هل يمكن أن تتحول قوانين المرأة والطفل والأحوال الشخصية في مصر إلي صورة طبق الأصل من القوانين الغربية..؟! سؤال كان من الطبيعي أن تكون إجابته الفورية بالنفي القاطع، ولكن ربما يختلف الأمر وتختلف الإجابة بعد المطالبات المستمرة للمنظمات النسائية ببعض البنود في المشروعات المقترحة لقوانين الأحوال الشخصية التي تخالف أحكام الشريعة
الإسلامية، وكذلك تعاليم الدين المسيحي؛ لتتوافق مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر ومنها اتفاقية 'السيداو' أو "إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والمساواة الكاملة بينها وبين الرجل" وهو ما أوضحته المهندسة كاميليا حلمي رئيس اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، والتي شاركت بالجلسة الثالثة والخمسين للجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة، والتي انعقدت تحت عنوان "التقاسم المتساوي بين النساء والرجال في تقديم الرعاية" حيث تعرضت الجلسة للتشريعات المطلوب تغييرها في كل الدول الإسلامية مثلما حدث في المغرب حيث قامت بتغيير قانون الأسرة لديها بما يتوافق مع اتفاقية 'السيداو' وتوضح المهندسة كاميليا أنه تم خلال هذه المناقشات الترويج لصور معينة من خلال عرض صور وأفلام تظهر الرجال وهم يؤدون مهام المنزل من تغيير الحفاضات للأطفال والغسيل وأعمال المطبخ، وطالبت الأمم المتحدة بأن يتم تنظيم الأمر ليس بشكل ودي بين الزوجين ولكن بموجب إلزام قانوني وكانت المطالبة هذه المرة بإزالة جميع الفوارق والمساواة بين المرأة والرجل بموجب القانون ويتضمن ذلك إلغاء الولاية للبنت في سن الزواج 'إلغاء الولي' ومن الممكن أن تكون الأم هي الولي كذلك إلغاء القوامة؛ لأن المرأة أصبحت تنزل إلى العمل وتشارك الرجل في الإنفاق بنسبة 50٪ وبذلك لا يكون عليها واجب الطاعة لزوجها.
ثالثًا: إلغاء انفراد الرجل بالطلاق ولكن تجب موافقة المرأة علي الطلاق وأن يذهبا معًا للمأذون وكذلك تقييد التعدد إلا بموافقة الزوجة الأولي أو تطليقها أولاً برضاها، ورضاها يشتمل علي مساومات مالية كبيرة وكثيرة.. رابعًا: السماح بزواج المسلمة بغير المسلم أسوة بزواج المسلم بغير المسلمة.. خامسًا: إلغاء ولاية الأب علي الابنة البكر لأنها تهدر حقها في الزواج من خلال الدعم المالي الذي يقدمه للابنة البكر.. سادسًا: إلغاء المهر معتبرين أنه عنف ضد المرأة لأنه يعتبر ثمنًا للعروس وهذا يعود بنا إلى عصر الرقيق.. سابعًا: إلغاء 'العدة' في الطلاق والوفاة مؤكدين أنه لا لزوم لها لأن الزوجة أقدر من غيرها بمعرفة حالها ونفسها ولا لزوم لتلك المدة المسماة بالعدة مما يعرض لاختلاط الأنساب !!
انتهت المطالب ولم تنته مواد 'السيداو' والغريب الذي توضحه المهندسة كاميليا أن أمريكا رفضت التوقيع علي تلك المطالب لأنها تخالف قوانينها الخاصة في حين وافقت بعض الدول الإسلامية وبالرغم من مخالفتها لأحكام الديانتين الإسلامية والمسيحية والأعراف والقوانين وكان لمصر الكثير من التحفظات، ولكن هناك إغراءً دوليًا لبعض الجمعيات النسائية للضبط والمطالبة بتطبيق البنود أو علي الأقل التمهيد لها.
فمن خلال ورشة عمل جماعية اجتمعت بها قيادات ثماني جمعيات أهلية إسلامية ومسيحية في ختام عام 2008 وهي: جمعية خدام الإنجيل، وزهرة الأوطان، وشباب مصر للتنمية، والرؤية الاسلامية، ونهضة السلام، مع الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، بالاشتراك مع مركز قضايا المرأة وكان الغرض منها مناقشة مساوئ قانون الأحوال الشخصية الحالي ووضع مشروعات قوانين جديدة علي هوي هذه المنظمات.
حيث طالبت عزة سليمان رئيس مركز قضايا المرأة خلال هذه الورشة بضرورة الاعتراض علي إخصائي محاكم الأسرة والسبب هو عدم تمكين المرأة حيث أنهم يقومون بتوجيه النصح للمرأة بأن تعود إلى بيتها ولم شمل الأسرة. ولذلك طالبت بتدريب للعاملين في محاكم الأسرة في القضاء 'للحكم بما هو في صالح المرأة!!'.
كما تضمنت الورشة التهكم والسخرية من المصطلحات الفقهية مثل نفقة المتعة، أجر الحضانة، المرأة الناشز، الولد للفراش واعتبروا المهر ونفقة المتعة عبودية مالية يطغي بها الرجل برأس المال وكأن المرأة لا تتمتع إلا بهذه النفقة كذلك رفض أجر الحضانة لأنه بهذا الأجر يكون له حق مشاركتها في الحضانة أو الاستضافة وكأن الرجل يدفع للأم ثمن تربية أطفالها وكسائهم وغذائهم واعتبروا المرأة الناشز مفهومًا خاطئًا وأن أي مطالبة زوجية بالإكراه هو اغتصاب زوجي تجب المعاقبة عليه كذلك رفضت الورشة إسقاط الحضانة عن الأم بسبب زواجها مرة أخرى معتبرين أن ذلك حقها الشرعي ولا يمكن إسقاطه حتي بسبب تغيير ديانة الأم متسائلين: هو الدين فقط هو الذي يجعل المرأة أمينة علي الأولاد؟!
كذلك استندت عزة سليمان إلي وثائق قديمة مثل وثيقة تزويج المرأة لبناتها وكذلك حق العصمة وعقد زواج رفاعة الطهطاوي والذي وضعت فيه زوجته شروطًا مفصلة مؤكدة أن تلك الوثائق تساعد المنظمات النسائية في مجابهة رجال الدين أليس رفاعة الطهطاوي كان رجلاً معممًّا ومن رجال الأزهر؟ وكذلك تجعلنا كمجتمع مدني نواجه التفتت علي كون الولي رجلاً وكان الأغرب هو الإشادة بمذهب الشيعة لمساواتهم بين المرأة والرجل بالنسبة للإرث!!
والواقع أنه علي الرغم من تحفظ مصر في الأمم المتحدة تجاه بعض توصيات 'السيداو' وبكين + 15 إلا أن هناك حراكًا مجتمعيًا يكون الغرض منه تفسير الإسلام والدين من خلال مواد تلك الاتفاقيات وليس بمنظور فقهي: وأكد ذلك الدكتور جعفر عبدالسلام، أمين عام رابطة الجامعات الإسلامية أن لجنة المرأة في الأمم المتحدة استطاعت أن تضغط علي الدول جميعًا للانصياع لمواد السيداو علي الرغم من تضمنها أمورًا تخالف الشريعة الإسلامية وهذا ما يجعل هذه الاتفاقية غير جائزة شرعًا.
أميمة ابراهيم
جريدة الأسبوع المصرية