الدوحة – الراية: قال الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن الإسلام حرر المرأة من ظللمات الجاهلية ومكنها من امتلاك إرادتها وحريتها بعدما كانت متاعًا وسلعة تباع وتشترى.
جاء ذلك خلال تفسير القرضاوي لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً" في درسه اليومي بجامع الشيوخ خلال صلاة التراويح.
وقال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية "يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً".
وأكد أن الإسلام جاء وبعض الناس ينكرون إنسانية المرأة وآخرون يرتابون فيها وغيرهم يعترف بإنسانيتها، ولكن يعتبرونها مخلوقا خلق لخدمة لرجل. فكان من فضل الإسلام أنه كرم المرأة، وأكد إنسانيتها وأهليتها للتكليف والمسؤولية والجزاء ودخول الجنة، واعتبرها إنسانا كريما له كل ما للرجل من حقوق إنسانية؛ لأنهما فرعان من شجرة واحدة، وأخوان ولدهما أب واحد هو آدم، وأم واحدة هي حواء. فهما متساويان في أصل النشأة، متساويان في الخصائص الإنسانية العامة، متساويان في التكليف والمسؤولية متساويان في الجزاء والمصير.
وأضاف: لا توجد قضية التبس فيها الحق بالباطل، واختلط فيها الصواب بالخطأ ووقع فيها الغلو والتقصير، مثل قضية المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية. فالحق أنه لا توجد ديانة سماوية أو أرضية، ولا فلسفة مثالية أو واقعية، كرمت المرأة وأنصفتها وحمتها، مثل الإسلام. فقد كرم الإسلام المرأة وأنصفها وحماها إنسانًا وأنثى وبنتًا وزوجة وأمًا وعضوا في المجتمع.
وتابع: كرم الإسلام المرأة إنسانًا حين اعتبرها مكلفة مسؤولة كاملة المسؤولية والأهلية كالرجل، مَجْزِيَّة بالثواب والعقاب مثله، حتى إن أول تكليف إلهي صدر للإنسان كان للرجل والمرأة جميعًا، حيث قال الله للإنسان الأول: آدم وزوجه "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ".
وأشار القرضاوي إلى ضرورة التعرف على أوضاع الجاهلية قبل الإسلام حتى نتمكن من التعرف على عظمة الإسلام وكيف نقل المجتمع الجاهلي من الظلمات إلى النور، مضيفًا: فكما قال العلماء يوشك أن تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية، لذلك فإنه من الضروري دراسة أوضاع الجاهلية حتى نشعر بعظمة الإسلام.
ولفت إلى أن قضية المرأة تعتبر المثال الأبرز في هذا المجال، حيث كانت تتعرض لظلم شديد وكانت تعتبر متاعًا وسلعة من السلع تباع وتشترى وتورث بين أولياء الأمور.
وأوضح أن المرأة في الجاهلية كانت تحرم من الميراث بل كانت تورث ضمن الميراث، فيرث الابن زوجة أبيه، وهو ما أبطله الإسلام وجعل للمرأة كيانًا مستقلا له كامل حقوقه.
وذكر أن القرآن الكريم اهتم بقضية المرأة والأسرة بشكل كبير، لأن المرأة نواة الأسرة التي هي اللبنة الأولى في المجتمع الإسلامي الكبير، وإذا صلحت المرأة صلحت الأسرة ومن ثم المجتمع ككل.
وأكد أن الإسلام هو الذي حرر المرأة من عادات الجاهلية والظلم الذي كانت تتعرض له جراء التقاليد البالية. وقال إن الإسلام منح المرأة حريتها وإرادتها، خاصة أنه بدون الحرية تفقد المرأة إنسانيتها وكرامتها.
وقال إن المرأة المسلمة ظلمت مرتين: الأولى من تقاليد جاهلية وموروث متخلف، والثانية من تقليد أعمى لعادات تمارسها المرأة في الغرب، وكلا الأمرين ضد طبيعة المرأة، وضد ما أمر به الشرع حيث إن المرأة شريك أساس للرجل في كل مناحي الحياة باستثناء بعض الأمور المرتبطة بالقضايا الأنثوية.
وتحدث القرضاوي عن فضل المعاشرة بالمعروف بين الزوجين، موضحًا أن مصطلح المعروف ورد كثيرًا في القرآن الكريم، خاصة فيما يتعلق بقضايا المراة والأسرة والميراث، ليؤكد أن التفقة والمعاشرة والمهر وغير ذلك يرجع إلى العادات والتقاليد المتعارف عليها بين الناس، وهو بذلك يراعي البيئة المحيطة ولا يصطدم بها، كما يتيح مساحة واسعة أمام الناس ولا يضيق عليهم بأور محددة يصعب تنفيذها مما يضع الناس في مشقة.
وشدد على أهمية إشاعة جو المودة والرحمة داخل الأسرة حتى يخرج الأطفال في جو صحي، مشيرًا إلى أن المودة هي التي أمر الله بها بين الزوجين، خاصة أن الحب الخيالي الذي تصوره الروايات والأشعار ليس موجودًا بين كل الأزواج، مؤكدًا أن الأسرة تقام على المودة الناتجة عن العشرة وحسن الأخلاق وليس على الحب فقط.

JoomShaper