الدستور - إسراء خليفات
هناك الكثير من الأمثال والأحاديث التي تتحدث عن الجار إلا أن ما نراه اليوم يعكس تماما معنى هذه الأمثال نتيجة لما يعده البعض مصدرا للنميمة وبعضهم يعتقد أنها السبب الرئيس في المشاكل الزوجية كما يعتبرها آخرون أنها فقط لنشر الأسرار العائلية .
هل حقا المعنى الحقيقي للجيرة تغير عما قبل أم ما زال هناك التعامل الطيب والنية الصافية وتواجد الطمأنينة بينهم ؟
المخالطة بين الجارات
أوضحت نورة 36 عاما أنها متزوجة منذ خمس سنوات وتسكن في عمارة كبيرة معبرة أنها على الرغم من توافر الجارات وجلساتهن المتكررة في اليوم الواحد إلا إنها تكتفي في التعامل مع جارتها التي تسكن في نفس الطابق المقابل لبيتها كما أنها تتعامل معها أيضا بحدود معينة حيث لا تسمح لها بالتحدث عن الأمور الزوجية أو العائلية ، مضيفة أن علاقتهن مختصرة على رد السلام وحضور المناسبات أو إن احتاجت أي مساعدة وذلك تجنبا للمشاكل والمتاعب التي قد تلحقها بين الجارات الأخريات أو مع زوجها نتيجة المخالطة معهن . مضيفة لأن معظم جاراتها لا يتحدثن إلا عن بعضهن البعض الأمر الذي يضايقها وتبتعد عن صداقتهن .
وتذكر وئام 32 عاما أن علاقتها معدومة مع جاراتها وذلك نتيجة ما حدث معها من إحدى الجارات حيث كانتا تتحدثان يوميا عن أسرارهما العائلية والأمور التي تخص أبنائهما ، تقول وئام : ذات يوم كان عند جارتي حفلة نجاح ابنتها فبادرت بعمل كعكة وأرسلتها لها كعربون محبة وصداقة دائمة بيننا وما لبثت وأن أعادتها لي معتذرة أنها تخاف على ابنتها من أن أحسدها أو أكون قد وضعتُ لها السحر مبررة ذلك بأنني كنت أذكر أبناء الجيران الاخرين عما يحدث معهم. موضحة حقا لم يعد هناك معنى للجيرة مثلما كان من قبل. مبررة أنها تعاملت بحسن نية وطيبة وجارتها أعتبرنها بنية أخرى .
قد لا تكون في محلها
وأشارت رحاب أنه تحبذ صداقة الجارات أو التجمعات المسائية أو الصباحية وذلك لأنها أصبحت الجيرة في الوقت الحالي لا تحتوي سوى على النميمة أو الحديث عن الامراض أو عن الاموال أو عن الأزواج ، فالثقة التي تضعها بعض النسوة في أخريات على أساس الجيرة ، قد لا تكون في محلها ، وبالتالي إذا حدثت أية مشكلة ما نتيجة إفشاء الأسرار كأن تتعرض إحداهن للسرقة مثلا ، فإن المتهم الأول هي الجارة ، لتنشب بعدها نزاعات بين الجيران تحولهم إلى أعداء ، مبينة بذلك أصبح التواصل بين الجيران محدودا إلى درجة أن الجار أصبح لا يسأل عن جاره ولا يزوره إلا عند الضرورة القصوى كالأفراح أو غير ذلك .
رأي علم الاجتماع
تقول الدكتورة فاطمة الرقاد أستاذة علم اجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية إن مفهوم الجيرة في المناطق الحضارية خاصة ، اختلف نتيجة للتغيرات التي طرأت على المجتمع الاردني والتي نتجت عنها الرغبة في العيش بصورة انفرادية ، من خلال الانغلاق على الأسرة ورفض التواصل .
موضحة أنه في الماضي كان يجاور الناس إما الأخ أو الأخت أو ابن العم ونحو ذلك أما الان أصبح الجيران غرباء لا تربط بينهم أية صلة قرابية أو علاقة ، الأمر الذي يجعله لا يبالي بما قد يقال أو يحصل بين الناس وتشير الدكتورة الرقاد الى أن علاقة الصداقة بين الجيران تتقلص بوجه الخصوص عند النساء ، في حين ترتفع عند الرجال : وذلك لأن المرأة وقت الفراغ تكثر في التجمعات من الأقاويل فمن كثر كلامه كثر خطأه مما يجعل الصراعات والنفور تنشأ بينهن ، على العكس من الرجال فيقل حديثهم وتكثر صداقتهم .
تجمعــات الجــارات .. محاور الحديث.. أسرار البيت أم نميمة ؟!
- التفاصيل