عائشة سلطان
وراء كل رجل عظيم امرأة “هكذا يقال دائماً حين ينجح الرجل ويتألق، فالمرأة هي السبب،.. وإذا تهاوى هذا الرجل، وهوى من القمة إلى القاع، وصار النجاح فشلاً والتألق خسائر متتالية، قالوا كما قال الفيلسوف نيتشه: “فتّش عن المرأة”، وإذا انتهت الحياة الزوجية بالطلاق قالوا إنها المرأة، وإذا لم يفلح الأبناء في دراستهم قالوا أمهم هي السبب بالتأكيد، وإذا تكاثرت الديون على العائلة فالمرأة هي السبب، وإذا انحرف أحد الأولاد في البيت فإن إهمال والدته كان السبب الرئيسي فيما آل إليه الولد، المرأة هي لغز العالم، وإشكالية الرجل الأولى، ولا مانع في أن تكون شماعته المفضلة التي يلقي عليها كل مشكلة أو مصيبة أو أزمة تعبر أفق حياته أو حياة العائلة، وأحياناً فلا بأس من الإشارة إليها بإيجابية كأن يقول إنها وجه الخير وسر النجاح الذي أتمتع به.
في الموروث الشفاهي إذا صادف وجود امرأة مطلقة فإن المثل جاهز للحكم عليها بأنها السبب في الطلاق وخراب البيت أولاً وبأنها لم تطلق بلا سبب وبالتأكيد فالسبب ليس بريئاً، وليس شرطاً أن يكون خبيثاً بطبيعة الحال، فهي إما مهملة أو غير صالحة لتربية الأبناء أو نكدية أو متطلبة أو غير صبورة أو كثيرة الشكوى أو كثيرة التسوق أو.. مشغولة بالبلاك بيري أكثر من انشغالها بأولادها وزوجها !!
أي مجتمع هذا الذي يطلق الرجل فيه زوجته لأنها منشغلة بالبلاك بيري ؟ وأي زوجة هذه التي تجعل الأمور بينها وبين زوجها تصل الى حد الصراع والقطيعة بسبب أتفه من التفاهة نفسها ؟ نحن أمام كارثة وعي وليس كارثة تحامل ضد المرأة أو اختلال في ميزان النظرة للأنثى كما قد يعتقد البعض !! فعالم الأشياء الذي نغرق فيه صباح مساء، بسبب قوة نفوذ السوق وارتفاع معدلات الاستهلاك غير المقنن، وذهنية القطيع التي تدفع الجميع لأنماط سلوكية مدمرة تحتاج منا الى وقفة طويلة متأملة ومتأنية، فربما استطعنا ترشيد سلوكنا قليلاً وتعديل مسار العربة الذاهبة إلى المجهول.
نعم يتحامل المجتمع في موروثه العام وذهنيته الجماعية كثيراً ضد المرأة لأنها الأضعف على امتداد التاريخ، لكن هذا التحامل يجب أن يتوقف لأن حل المشاكل يبدأ بالبحث عن الأسباب والمسببات وليس البحث عن طرف ضعيف نحمله تبعات الأعباء والمشاكل، المرأة عنصر مهم في المعادلة الاجتماعية، وهي الرقم الصعب في نجاح العائلة أو فشلها، لكن الاعتراف بأهمية المرأة وحساسية دورها لا يجب أن يتم على حسابها، ولا يجب أن يتجاوز أدوار أطراف أخرى في معادلة الفشل والنجاح، فهذا التجاوز ليس من الموضوعية ولا من الحكمة أبداً !!
الرجل هو نصف المعادلة، وهو يتحمل النتائج مناصفة مع المرأة، نتائج الفشل ونتائج النجاح، ابتداءً من لحظة الاختيار وحتى نهاية المشروع، فالأبناء الذين سيتحملون النتائج الكارثية للطلاق لا يمكن أن نطوق بذنبهم كاملاً عنق الأم فقط.. فهناك شخص آخر كان له دور وبنسبة كبيرة جداً.. ولن نختلف في مسألة الأرقام لكننا لن نتفق اذا أصر البعض على مقولة نيتشه “فتش عن المرأة” دائماً ؟
كتاب الاتحاد