الدمام – رحمة ذياب
«أم علي»... «أمية» تجمع الكتب والصحف على أمل أن تتمكن من قراءتها مستقبلاً
«الزواج يأتي في أي وقت، لكن التعليم فرصة قد لا تتكرر»، هذا ما تؤمن به الطالبة في جامعة الدمام نوف المهنا، التي ترى أن لكل من الزواج والتعليم «احتياجاً معيناً، فالتعليم يعود بالنفع على المرأة، خصوصاً في ظل ما يحدث من تطورات مادية متسارعة حالياً» وفي المقابل فإنها ترى أن «مشاريع الزواج تشهد نسب فشل عالية».
ولا يغيب عن ذهن آلاء عبدالرحمن (موظفة)، ما قرأته في إحدى الصحف المحلية، حول حادثة طلاق امرأة، بسبب «عدم ترسيمها في وزارة التربية والتعليم، فهي أخفت على طليقها أنها تعمل على بند «محو الأمية». ولم يمض على زواجهما أربعة أشهر، ولكن نظرة الرجل إلى المرأة باتت بحسب الدرجة العلمية والمكانة الوظيفية التي تمتلكها»، مردفة أن «التعليم يتقدم على الزواج، لأنه استثمار لطاقاتي العقلية والحركية والفكرية في التعليم، أفضل من إسرافها في مشروع زواج، قد ينتهي إلى الفشل».
وتنطبع في مخيلة آلاء حكاية أختها، التي تعتبرها «نموذجاً حياً» أمامها، لذا ترفض أن «تنصاع المرأة وراء الزواج، على حساب حرمان نفسها من التأهيل والتعليم والمقومات التي تساعدها في محاربة متغيرات الزمان، إذا غدر بها»، موضحة «أختي تعمل في سلك التعليم منذ أعوام طويلة، وفضلت أن تقدم لزوجها أشكال الدعم المادي كافة، في عدد من المشكلات التي واجهته، على حساب عدم إكمال دراسة الماجستير، التي كانت سترفع من درجتها الوظيفية. وبعد مرور زمن اكتشفت، أنه متزوج، وله ولد، وأموره الحياتية على ما يرام. وكان من باب أولى لها أن تكمل دراستها، بدلاً من مساعدة زوجها. وفي ما يتعلق بي؛ انتشلت مشروع الزواج من حساباتي، لأن زيادة مؤهلات التعليم أفضل لي مستقبلاً». وللنساء الكبيرات في السن رأي مغاير تماماً، فغالبيتهن رددن مقولة «الشهادة تنقعها وتشرب ميتها، وتعلقها على جدار المطبخ... ولكن الزواج ستر للمرأة، ومن ستركض وراء العلم على حساب الزواج؛ ستجد نفسها عجوزاً لا ولد لها، ولا زوج». تتابع جدة آلاء حديثها بالقول: «بنات هذه الأيام يعتقدن أن الشهادة تقارن بالزواج، ونحن لم نتعلم، وتزوجنا، وأنجبنا، ولم نفكر للحظة في العلم، فالعلم والزواج وجهان مختلفان، لا علاقة بينهما».
ولكن الاختصاصي الاجتماعي سعيد العدواني، يرى أن «خلط المفاهيم في المجتمع أصبح يولد كثيراً من الأفكار غير المنطقية، فلا علاقة بين التعليم والزواج، فلكل أمر حاجته. أما مسألة التفضيل فتبقى رهينة للشخص ذاته»، لافتاً إلى أن «الخلط قد ينم عنه ثقافات تسيء إلى المجتمع. فمعدلات النمو السنوية للعنوسة تنمو بشكل مضطرد، وتكاد تصل إلى أعلى قمة المؤشر. وفي المقابل؛ فإن بطالة الخريجات الجامعيات تضاهي بطالة غير المتعلمات، وهنا نسأل: ما تأثير الزواج على المسألة؟».
ويربط العدواني، بين طبيعة التفكير والثقافات، وبين الأولويات، موضحاً أنه «الزواج أولى من التعليم، في ظل قلة فرص زواج الفتيات. وفي ما يخص التعليم؛ فهذا أمر منفصل عنه تماماً. إلا أنه ليس من الخطأ أن تسعى المرأة للحصول على الشهادات العلمية، التي باتت اشتراطاً أساسياً لبعض الشبان في اختيار الفتيات»، موضحاً أن ما رسخ هذا الانطباع في فكر بعض الفتيات هو «طمع الرجل في راتب وظيفة الزوجة، فأصبح الزواج مرتبطاً بالشهادة العلمية ارتباطاً وثيقاً لدى البعض. ولكن هذا لا ينطبق على الجميع، ولا يعتبر ثقافة وفكراً سائداً، علماً بأن بعض المجتمعات العربية الأخرى تربط الزواج بالتعليم. وتحاول المرأة أن تتعلم؛ فكلما حصلت على درجة علمية أفضل، نالت عريساً بمواصفات أفضل»، مبيناً أنه «في السعودية لا يزال أمر الزواج يتعلق باعتبارات أخرى، أقوى من التعليم وشهادة المرأة».
نساء يفضلن مواصلة التعليم على الزواج... خوفاً من الرجال
- التفاصيل