محمد عبدالقدوس
الرجل المسلم متهم بالإساءة إلى المرأة عند الغرب! ولا يكفى أن ترد متهماً الخواجات بالتعصب!! بل عليك أن تبحث كذلك عن عيوبك، وما إذا كان هذا الاتهام له أساس يستند إليه، أم أنه «أى كلام»؟!
وفي التطبيق العملي، تجد فارقاً كبيراً بين إسلامنا الجميل، الذي قام بتكريم «النصف الحلو»، أقصد بنات حواء، وعقلية الرجل الشرقي، الذي خسف بها الأرض! وتعالوا معي نلق نظرة سريعة ومقارنة بين تعاليم الإسلام وما يقول به واقعهم، وهناك قصة شهيرة عن تلك الفتاة، التي جاءت تشكو أباها إلى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام،والسبب أنه يريد تزويجها بابن عمها وهي له كارهة، وبمنطق المتشدّدين فهذا بالطبع أمر مستغرب! لقد ارتكبت هنا عدة مخالفات، أعلنت تمردها على والدها، مع أنه أعلم بمصلحتها، ولاشك أنه قدم لها الزوج المناسب فكيف تعصيه؟ ثم إنها لم تكتف بذلك، بل جاءت تشكوه إلي قائد الأمّة، يعني الخلاف بينها وبين أبيها خرج من النطاق العائلي ليصبح مشاعاً عاماً، وهي في هذه الحالة، تستحق (علقة ساخنة) من ولي الأمر حتى تفيق لنفسها، وتعرف كيف تلزم الأدب!
صدق أو لا تصدق، نبي الإسلام رفض هذا المنطق كله وانحاز إلى جانب تلك الفتاة واستدعى والدها وطلب منه أن يعطي لابنته حريتها في اختيار «العريس» الذي تريده، وتكتمل المفاجآت في تلك القصة، عندما تعلم أن سيدتي الصغيرة اختارت الزوج، الذي رشحه لها أبوها، ولكن هذه المرة دون ضغط أو إكراه أو زواج بالعافية، وهي كما أخبرتنا أرادت أن تعطي درساً لبنات جنسها وللأجيال المختلفة أن البنت هي التي تختار بإرادتها شريك حياتها وليس من حق أهلها أن يتحكموا فيها، وللأسف، نجد تلك القصة استثناء في حياة المسلمين، بينما ساد منطق المتشددين!
وإسلامنا الجميل حقّق المساواة الكاملة بين حواء وآدم بطريقة عملية وليس بالكلام النظري أو التمنيات الطيبة، وكان سبّاقاً في هذا الأمر ولم تلحق به الدنيا كلها إلا مؤخرا! فهو أول من أعطى للمرأة ذمة مالية مستقلة عن زوجها، وكان هذا غريباً جداً على عقلية العصور الوسطي ولم يعرفه العالم إلا متأخراً في العصر الحديث، وأقر لسيدتي شخصيتها المستقلة، فلا تلحق بشخصية زوجها، وهذا الحق غير معروف حتى الآن في بعض البلدان المتقدمة، فهي عندما تتزوج، تفقد لقب أسرتها ويتم تقديمها للمجتمع باسم حرم فلان زوجها وليس باسمها كاملاً.
الإسلام وتطبيقات عملية لحقوق المرأة
- التفاصيل