفضات الدخل والساكنات في الضواحي، فقالت 42.8٪ من المستطلعة آراؤهن، إنهن عانين إساءات أزواجهن خلال العام الذي طبق فيه الاستطلاع، مع ارتفاع في نسبة الإساءة النفسية، واستمرارها كمشكلة مستمرة مقارنة بالإساءة الجسدية عبر الضرب، بينما سجلت الإساءة الجنسية بين المتزوجات النسبة الأقل.
وكانت 2.3٪ من النساء وهي النسبة القليلة، وصفن أزواجهن بالمتحكمين بشدة، بينما سجلت 1.2٪ من النساء أن أزواجهن يسلكون سلوكا عاما شديد العنف، إلا أن نسبة جيدة من النساء سجلن آراء إيجابية تجاه أزاوجهن، تراوحت بين اعتقادهن أن أزواجهن يحملون مشاعر وصفات طيبة، على الرغم من سوء المعاملة، وهي النسبة التي تفاوتت بين 54٪ من النساء واللاتي يصفن شركاءهن بشديدي الاعتماد عليهن، بينما اعتقدت 21٪ من النساء أن شركاءهن يحملون صفات إيجابية مهمة.
وبناء على نتائج الاستطلاع، قسم الباحثون الرجال المسيئين لزوجاتهن إلى ثلاث مجموعات، أولها «المؤذية» ونسبة أفرادها 44٪ من آراء المجموعة من المستطلعة آراؤهن من النساء، والذين حصلوا على أقل نقاط في التحكم والسلوكيات العنيفة عامة، والنقاط الأعلى في الاعتماد على الشريكة والتميز بالصفات الإيجابية، وثاني مجموعة «الإيجابية والمتحكمة»، وكانت بنسبة 38٪ من الرجال بحسب آراء النساء في المجموعة المستطلعة آراؤهن، والذين جمعوا نقاطا عالية في العنف وأيضا الاعتماد والحاجة إلى الشريكة والصفات الإيجابية، إلا أنهم أكثر تحكما من المجموعة الأولى، بمراحل أعلى في سلوكيات العنف العامة، وتخلص الدراسة إلى أن المجموعة الثالثة والأخيرة هي «العنيفة بخطر»، بنسبة 18٪، وحصل أفرادها على أعلى نقاط في العنف وسلوكيات التحكم، إضافة إلى المشكلات القانونية، مع أقل نقاط في الاعتماد والحاجة إلى الشريكة، أو التمتع بالصفات الإيجابية.
إنصات
وقال الباحثون إن «نتائج الدراسة تبين أهمية تحليل مشكلات عنف الرجل، من خلال وجهات نظر وآراء النساء المتعرضات للعنف، من ضمن ذلك، خصوصا اللاتي لايزلن خارج دائرة المساعدة الاستشارية والنفسية والخدمات الاجتماعية، والنظام القانوني حمايتهن، واللاتي لايزلن يعشن المشكلة، ويرفضن مواجهة الحلول الجذرية».
وأضافت أوكامبو أن «تسليط الضوء على تجارب النساء، وأهمية الإنصات لهن، لايزال يحتاج إلى المزيد من الاكتشاف والاهتمام، وما قمنا به لايزال خطوة أولى تجاه رفع مستوى فهمنا للوصــول إلى طرق إضافية لتطوير وتحسين مستوى أمان النساء»، والدراسة نشـــرت في دورية «العنف ضد المرأة» في مارس الماضي. وكان معظم النساء المستطلعة آراؤهن، والبالغ عددهن 611 امرأة، من الإفريقيات الأميركيات، وتراوح متوسط أعمارهن بين 35 عاما، ولدى نحو نصف المجموعة أطفال تحت سن 18 عاما، بينما لم تكمل 47٪ منهن دراستهن حتى الثانوية العامة، وكان نحو ثلاثة أرباع المجموعة المستطلعة آراؤهن من فئة الفقراء، بدخل عائلي يتراوح بين 300 دولار في الشهر الواحد، بينما كان 45٪ منهن يحملن فيروس الإيدز.
واعترفت 45٪ من النساء بأن أزواجهن يعانين مشكلات خطرة من القانون، وتم اعتقالهم بسبب العنف، بينما قالت 9٪ من النساء إن أزواجهن يعانين مشكلات في شرب الكحول واستعمال المخدرات بأنواعها المختلفة.
الإمارات اليوم