لها أون لاين
أظهر استطلاع للرأي أجراه موقع "لها أون لاين" وشارك فيه 1076 شخصا، ضمن فعاليات الحملة التي دشنها الموقع ضد ظاهرة الابتزاز والتي كانت بعنوان: "لن أخضع لمبتز" ، أن حالة الفراغ التي يعاني منها الشباب هي من أبرز أسباب انتشار ظاهرة ابتزاز الفتيات.
فيما أكد 26% أن انتشار الفضائيات والإنترنت كان وراء انتشار هذه الظاهرة.
واعتبر 25% من المشاركين أن فقدان العاطفة والحب في بيوتنا قد أدى لتفاقم مثل هذه الظواهر.
بينما أرجع 17% من المشاركين ظاهرة الابتزاز إلى انتشار الاختلاط في مجتمعاتنا مقارنة بالماضي. وتعتبر ظاهرة ابتزاز الفتيات من الظواهر الدخيلة والجديدة على مجتمعاتنا، وعلى الرغم من ذلك فقد أخذت في الانتشار بشكل متسارع وبوتيرة عالية بشكل يهدد الاستقرار الأسري، الأمر الذي دفع العديد من المختصين والمربين من التحذير منها ومحاولة التصدي لها، ومن ثم فقد جاءت الحملة التي دشنها موقع "لها أون لاين" ونظمت خلالها العديد من الفعاليات، وكانت من ضمنها حوارات حية استضيف خلالها المستشار د. عبد العزيز المقبل، بمشاركة الضيوف د. فيصل العشيوان ، و د. عبد المحسن القفاري، والأستاذة حواء آل جدة. كما فتح الموقع باب المشاركة للقراء للتعبير عن آرائهم حول أسباب جريمة الابتزاز، وطرق التصدي لها من خلال صفحة شاركوا بالرأي.
تربية الفتاة:
من جانبه أكد الدكتور عبد العزيز المقبل على أهمية تربية الفتاة على الثقة بالنفس.. وتحمل عنادها، أو ردها القوي بـ( لا) منذ الصغر.. وتربيتها على الوصول إلى تطبيق الأمور بقدر من القناعة لا الضغط.. حينها ستعتاد على مقولة ( لا ) .. ولن تخضع لأي مبتز.. وكذا تربيتها على الشجاعة الأدبية، في النقاش والحديث.
وأوضح المقبل أن من الطبيعي لأي مجتمع يتعرض لتغيرات أن تترك أثراً في سلوك أهله، لكن حجم هذه التغيرات ومستواها ونوعها يرجع إلى أمرين، الأول: قوة هذه المؤثرات وأدواتها. والثاني: مدى قابلية ذلك المجتمع للتغير.
وأضاف قائلا: إن مجتمعنا – بعامة – كان مجتمعاً محافظاً، لكن محافظته تلك، لم تكن مبنية عن تربية أو قناعات، ولكن وجودها كان بسبب الإرث الديني، الذي كان عليه الآباء، فأورثوه الأبناء، ولأن مجتمعنا مجتمع مسلم، فقد كان ضمن ذلك الموروث التأكيد على احترام الكبير، وعلى رأس الكبار الوالدان، والتأسي به.. فالقيم والأدبيات كان يراها الإنسان أمامه وبين يديه، ولا يرى ما يعارضها، فيرتدي ثوبها بطريقة عفوية.. بل إنه يرى أن من يخرم شيئاً من تلك القيم والأدبيات، ولو صغيراً، يتعرض لنوع من التأنيب، قد يكون قاسياً. ثم قد كان هناك ضبط اجتماعي، داخلي وخارجي، يؤكد القيم، ويسعى للمحافظة عليها. يعود لتماسك المجتمع الاجتماعي والأسري، من جهة، ولتفعيل دور هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جهة أخرى.
وتابع: وحين هبّت رياح الطفرة المادية تفاعل معها الناس بصورة كبيرة، سواء في الركض وراء تحصيل أكبر قدر من المكاسب المادية، أو تحصيل مستويات عليا من (الزخرفة) الحياتية.. وقد اقتضى ذلك أموراً كثيرة، منها: السفر للبلدان الأخرى؛ العربية والأجنبية، واستقدام العمالة المنزلية والعامة، والتسابق على الجديد من المنتجات التقنية.. ومعنى هذا أنه أصبح لدينا سيل ثقافي ضخم من الأفكار السلوكيات، بعضها طازج يحملها ويمثله القادمون للوطن، وبعضها معلّب تبثّه القنوات، لتحيله إلى طازج !!
ومعنى هذا أن البلد انقلب من مجتمع مغلق إلى مجتمع مفتوح.. بل إلى سوق تعرض فيه شتى الأفكار والسلوكيات، حتى الممنوعة تبرعت شبكات النت بتسويقها .. وأصبحت العمالة، بشتى صنوفها تماثل أهل البلد الأصليين عدداً، بل عن طريق الزيجات حدث تمازج بين الطبائع والعادات. ولأنه لم يكن ثمة تربية واضحة، وإنما مجرد (غطاء) محافظة، فإنه بمجرد ما أطارت رياح العولمة ذلك الغطاء؛ بدأ سيل تغيرات ضخم يندلق بين مدن وقرى وأحياء، بل وبوادي الوطن.
وعلق المقبل على استدراج الفتيات من خلال دعاوي الحب قائلا: الحب شيء فطري، لكن إقامة العلاقة تحت أي مسمى ليست - إطلاقاً - بداية للحب الحقيقي، بل إن مثل هذا الأمر يعد خلاً يفسد عسل الحب لو حدث.
إن المحب الحقيقي هو من يكتفي بمعرفة أهل المحبوبة ليطرق عليهم البيت، وليتأكد أن خطبته ستسير بصورة مقبولة وليس هو من يحاول فرض نفسه؛ لأن عملية الزواج والارتباط عملية متكاملة، ولا تنتهي عند مجرد الزوجين. ثم إني خلال أكثر من عشرين عاماً لم أجد هناك حقيقة لكثير من دعاوى الحب، مع أني دخلت في الكثير منها، بل إن طلابي في الجامعة قالوا - بنسبة 93 % إن العلاقات لا يمكن أن تنهي بحب..!!
صدق التوبة:
وفي أجابته على سؤال حول التصرف الأمثل للفتيات اللاتي يتعرضن للابتزاز، قال الدكتور: عبد المحسن القفاري: ينبغي على الفتاة التي تزل بها القدم، وتتعرض لابتزاز من قبل من أسقطها في هذه العلاقة المحرمة، في البداية صدق التوبة واللجوء إلى الله جل وعلا، والتوكل عليه والندم على ما فات، والدعاء بقلب وجل بأن يخلصها من هذه الفتنة، ويبعد عنها شر وفساد هذا المبتز مع الهدوء والطمأنينة بأن الأمر سيفرج.
2-المبادرة بالاتصال بأحد مراكز الهيئة أو الجهات المعنيَّة فور حدوث الأمر، فإن التأخر يؤدي إلى شيء من الصعوبة في العلاج.
3-الحذر من الرضوخ لمطالب ذلك المبتز مهما بلغت سهولتها والقدرة على تحقيقها؛ فإن مطالب هذا المبتز لن تنته.
4-عدم تصديق ما يقوله المبتز نهائياً، سواء فيما يخص ندمه وتوبته على ما فعل، أو فيما يخص إدعاءه للمحبة والرغبة في العلاقة الشرعية (الزواج).
5-عدم إدخال من يتوسط بينك وبين هذا المبتز لإقناعه بسوء فعلته، بأي شكل من الأشكال سواء عن طريق بعض الزميلات أو بعض أزواج الزميلات أو غير ذلك.
6-الحرص على عدم استفزاز المبتز أو إظهار العناد له بأي أسلوب كان، واستخدام أسلوب التأجيل، وتهدئة الوضع تمهيداً للاتصال بمركز الهيئة للتنسيق معه في ذلك.
7- عدم التواصل مع المبتز ابتداءً بأي وسيلة من وسائل الاتصال حتى ولو بقصد نصيحته.
وفي هذا الإطار أشاد القفاري بالجهود المشكورة التي تقوم بها الهيئة في محاربة مشكلة الابتزاز في إطار عمل نظامي ومؤسسي ذي أهداف شرعية واجتماعية، ويراعى فيها الستر على المرأة تتميماً للمصلحة، مشيرا إلى أن الجميع يرى حرص الهيئة على المساهمة بشكل فاعل في حماية الفتيات من محاولات الابتزاز، والحفاظ على سمعتهن وشرفهن، وهي من أبرز الجهات الحكومية التي تباشر مثل تلك القضايا.
ونصح القفاري الفتاة التي تتعرض لابتزاز من قبل أحد الشباب بالتوجه إلى مراكز الهيئة، وذلك عن طريق الاتصال الهاتفي بأي مركز من مراكز الهيئة المنتشرة في أنحاء البلاد التي تعمل على فترتين صباحية ومسائية، أو عن طريق الاتصال بمكاتب المناوبة في فروع الرئاسة التي تعمل بشكل يومي في الفترة المسائية في جميع مناطق المملكة، أو عن طريق مكتب الآمر العام المناوب في ديوان الرئاسة والذي يعمل بشكل يومي في الفترة المسائية، أو بالتواصل عن طريق موقع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإلكتروني.
وأشار إلى أهمية الدور الذي تلعبه بقية مؤسسات المجتمع لمواجهة هذه الظاهرة، وذلك عن طريق التوعية والتوجيه وبيان أسباب هذه المشكلات وحلها، وتحذير المجتمع عموماً منها، وتوجيه رسائل خاصة للشباب والفتيات تبين فيها الخطوات الشيطانية التي ينجرف فيها الشاب أو الفتاة يوماً ما، مع التركيز على جانب توعية أولياء أمور الأسر بأن يكونوا متيقظين وحذرين ممن يريد العبث بأعراضهم.
مشددا على أهمية وسائل الإعلام ومنها النوافذ والمواقع الإلكترونية للمساهمة في التوعية والوقاية ومعالجة المشكلة بتقديم الخطاب المقنع للفئات المستهدفة -وبحمد الله -فإن في ذلك سعياً للخير ونشراً للمعروف ومساندة جهود ولاة أمرنا في حماية الفضيلة وترسيخ ما يحبه الله ويرضاه.
غرف الدردشة:
وحول تأثير مواقع الدردشة والمواقع الاجتماعية في انتشار ظاهرة الابتزاز، قالت الأستاذة. حواء آل جدة: مواقع الدردشة والمواقع الاجتماعية استأثرت بالنصيب الأكبر لوجود الابتزاز، ما الدوافع والنتائج، ومن ذلك:
- تسهيل التواصل بين الجنسين، وتبادل الوسائط بشتى الوسائل ( كتابة - صوتًا - صورة ثابتة - صورة متحركة).
- غياب تام للرقيب البشري الذي يُخشى أو يُضرب له حساب أو يُستحى منه. والأصل أن يكون رقيب الإنسان نفسه.
- نشر قصص ونماذج تكوين الصداقات بين الجنسين عبر تلك الوسائل، مما يسوق ويسوغ للأمر بأنه مقبول، وأنه سائدٌ شبابي، فيؤخذ الضحايا من الجنسين ببريق الانتشار.
ونصحت آل جدة الفتيات لعدم الوقوع في شباك الابتزاز أثناء تعاملهن مع التقنية:
- أن تكن واعية.. بمسؤوليتها التامة عن نفسها، والمحافظةِ على شرفها وكرامتها، كونها بالغة رشيدة، لأني أسمع عن بعضهن إلقاء اللوم على الوالدين ونحوهم عندما تقع في خطأ، وهو وإن كان حقًا؛ فإنه لا يعفيها أبدًا من كامل مسؤوليتها.
- التوقف التام عن تلك الصداقات والتعارف التي لا فائدة منها ولا حكمة تقتضيها، سوى البحث عن تسلية، أو حب، أو فارس حلم.
- الوعي التام بعواقب هذه الصداقات الوخيمة، والقراءة عن الابتزاز، وحبائل أصحابه التي يوقعون بها الضحية.
- عدم الاغترار بحجج من يريد تكوين علاقة معها أيًا كانت، ولو أظهر لها حاجته لمساعدتها، أو أن تقف معه في ظرف يمر به، أو أنه يريدها أن تعينه على الهداية، أو تناصحه، كل هذا تبتعد عنه، ففي الرجال غنوة عن أن تقوم هي بذلك، وإنما تِلكُم من حبائل هؤلاء المبتزين.
- أن تَحذر غوائل الإعلام، وتحذر ما يوجّه من خلاله من ثقافات عقيمة، هادمة، تصور الحب هو أصل العلاقة بين الرجل والمرأة من قبل الزواج، وتُسهل أنواع العلاقات الآثمة والمؤدية إليها بمسمى التعرف على فارس الأحلام، وتعيش عندها الفتاة قصص الغرام وتهيم بألفاظ الحب، حتى إذا صادفت أول من يضيفها أو يطلب إضافتها كصديق، ويبدأ بذكر ألفاظ الحب، تنساق نحوه بعاطفة قوية ظنًّا منها أنها ستعيش تجربة وردية كما في الفيلم الذي رأته.
- ألا تقبل من أحد هدية مهما كان مسوغها أو كانت تافهة، ولا تسمح لنفسها بإهداء أحد من الذكور شيئًا.
- ألا تبعث بياناتها أو صورها أو صور أحد من عائلتها، ولا تحتفظ بها في أجهزتها أبدًا، لئلا يُخترق ويُتحصّل عليها وتُبتز بها.
- أن تكون حذرة جدًا من استعمال الكاميرا، فقد ثبتت حالات صُورت فيها بعض البنات دون علمهن.
- لتنتبه الفتاة من مواقع الاستشارات والرقية وتفسير الرؤى التي لا تعود إلى شخصيات معروفة معتبرة، فكم من فتيات وقعن في اليأس، وابتُززن بتلك المواقع، ومن تعلم من ذلك شيئًا فلتتواصل مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كانت من خارج السعودية قد تكون هناك جمعيات المجتمع لحماية المرأة، أو جمعيات حقوق الإنسان(ولو لزم الأمر)، أو رجال الأمن.
قوانين رادعة:
وعن آلية سير قضايا الابتزاز في المحاكم، قال الدكتور فيصل العشيوان: الآلية لمثل تلك القضايا فإنها تسير وفق الإجراءات الجزائية للنظام الجزائي في المحاكم الجزائية بعدما تكتمل من هيئة التحقيق والادعاء العام والقضايا في الغالب تتم في خلال جلستين أو ثلاث جلسات، وقد تطول في حالة استثنائية نادرة لكنها قليلة لعدم تواجد البيانات أو اكتمالها فتطول الجلسات.
وعلل العشيوان تأخر سن القوانين لردع التحرش الإلكتروني بأن هذا الأمر لم يكثر ويشع أمره إلا لما تنوعت الوسائل الإلكترونية وأسيء استخدامها، و لما ضعف الوازع والرقيب قلت التربية والتوعية بخطر تلك الوسائل إذا لم تستخدم في الشيء المفيد وإلا الأنظمة موجودة و العقوبات مطبقة، لكن الأمر لابد من المعالجة الدائمة ووضع عقوبات مشددة تواكب التطورات.
وأوضح أن العقوبات التي تفرض على المبتز تختلف بحسب الجرم وطريقته وبحسب المجرم وسوابقه، وبحسب كذلك شناعة الأمر وسوئه، فقد يعاقب بسجنه شهرين أو ثلاثة وقد يكون سنة وجلده خمسين جلدة وقد يكون خمس سنوات وآلاف الجلدات وقد يعطى عقوبة بديلة بحسب رؤية القاضي.
مسؤولية مشتركة:
وأرجع قراء الموقع ظاهرة الابتزاز إلى أسباب تتحمل الفتاة جزءا من تبعاتها، فيما تقع بقية التبعات على الشباب، فترى "سندريلا "من مصر، أن سوء سلوك بعض الفتيات وعدم التزامهن بالزى الإسلامي هو السبب الرئيس الذي يدفع الشباب لابتزازهن.
فيما تعتبر موضى من السعودية أن ظاهرة الابتزاز أصلها ضعف الوازع الديني، و البعد عن الله، وعدم وجود رقابة اجتماعية، وانعدام الرقابة الذاتية.
أما "الراشدة" من السعودية فتعتقد أن الفتيات أصبحن أكثر وعياً وإدراكا لهذه القضية، مشيرة إلى إن أغلب الضحايا في غابر السنوات هن فئة المتحررات، سواء من تعاليم الدين، أو رقابة الأهل أو هن من فئة المحبات لتجربة أين كان نوعها وفسادها، داعية إلى وجوب التمسك بديننا، وإعادة النظر إلى سلوكياتنا الخاطئة وتصحيحها دون الحاجة إلى الرقابة الخارجية.
ودعت أم عبد العزيز من السعودية للتصدي لهذه الظاهرة إلى ضرورة قيام الرجال بواجبات القوامة، و مراعاة ولي أمر المرأة لواجباتها وحقوقها التي منحها الإسلام لها.