الكويتية المطلقة التي قامت بإحراق خيمة نصبت لعرس زوجها السابق، وتسببت في قتل أكثر من 40 شخصا جعلتني أستعيد مقالة فرنسية عن تنامي دور المرأة في عالم الجريمة.
فاجأتني معلوماتها فاحتفظت بها بين أوراقي. صحيح أن هناك فرقا، فالسيدة الكويتية لم تكن زعيمة عصابة، وفيما قرأت فليس لها سجل في عالم الجريمة، ولكنها فعلت فعلتها مدفوعة بمشاعر الانتقام والغيرة والحقد، إلا أنها كانت واعية بأن من شأن الحريق لا أن يقتل طليقها وعروسه الجديدة فحسب، ولكن أن يقتل الذين احتفلوا به أيضاً، وعمدًا أرادت أن تحول الفرح إلى كارثة.
المقال الذي أتحدث عنه نشرته «الاكسبريس» الفرنسية (في 13/8)، واشترك في إعداده ثلاثة من الصحفيين، لفتوا الانتباه إلى قول المدعي العام الإيطالي: إن النساء لم يعدن ضحايا في عالم الإجرام، وإنما صار بعضهن مجرمات كبيرات يرأسن عصابات ومافيات في أنحاء العالم. وهؤلاء متعلمات ويتمتعن بجرأة فاقت كثيراً جيل الأمهات.
ذكرت المقالة أن أول زعيمة مافيا في إيطاليا هي جيزى فيتال «37 سنة» التي أعلنت توبتها في سنة 2005، وكانت قد رأست أحد فروع مافيا «كوزا نوسترا» ذائعة الصيت لمدة خمس سنوات (بين عامي 1998 و2003) وشهد لها الجميع بالحزم والقسوة.
ومن الشائع في نابولي أن تمسك شقيقة زعيم العصابة أو خليلته بزمام العصابة بعد سجنه. وفي بعض الأحيان فإنها ترفض أن تتخلى عن دورها بعد الإفراج عنه،
وفي رأي خبراء الجريمة أن النساء اللاتي يتقلدن هذه المواقع عادة ما يتسمن بالجرأة المفرطة والوحشية. وقد ذاع صيت واحدة من هذا الصنف في الخمسينيات (اسمها بوبيتا ماريكا) ذلك أنها وهي بنت 16 عاماً، وحامل في شهرها السادس، قامت بإطلاق 15 رصاصة على رجل أثناء تناوله الطعام في مطعم.
وطوال عشرين عاماً هيمنت سيدة أخرى متوحشة اسمها آن ماتسا أو «الأرملة السوداء» على مدينة أفراتمولا الصغيرة بضواحي نابولي.
في المكسيك تتولى سيدات أنيقات، هن بمثابة نجوم في وسائل الإعلام رئاسة عصابات المخدرات، ومنذ التسعينيات إلى اليوم يتعاظم دور هؤلاء النسوة في عمليات بيع المخدرات وترويجها، وبعضهن بلغن مواقع قيادية في العصابات.
وأكثر الزعيمات شهرة واحدة اسمها ساندرا افيلا يلتران، أما أكثرهن نفوذاً فهي أندينا اريلانو فيليكس، التي رأست عصابات «تيخوانا» منذ القبض على عدد من أشقائها ومقتل بعضهم. ومعروف عن هذه السيدة التي درست المحاسبة أنها كتومة وحذرة ولا تهتم بالمظاهر أو بالحياة الباذخة. وقد استثمرت أرباحها في مشروعات عقارية وفندقية.
وهناك زعيمة أخرى اشتهرت باسم «الفهد» (اسمها ايفون سوتوفيجا) أسست مكاتب صرف عملة ووكالات عقارية، وقامت بتبييض أكثر من 100 مليون دولار في تلك الشركات، قبل إلقاء القبض عليها في سنة 2001، وتشير الإحصاءات إلى أنه خلال عامي 2007 و2008 لقيت أكثر من 50 مكسيكية مصرعها في حروب تصفية الحسابات بين العصابات،
وفي عام 2005 إثر القبض على زوج ماريا ليتشيادى مديرة إحدى عصابات المافيا، كان عنوان صحيفة «ايل ماتينو» الذى أُبرِز على الصفحة الأولى هو: إلقاء القبض على زوج الرِّيسة.
وفي بعض المدن الأوروبية، تدير نساء نيجيريات شبكات دعارة تنتشر في إسبانيا، وميلانو، وباريس وإدارة مثل الشبكات هذه كانت إلى وقت قريب حكراً على «قوادين» رجال، ويسمى رجال الشرطة الفرنسيون هؤلاء النسوة «لى ماما» (الأمهات) ونظراؤهم البلجيكيون يسمونهن «لى مدام» (السيدات) ويعود تأنيث إدارة شبكات الدعارة إلى نهاية الثمانينيات من القرن العشرين، إثر وصول مومسات نيجيريات «مستقلات» إلى أوروبا واستقرت المومسات بإيطاليا وإسبانيا. واستثمرن أرباحهن في بلدهن الأم. وبعضهن اخترن الاستفادة من الخبرة التي راكمنها في عالم البغاء للإشراف على عدد من الشابات، وتشتري النسوة هذه «قوة عمل» شابة فتية.
وفي2009، بلغ سعر استقدام شابة من نيجيريا إلى أوروبا 10 آلاف يورو، ويسدد المبلغ لشبكات هجرة غير مشروعة تنقل المهاجرين إلى القارة الأوروبية، وتتولى «المدام» تفاصيل استقبال الشابة، وتؤمن مكان إقامتها، وعملها، وتختار زبائنها، وتحتسب «مردودها» ويفترض بالشابة الجديدة تسديد نحو 60 ألف يورو لـ«المدام»، وهو مبلغ يمكن تحصيله من «الشغل» خلال عامين أو ثلاثة
ـ إن وجه «الجنس اللطيف» يتغير حيناً بعد حين ـ وتمكين المرأة يحقق قفزات لم تخطر على البال
فهمي هويدي
صحيفة الشرق القطريه