تحقيقات

رضيعين توفيا جراء البردهطول الثلج في دمشق يبقى حدثا غير اعتيادي سار فيما مضى،  ولكنه وسوريا تعيش ازمتها الحالية بات يظهر واقعا متباينا للغاية ، لنجد في الصورة العامة اهالٍ واطفال يلعبون امام منازلهم،  وعلى النقيض في الجزء الاخر من المشهد اطفال يدفنون في الثلج وربما اهاليهم غير موجودين بعد ان قضوا واسباب الموت في مناطقهم كثيرة والحياة تحولت لشبه معجزة.

وفاة طفل جراء البرد بدومافقبور الغوطة الباردة احتضنت جثامين الطفل "عبد الرحمن بصل" والطفلة "فاطمة بصل" والطفل "عادل الشيشكلي" وطفل حديث الولادة، حيث قضوا خلال الايام الماضية جراء البرد نقص الغذاء والدواء, بحسب مصادر معارضة, فيما قضى الطفل الخامس متأثراً بجراحه جراء قصف سابق على المدينة.

وفي المقلب الاخر للصورة وعلى بعد كيلومترات قليلة ، تنقل مواقع التواصل الإجتماعي مئات الصور للثلوج التي تشهدها دمشق منذ يوم الأربعاء, حيث قام الأهالي بدمشق بنشر الصور لأحيائهم السكنية وهي مغطات بالثلوج بالإضافة لصور لهم أثناء لعبهم بالثلوج وصناعة رجال الثلج وإلباسه القبعات والشالات الصوفية.

وربما اصبح مشهدا اعتياديا لدى السوريين بان يروا اهال واطفالهم يلهون في جزء من صفحتهم على الفيس بوك ويتبعه مباشرة منشور اخر لناشطون مقاطع الفيديو للأطفال حديثي الولادة من داخل إحدى المقابر, قبيل دفنهم, ويقرأون تعليق على المشهد بان الاطفال قضوا "جراء البرودة الشديدة ونقص الدواء والغذاء وقلة أعداد الكوادر الطبية".

فعبارة "الموت برداً" لم تعد حكراً على الأطفال اللاجئين في مخيمات بلدان الجوار والمناطق الحدودية بعد أن انضم إليهم أطفال غوطة دمشق, فحصيلة الوفيات جراء العاصفة الثلجية 3 أطفال بمخيمات لبنان وطفلين وامرأة مسنة بمخيم الزعتري بالأردن جراء تسرب غاز التدفئة.

وفاة طفل جراء البرد في مخيمات اللجوءوهكذا افرزت الأحداث التي تمر بها البلاد تقسيما للاراضي السورية بعدما سعى النظام لحصار كل المناطق التي خرجت عن سيطرته واستمر في قصف المناطق التي لم يستطع الوصول اليها ( جوبر ، حلب .. ) ما افرز واقعا مشوها يتباين فيه المستوى  المعاشي للمواطن السوري في مساحات جغرافية متلاصقة في ظل غياب اي فعالية تذكر للمنظمات الاهلية والانسانية المحلية محدودة العدد وضعيفة الامكانيات اصلا، خاصة في ظل الواقع السياسي والامني المعقد.

في الغوطة "لعب الاطفال" ترف لم يعد له وجود ..

أطفال الغوطة لايخرجون تحت الثلج للعب كما باقي الأطفال, للعمل في سبيل الحصول على بعض النقود لشراء حطب للتدفئة ولمساعدة أخوتهم الأصغر منهم سناً, في ظل نقص الغذاء والغلاء الكبير بالمواد الغذائية جراء الحصار المفروض على الغوطة الشرقية الممتد منذ شهر أيلول 2013.

طفل من دوما يعمل لتأمين الحطب لعائلته

وقال طفل لم يذكر أسمه لنشطاء في مدينة دوما بمقطع فيديو "أنا أعمل على بسطة (كلمة للدلالة على البضاعة البسيطة التي يبيعها الفقراء بالشوارع) لأساعد أهلي وأتمكن من الحصول على بعض الحطب", كما قال طفل آخر "أنا عم اعمل تحت البرد والثلج لأعيل أخوتي ولأتمكن من الحصول على بعض الحطب".

خريطة لمنطقة الغوطة الشرقية

تتناقص اعداد البشر في الغوطة يوما بعد يوم وتشير الاحصاءات بان اكثر من نصف سكانها الذين يتوزعون على 60 مدينة وبلدة قد هجروها فيما يعيش باقي السكان اوضاع مأساوية صعبة جراء الحصار والقصف.

دوما حرستا وزملكا وعربين ودير العصافير وسقبا وحمورية .. بلدات الغوطة التي اشتهرت عبر التاريخ بغناها ووفرة الغذاء والمياه فيها وكانت تعرف بانها جنة الله على الارض تحيط بدمشق كالسوار، انحسرت اليوم للتحول إلى بقعة تكاد القبور ا تزيد فيها عن أعداد الشجر والبشر..

مقبرة من دوما

م.ع

سيريانيوز

JoomShaper