القاهرة ـ وكالات (لها أون لاين): تشهد عيادات تحديد جنس الجنين رواجاً واسعاً في مصر، لاسيما من قبل الراغبين في إنجاب الأطفال الذكور. ورغم ذلك لا تزال نسبة الفتيات تفوق نسبة الذكور في المجتمع، الأمر الذي يؤدي إلى مشكلات بين الزوجين، خاصة من قبل الأزواج الذين تحكمهم أفكار الجاهلية الأولى.
"كريمة" سيدة مصرية ذات تعليم متوسط تزوجت منذ 16 عاما من رجل يعمل في مجال المقاولات، قبل ثلاثة أعوام قررت الذهاب إلى إحدى العيادات المتخصصة في علم الأجنة وأطفال الأنابيب؛ لإنجاب طفل ذكر خاصة بعدما أنجبت أربع بنات. وتروى "كريمة" البالغة من العمر 43 عاماً قصتها بأنها صادفت مشكلات كبيرة مع زوجها الذي ينحدر من أصول صعيدية في جنوب مصر والتي تضع إنجاب الذكور في مرتبة تتساوى مع الحفاظ على الشرف واسم العائلة، وبعد إنجاب أربع بنات هددها زوجها بالزواج عليها؛ ليحقق حلمه في إنجاب ولد؛ حتى يستطيع أن يواجه عائلته ولا يشعر بالانكسار أمامهم وليرث ثروته الكبيرة بعد مماته.
وفي الوقت ذاته علمت من والدتها أن ابنة جارتها أنجبت ولداً بعد ثلاث بنات بعد مراجعتها عيادة أحد الأطباء المختصين في هذا المجال، فأخبرت زوجها ولكن الأمر أثار قلقهما من احتمال أن يكون حرام شرعا. ولذلك قاما باستشارة شيخ بأحد المساجد بجانب منزلهما ولكنه نصحهما بالذهاب للأزهر الذي لم يحرم هذه العملية بصورة كلية.
وتقول:"إنها تعيش الآن في هدوء بوجود ابنها "محمد" البالغ من العمر عامين، ولكنها لم تخبر باقي أفراد عائلتها بأنها قامت بهذه العملية؛ لأن الأمر لا يزال غير مقبول بصورة كبيرة في المجتمع.
كما أكدت أنها لم تكن لتلجأ إلى الطبيب لإنجابه بهذه الطريقة لولا زوجها الذي أجبرها على ذلك، وكانت سترضى بالنصيب الذي كتبه الله لها بالبنات؛ لأنه ربما البنات في أوقات كثيرة أفضل من الأولاد على حد قولها.
ومن جانبه يؤكد الدكتور أشرف صبري الذي يدير مع عدد من الخبراء مركزاً للإنجاب، أن اختيار جنس الجنين بدأ في مصر منذ نحو أربع سنوات، وازداد الطلب عليه خلال العامين الماضيين بغرض إنجاب الذكور، حيث لم يأت إليه أي زوجين يطلبان إنجاب أنثى حتى الآن. وفق ما نقل موقع الإذاعة الألمانية اليوم.
وفي الإطار ذاته يعتقد محمد عرفه المستشار الاجتماعي أن هناك ثقافة عربية قديمة لا علاقة لها بالدين تتعلق بتفضيل الذكور على الإناث. ويرى أن هذه الثقافة لا تزال سائدة لأسباب مختلفة؛ منها خشية الآباء على البنات وتفضيلهم الذكور على البنات؛ بسبب حوادث هتك عرض البنات أو الاغتصاب أو مشاكل الانحلال المتزايدة في المجتمعات عموما.
ويشير إلى إحصاءات رسمية نشرت عام 2008 بينت أن 90 في المئة من الرجال المصريين يفضلون إنجاب صبي أو عدم الإنجاب نهائيا على إنجاب فتيات فقط، وأن هناك عشرة آلاف مصري طلقوا زوجاتهم لأنهن لم ينجبن سوى إناث.
وتثير عمليات التحكم في اختيار الجنين جدلا أيضاً وسط علماء الدين، فهناك فتوى للدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية بجواز التحكم في تحديد نوع الجنين، مستنداً في فتواه إلى أنه لا يوجد نص قرآني يحرم ذلك. وقال:"إن مجمع البحوث الإسلامية أجمع على إباحة الأمر، ولكن في حالات الضرورة فقط، مثل: عدم إنجاب الذكور مسبقا في الأسرة، وألاّ يكون المقصود بذلك إنجاب الذكور فقط من دون الإناث، وإنما يتم في ظروف محددة أو في حالة وجود أمراض وراثية".
بينما يعترض بعض العلماء الآخرين على ذلك، ومنهم إبراهيم رضا الخطيب بوزارة الأوقاف، حيث يرى أنه مخالفة صريحة لمشيئة الله، ويعتبر عودة لعصر الجاهلية الأولى ووأد للبنات.
عيادات تحديد الجنس تلاقي رواجاً في مصر، والعلماء يصفونها بالجاهلية.
- التفاصيل