حينما تستمع إلى كلمة "شواطئ نسائية"، يجيء إليك الإحساس بأنها شواطئ قد تُلبي حاجات النساء والفتيات في الترفيه – من سباحةٍ ومرح ولعب واستمتاع بالبحر والرمال – في عدم وجود الرجال؛ مما يجعله ترفيهاً حلالاً وشرعياً. هذا هو الانطباع الذي قد يتأتى إليك فور سماعك عن تلك الشواطئ التي انتشرت في مصرنا المحروسة، لاسيما على امتداد الساحل الشمالي.


إلا أنك تُفاجئ - حينما تدخل تلك الشواطئ – بأمورٍ وبمناظر قد تبعد كثيراً عن الإسلام والشرع الحنيف. فملابس البحر المُستخدمة هناك لا تُراعي الحدود الشرعية بين النساء وبعضهن البعض. فمن المعروف شرعاً، أنه هناك عورة لابد من سترها حتى في مجتمع الإناث؛ مما يحفظ الحياء والعفة والطُهر والخصوصية بين النساء. ومن المعروف شرعاً، أن للجسد حُرمة لابد أن تُحترم، ليس فقط بين الرجل والمرأة، ولكن أيضاً بين المرأة والمرأة وبين الرجل والرجل.

ذهبت يوماً إلى إحدى هذه الشواطئ، قبل أن تملئه النساء والفتيات، ففوجئت بعاملةٍ هناك تقول لي: "لم أر في حياتي انعداماً في الحياء كما رأيته هنا". ساعتها سألت نفسي: ما هذا التلبيس الذي بات ظاهرةً واضحةً جداً في حياتنا؟ ما هذا الخلط الإبليسي الشيطاني بين الحق والباطل، بين الحلال والحرام؟ شواطئ يُقصد بها الترفيه الحلال، فينتهي بها الأمر إلى ارتكاب الحرام! شواطئ يُقصد بها مراعاة حدود الله، فينتهي بها الأمر إلى انتهاك حدود الله!

وكانت آخر المهازل، ذهاب راقصة مشهورة إلى إحدى هذه الشواطئ لترقص أمام النساء والفتيات والبنات. وبالمناسبة، كان هذا في يوم 14 شعبان الماضي. وظلت ترقص ساعاتٍ وساعات حتى دخول ليلة النصف من شعبان. والعجيب أنها نالت إعجاب وتصفيق الحاضرات؛ بل قامت إحدى السيدات "المُحجبات" لترقص معها. وأعربت الراقصة – بملابسها التي تكشف أكثر مما تستر – عن سعادتها البالغة لكونها ترقص لأول مرة أمام معشر النساء. ما هذا الإلف الغريب للمعاصي؟ وما هذا التطبيع الأغرب مع المُحرمات من قبل نساء وفتيات، المُفترض فيهن أنهن مُحجبات، والمفترض فيهن أنهن اخترن تلك الشواطئ رغبةً في الترفيه الحلال؟

مهزلة أخرى: تذكرة الدخول لمثل هذه الشواطئ لا تقل عن 100 جنيه للفرد؛ أضف إلى ذلك بند المأكولات والمشروبات التي تُباع هناك بأرقام فلكية؛ هذا إلى جانب كونها مأكولات ومشروبات تابعة لشركاتٍ أمريكية وبريطانية التي من المُفترض مقاطعتها. كل ذلك يُنفق يومياً، ليوضع في جيوب رجال الأعمال، وجيوب الشركات الأمريكية والبريطانيةُ التي تدفع ضرائبها ليُشترى بها السلاح الأمريكي لقتل إخواننا الفلسطينيين والعراقيين، تحت شعار "الترفيه الحلال". يٌبدد المال يومياً من قبل نساء مسلمات يُغَرر بهن، ويُضحَك عليهن تحت شعار "الترفيه الحلال".

هل هذا معناه أن نُصادر فكرة الشواطئ النسائية؟ لا..أبداً. نحن مع هذه الفكرة؛ فالنساء لهن حق الاستمتاع بما خلقه الله من جمالٍ في هذا الكون الفسيح. ولكن هذا الحق لابد أن يحترم الواجبات والأصول والفروض والأحكام الإلهية؛ فلا يتعداها. فإسلامنا يُعلمنا بأن كل حق أمامه واجب بل واجبات؛ ومن ثم، فلا يصح أبداً أن نسعى وراء الحق متناسين واجباتنا. ومن أهم هذه الواجبات، حفظ حرمات أجسادنا، وحفظ مالنا...فنتحرى مآله قبل إنفاقه.

نحن بحاجة إلى رجال أعمال أصحاب منظور حضاري لا منظور رأسمالي؛ نحن بحاجة إلى رجال أعمال مُتشربين لتلك الواجبات والأصول؛ فيُنشئون تلك الشواطئ وفقاً لها أولاً وأخيراً. فتصير تلك الشواطئ مكاناً لحفظ النساء في دينهن وأنفسهن وأجسادهن ومالهن. وتصير تلك الشواطئ مكاناً للأنشطة الترفيهية التي تخدم الدين والنفس والعقل والجسد والمال، بما يتفق مع الأحكام الإلهية؛ فتخرج الفتاة من هذا المكان وهي أكثر قُرباً إلى الطاعة، أكثر بعداً عن المعصية.

فهل من مُشَمر؟

 

 

شيرين حامد فهمي

موقع بوابتي

JoomShaper