أسماء مسعف - خاص أمهات بلا حدود
بعد بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين وآله وصحبه الطيبين الطاهرين... أبدأ كلامي بقصة قصيرة... لكنها مثيرة...
تثير ابتسامة ساخرة وغصة للظهر فاقرة، فاعذروني مقدما، وإذنوا لي في بدء الحكاية...
كان يا ما كان –في زماننا هذا- لا في قديم الزمان:
كان رجل يعمل في نقل البضائع وكان عمله يتطلب منه السفر من بلد الى آخر، وفي إحدى رحلاته التي قدم فيها من مدينته -التي تقع في سوريا- إلى مدينة أخرى -تقع على سطح الكرة الأرضية- التقى بصديق قديم له منذ أيام الطفولة... وكما هي عادة العرب الكرماء، قام بدعوته إلى بيته للغداء أو العشاء، فما كان من صاحبنا الا أن لبى الدعوة.
وبعد السلام والطعام وشيئ من الكلام... باح صاحبنا بما في صدره مخبراً صديقه بما شعر به عند دخوله الى بيته من هدوء وسكينة وراحو وطمأنينة، سائلا عن سر هذا الشعور، فأجاب صديقه على الفور واثقاً حازماً: لابد أنها بركة القرآن... فلي زوجة صالحة والحمد لله وهي تقرئ القرآن، فنحن في بلد كثرت فيه مراكز تعليم القرآن... والنساء المسلمات عندنا يقبلن بجد واجتهاد...
أعجب صاحبنا هذا الكلام وربما شعر بالغبطة تجاه صديقه ولكن بعد صمت تبسم ساخرا خجلا وقال: أما نحن فالشاطرة عندنا هي التي ترقص أفضل.
انتهت القصة.
إذن فليبدأ التصفيق! لقد حرروا المرأة في سوريا أيما تحرير!!!
نعم حرروها من الدين والحياء والأخلاق فصارت لاتعلم شيئا من أمور دينها؛ لكنها تعلم الكثير الكثير عن الموضةوالأزياء ومساحيق التجميل والرقص (الشرقي والغربي)...
حرروها من الحجاب ومن أمومتها وطاعتها لزوجها ليتركوها أسيرة الجهل والفقر والتخلف.
أسيرة اعادات والتقاليد البالية...
أسيرة التلفاز والقنوات الفضائية الهدامة...
فسحقا لحرية كاذبة كبلت المرأة المسلمة بكل هذه القيود!
فصرنا نرى كثيرا من المسلمات -مع الأسف والألم- قد جرفهن التيار وغرتهن تلك الحرية المزعومة، لايدرين انها تفاحة مسمومة.
وإن كان الحديث عن الحرية؛ فكلنا نعشق الحرية ونتوق لها فهي كلمة براقة تحمل معانٍ سامية.
ودعاة الحرية –الحرية الكاذبة- محقون من ناحية، فالمرأة العربية بحاجة ماسة للتحرير، ولكن ليس من قيمها ودينها و أخلاقها، وليس من ثقافتها وهويتها و أصالتها... حتى تصبح نكرة لا هي عربية ولا مسلمة حقاً ولاغربية.
و أظن أن الجميع يتفقون معي في أن أول شيئ يجب تحريره في المرأة حقاً هو: فكرها وعقلها، فهي لم تخلق لتكون مجرد دمية تعرض مفاتنها وتهتم بمظهرها الخارجي فقط لتصبح فارغة من الداخل.
أختي المسلمة: لقد كرمك الله بالإنسانية أولاً، قال تعالى ((ولقد كرمنا بني آدم)).
ثم زادك كرماً وشرفاً بأن جعلك مسلمة، فاحمدي الله وافخري فأنت من أمة محمد (صلى الله عليه وسلم)، الأمة الوحيدة على وجه الأرض التي توحد الله وتفرده بالعبادة...
لذلك فأول خطوة تخطينها في التحرر الحقيقي هي: أن تخلصي العبادة لله تعالى... ورغم أن الحرية والعبودية معنيان متناقضان لكن الحقيقة أن منتهى العبودية لله هي منتهى الحرية من سواه، أجل حرية من الأهواء، حرية من الآثام والذنوب، حرية من الخوف و من الخرافة والشعوذة، وسيل جارف من العادات التي تناقض الإسلام.
رضينا بك اللهم رباً وخالقاً وبالمصطفى المختار نوراً وهادياُ
فأما حياة نظم الوحي سيرها وإلا فموت لا يسر الأعاديا
وبقي لنا أن نعرف ما معنى العبودية؟
أصل العبادة: التذلل والخضوع
وفي الشرع: العبادة معناها: التذلل لله سبحانه فهي غاية الذل لله تعالى مع غاية حبه وهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
والعبادة منقسمة على القلب والسان والجوارح.
فعبادة القلب: الخوف والرجاء والمحبة والتوكل والرغبة والرهبة.
وعبادة اللسان: التسبيح والتهليل والحمد والشكر باللسان والقلب، فهذه عبادة قلبية لسانية.
وعبادة الجوارح: الصلاة والزكاة والحج، عبادة قلبية بدنية.
قال ابن القيم:
وعبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائر ما دار حتى قامت القطبان
ومداره بالأمر أمر رسوله لا بالهوى والنفس والشيطان
وقال تعالى: ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون))، فالله تعالى ما خلق الخلق إلا لعبادته، ولكن يخطئ من يظن أن العبودية لله تعالى تقتصر على الصلاة والصوم فقط، فيتخيل أن الصورة المثالية للعابد أن يصف قدميه للصلاة ولا يعمل أي شيئ آخر من أمور الحياة لإنها أمور دنيوية!
والحق أن كل عمل يقصد به وجه الله تعالى وطاعته هو عبادة لله، قال تعالى: ((و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة))، فالله تعالى استخلف الإنسان في هذه الأرض فعليه تعميرها والمساهمة في بناءها، وعلى هذا تصبح كل أعمالنا عبادة.
فطاعة المرأة لزوجها عبادة، وتربية الأبناء عبادة، وحتى أداء الفروض المدرسية، وتنظيف البيت عبادة.
كما قال (صلى الله عليه وسلم):
""إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى""
وختاماً أهديك كلمات من وحي الإخاء والود ... وإلى لقاء...
سيري على نهج الهدى... ففي آخر النفق ضوء من بعيد، هذا النور ليس إلا منهج الحق والتوحيد... كتاب الله المجيد و سنة الهادي محمد صاحب الهدي السديد...