السفير
يدفع أطفال سوريا ثمناً باهظاً لتكلفة الحرب في بلادهم. هي حرب لا يحملون بالتأكيد ذنوبها، ولا يعرفون مغزاها، ولكنهم حتماً أكبر ضحاياها. ولأن عجلة الحياة يجب أن تدور، يبدأ العام الدراسي في سوريا حاملاً معه أثقالاً كثيرة، فالهجرة والنزوح، مأساة ألقت بظلالها، مع صعوبات أخرى، لاسيما المعيشية منها، على الواقع الدراسي في البلاد، لتصبح 4676 مدرسة خارج الخدمة، بحسب إحصائيات وزارة التربية السورية، التي أطلقت حملة تلتقي مع حملات سابقة، لتخفيف أعباء بداية العام الدراسي عن كاهل المواطنين، وتسهيل الطريق أمام الطلاب، حملت عنوان «لنتكلم معاً».
ومع افتتاح عامٍ دراسيّ جديد، يتوجّه نحو 4,374,522 تلميذاً وطالباً سورياً صباح غد رسمياً إلى مدارسهم، موزعيّن على ثلاث مراحل، هي مرحلة رياض الأطفال، ومرحلة التعليم الأساسي، ومرحلة التعليم الثانوي بمراحلها وفروعها المختلفة، أما عدد المدارس المؤهلة لاستقبال هؤلاء التلاميذ والطلاب فبلغ عددها في العام الحالي ما يقارب 17700 مدرسة بما فيها رياض الأطفال.
ولا يمكن التعاطي مع موضوع التعليم في سوريا على أنه إشكالية طارئة سريعة الزوال، فأعداد المهجّرين والوافدين من مناطق متوترة أمنياً تشكل أزمة ليست بالبسيطة، والوضع الاقتصادي المتأزم يثقل كاهل العوائل ذات الدخل المحدود، خاصة عندما تضمّ الأسرة أكثر من تلميذ في سن التعليم.وتضع هذه الظروف وغيرها وزارة التعليم السورية أمام تحدٍ حقيقي في كيفية التعامل مع الوضع التعليمي، وآلية الوصول وتوفير التعليم لأكبر عدد من الأطفال في سوريا، خاصة في ظل الأضرار الجسيمة التي تعرّض لها هذا القطاع، وخروج عدد كبير من المدارس عن الخدمة التدريسية، حيث بلغ عدد المدارس المستخدمة لإيواء المهجرين 608 مدارس أي بنسبة 3,0 في المئة، ليصبح عدد المدارس غير المستثمرة، بما فيها مدارس الإيواء، حسب آخر إحصائية لوزارة التربية، 4676 مدرسة، وتشكل ما نسبته 26 في المئة منها 478 مدرسة متضررة يمكن إصلاحها، و3285 مدرسة لا يمكن الوصول إليها، و305 مدارس خارج الخدمة كلياً، بالإضافة لـ 1385 مدرسة مستثمرة برغم تعرّضها لأضرار جزئية.
وفي نظرة عامة على واقع القطاع التعليمي، اطّلعت «السفير» من وزارة التربية السورية على خطة الوزارة في عامها الجديد، حيث اتخذت هذه الأخيرة بعض التدابير وأصدرت قرارات عدة من شأنها أن تخفف العبء عن المواطن لتسهيل سير العملية التعليمية، منها على سبيل المثال، صدور تعاميم إلى مديري المدارس بعدم التقيد باللباس المدرسي الرسمي، وتقليص المتطلبات المدرسية، بما فيها القرطاسية وما شابه ذلك والاكتفاء بالمتوفر والضروري جداً، كما أصدرت الوزارة توجيهات بعدم طلب الأوراق الثبوتية من الوافدين والمهجرين، وتسهيل دخولهم إلى أقرب مدرسة وذلك بعد إجراء اختبارات معيارية لتحديد مستوى الطلاب الدراسيّ.
وتحاول وزارة التربية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة لحقوق الطفل «يونيسيف» والهلال الأحمر، ومنظمات أخرى، أن تكثّف من جهودها ونشاطاتها للحدّ مما يتعرّض له أطفال سوريا، خاصة الذين هم في سنّ الدراسة، من حرمان تعليميّ، بسبب الحرب الدائرة، أو حتى من الأزمات النفسية المتمّخضة عنها. ومن بين تلك الخطط، أندية مدرسية في 12 محافظة، استثني منها في الخطة الجديدة، السويداء والرقة، وذلك لأسباب تتعلق بمعايير تشترطها المنظمة الأممية لقبول تطبيق البرامج في المحافظات أو عدمه.
وبالإضافة إلى دورات صيفية مكثّفة لمن فاته العام الدراسيّ، وبرامج تتعلق بـ «الدعم النفسيّ، التعلم النشط، التعلم العلاجي، حماية الطفل، كيفية إخلاء المدارس في حال الخطر، التوعية من مخاطر المخلفات المتفجرة»، واستكمالاً لحملة العام السابق، أطلقت وزارة التربية بالتعاون مع اليونيسيف حملة العودة إلى المدرسة للعام 2014 تحت عنوان «لنتعلم معاً».
وتتضمن هذه الحملة، إعلاناً إذاعياً، يبين إمكانية تسجيل الطلاب في المدارس حتى من دون وجود وثائق، ورسائل نصية تتضمن موعد افتتاح المدارس في 14 أيلول، ودعوات لتسجيل الطلاب في أقرب مدرسة، إضافة لحملة إعلانات على الطرق وتوزيع لافتات ومواد إعلامية وبروشورات لخدمة أهداف الحملة، كما تتضمن الحملة توزيع حقائب مدرسية تستهدف مليون طفل، بالإضافة إلى قرطاسية مدرسية وحقائب إبداعية ترفيهية وحقائب طفولة مبكرة.