2014-11-10 وليد أبو الخير من القاهرة

أعرب المدرسون في سوريا للشرفة عن قلقهم حيال مستقبل التعليم في بلادهم بعد أن فرضت جماعات كجبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، و"الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) مناهجها المتطرفة وعمدت إلى تهديد المعلمين والطلاب.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد ذكر الأسبوع الماضي أن تنظيم داعش أقفل جميع المدارس في محافظة دير الزور السورية.

وقال المرصد بناء على معلومات حصل عليها عبر شبكة من النشطاء والمهنيين داخل سوريا، أن تنظيم داعش أغلق المدارس لإجبار المعلمين على الخضوع لدورة في علوم الشريعة وإعداد مناهج تعليمية جديدة، بدلا من ما وصفه بـ "المنهج الحالي التجديفي".

ورد طلاب المناطق الخاضعة لسيطرة داعش في دير الزور وأهاليهم على هذه الخطوة بالتظاهر، مطالبين بإعادة فتح المدارس وبالسماح للأساتذة والتلاميذ باستئناف عملهم.

وفي مدينة الرقة، هدد المسلحون من عناصر داعش بمعاقبة أي معلم يرفض التوجه إلى المدرسة، وفق ما قال محمود الأمين وهو أستاذ متقاعد من المدينة.

وأوضح الأمين أن "واقع التعليم في المدينة وريفها سيئ جدا"، إذ فرض تنظيم داعش سيطرته الكاملة على المنظومة التعليمية في المدينة واحتل المدارس الحكومية والخاصة وأخضعها لسيطرة "إدارته الشرعية".

وأضاف الأمين أن داعش استحدثت العديد من ما تطلق عليه اسم المدارس الشرعية حيث تدرس الفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية وفقا لتفسير التنظيم للإسلام.

وأشار إلى أن موادا عديدة من المنهاج الدراسي قد حذفت كالعلوم والتاريخ والجغرافيا، وأبقي على بعض الأساسيات في مادة الرياضيات وأضيفت مواد دينية بشكل مكثف.

ولفت أحمد إلى تركيز المنهاج الجديد على نشأة " دولة الخلافة الإسلامية " على يد داعش وحدودها والحروب التي خاضتها وما تزال تخوضها، وأفردت فصلا كاملا يتحدث عن "الخليفة" أبو بكر البغدادي.

’التركيز على العقوبات‘

وقال الأمين إن المنهاج الديني ليس المنهاج المعتاد بل هو منهاج التطرف القائم على تكفير الآخر والتركيز على العقوبات المتمثلة باقامة الحدود ، كالجلد وقطع الأطراف والرؤوس، لكل من يعارض هذا المنهاج من المعلمين أو الأطفال أو الأهالي ولا يمتثل به.

وتابع أن المنهاج الدراسي يتضمن دروسا قتالية ومخيمات تدريب على استخدام الأسلحة، بالإضافة إلى دروس مخصصة لمن تظهر لديه بوادر تطرف فعلية، "فيتم اعداده كجهادي مستقبلي لتنفيذ عمليات انتحارية".

ومن جانب آخر، أشار الأمين إلى أنه علم من أقاربه وأصدقائه في العراق أن داعش تعمم مناهجها الدراسية في مناطق تواجدها هناك أيضا.

وفي هذا الإطار، كان وزير التربية العراقية لشؤون التخطيط نايف ثامر قد أعلن منتصف شهر أيلول/سبتمبر الماضي أن الوزراة قررت عدم الاعتراف كلياً بالنظام التعليمي في الموصل بمحافظة نينوى شمالي العراق، في ظل سيطرة مسلحي تنظيم داعش على المدينة.

وأوضح في تصريح لوكالة الأناضول التركية، أن "وزارة التربية لا تعترف بنتائج الامتحانات التي جرت في عموم مدينة الموصل لتلاميذ المدارس في جميع المراحل، بسبب سيطرة الإرهابيين على المدينة".

وتابع ثامر أن "وزارة التربية لا تعترف بكل الإجراءات التي اتخذها تنظيم داعش في مدينة الموصل كتغيير المناهج وتعديل آلية التدريس والتعليم في مختلف مناطق مدينة الموصل".

’مناهج محرّفة

وعن أحوال التعليم في المناطق الواقعة تحت نفوذ جبهة النصرة، تحدث فيصل عيدو المتحدر من سراقب في محافظة أدلب والمدرس السابق في المدارس الحكومية.

وقال للشرفة إن "المنظومة التعليمية تخضع وبشكل كامل للجان الشرعية التابعة لجبهة النصرة".

وأضاف أن "المدارس هنا في القرى المحيطة بسراقب أشبه بثكنات عسكرية لاعداد الجهاديين والانتحاريين، وليست مدارس لتعليم الأجيال الناشئة".

وأوضح أن اليوم المدرسي في مدارس جبهة النصرة يبدأ بالسلام الإسلامي والتحية العسكرية، والمواد الأكاديمية هي بأغلبها دينية صرف.

وذكر أنه حتى الأيام الدراسية ليست منتظمة إذ أنها تخضع لمزاجية أصحاب الأمر الواقع والحالة الأمنية، بالإضافة إلى التدريب العسكري الإلزامي في مخيمات جبهة النصرة.

وأكد عيدو أن كل هذه المضايقات دفعت بمن تسمح له قدرته المالية على "مغادرة سوريا باتجاه تركيا ولبنان والأردن"، مضيفا أنه "حتى بعض الأهالي المحدودي الدخل، فضلوا النزوح والعيش في مخيمات اللجوء على ان يتلقى أولادهم التعليم على يد متطرفي جبهة النصرة".

بدوره وصف الصحافي السوري الذي كان يقيم في الرقة محمد العبدالله واقع التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المتطرفة بأنه "في حالة يرثى لها".

وقال عبد الله المقيم حاليا في القاهرة، إن "الأطفال السوريون باتوا ضحية للأفكار المتطرفة التي ترى في التلاميذ مجرد مجندين لها ومقاتلين مستقبليين في صفوفها".

وأضاف في حديث للشرفة، أن غالبية المناطق الواقعة تحت نفوذ الجماعات التكفيرية مثل داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام وصقور الشام وغيرها، تشهد إعداد مناهج تعليمية محرّفة وفقا لما يتناسب وعقيدة هذه الجماعات.

وأكد أن الخطر في هذا الأمر لا يتعلق فقط بالأطفال الموجودين داخل سوريا بل ينسحب أيضا على أولئك الموجودين في مخيمات النزوح، حيث تحاول كل جماعة جذب الاطفال إلى المدارس المؤقتة التي تقيمها.

وأشار إلى أنه ردا على هذه الواقع، عمد الائتلاف الوطني للثورة السورية وقوى المعارضة، إلى إصدار منهاجا دراسيا وطبع ملايين الكتب وقام بتوزيعها.

ولفت إلى أنه على الرغم من أن مناطق نفوذ الائتلاف تبقى محدودة، فهو يعمل على تعميم مناهجه وكتبه في بعض مخيمات اللاجئين.

وكان التقرير الصادر في شهر آذار/مارس عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد أعلن أن 2400 مدرسة تدمرت أو تضررت، منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011.

JoomShaper