علاء علي عبد

عمان- معدل ما يتخذه المرء من القرارات المختلفة يوميا يصل لحوالي 35 ألف قرار كاختيار ما يلبسه أو يأكله أو اختيار الكرسي الذي سيجلس عليه في الندوة التي سيحضرها. حتى أن المرء يتخذ يوميا بالمتوسط حوالي 200 قرار تختص بالطعام وحده.
وجد العلماء أن هذا العدد الكبير من القرارات اليومية يتسبب بإرهاق ذهني وجسدي للمرء، وعلى الرغم من أن مسألة اعتبار قوة الإرادة من المصادر اللانهائية ما يزال يدور حولها الكثير من الجدل، إلا

أن المرجح أن قوة الإرادة من المصادر المحدودة المتاحة للمرء والتي تحتاج إلى الراحة والتغذية لضمان استمراريتها.
عند استنزاف المرء لطاقاته، فإن قدرته على إصدار الأحكام السليمة تقل بشكل ملحوظ، مما يجعله يميل لتأجيل المهام الموكلة إليه أو يمكن أن يلغيها كليا في حال سنحت له الفرصة لذلك كأن يقرر عدم الذهاب لمركز اللياقة في ذلك اليوم على سبيل المثال. فضلا عن هذا فإن أقل قدر من الضيق الذي يمكن أن يتعرض له كنتيجة من موقف معين يمكن أن يتحول لضيق كبير في حال كانت لديه قوة الإرادة منخفضة جدا.
وجدت إحدى الدراسات أن قرارات القضاة كانت سليمة بنسب عالية في الصباح وبدأت هذه النسبة بالانخفاض بمرور الوقت. السبب بهذا أنه ومع مرور ساعات اليوم يبدأ القضاة بالشعور بالتعب المؤثر على اتخاذ القرارات، وبالتالي يحتاجون لنيل قسط من الراحة لإعادة شحن طاقتهم من جديد.
بالتالي فإن السر لكيفية اتخاذ المرء لقرارات سليمة هو التعرف على مصادر طاقته الداخلية وإحسان التصرف فيها، بحيث لا ينفقها سريعا مما يؤثر سلبا على قراراته. المشكلة أن غالبية الناس لا يلتفتون لهذا الأمر ويستمرون في العمل على الرغم من الإرهاق الذي أصاب قوة إرادتهم، ولا يلحظون المؤشرات التي تظهر وتدلهم على إصابتهم بالإرهاق.
يوجد 4 مؤشرات يمكن من خلالها توقع أن وجود أحدها لدى المرء، فإن قراراته ستكون غير سليمة على الأرجح وسيكون أكثر تأثرا لأي حدث يسبب له الضيق أو التوتر. وهذه المؤشرات ما يلي:
- الجوع: وجدت الدراسات أن انخفاض مستوى السكر بالدم يمكن أن يشعر المرء بأعراض مشابهة لأعراض القلق أو التوتر. لذا يجب على المرء أن يحاول تجنب المبالغة بهذا الشعور قدر الإمكان كتجنب ترك إحدى الوجبات اليومية أو الانتظار وقتا طويلا بدون تناول شيء من الطعام. لذا لو شعرت بشيء من الجوع حاول أن تتناول شيئا خفيفا قبل أن تكتب رسالة إلكترونية تعبر فيها عن استيائك لمديرك ويكون عليك مواجهة تبعياتها لاحقا.
- الغضب: في الوقت الذي يعد فيه الغضب من المشاعر غير المريحة للمرء، فإنه أيضا يعد من المشاعر الطبيعية في البشر. لذا فالمهم التنبه لمسألة عدم الافراط بالغضب لدرجة كبيرة. وجدت العديد من الدراسات أن الغضب يضر بصاحبه أكثر من أي شخص آخر، لذا فكر مرتين قبل أن تطبق الباب بعنف للتعبير عن غضبك تجاه أحد الأشخاص، فما تقوم به لا يوجه سوى لك وحدك، لكن علينا أن نعلم هنا أن تجاهل المواقف المثيرة للغضب ليس بالحل المناسب أيضا. لذا حاول أن تفرغ غضبك بالكتابة مثلا أو بممارسة النشاط الجسدي كالمشي وما شابه.
- الوحدة: الإحساس بالرفض أو سوء التفاهم من قبل أحد الأشخاص يمكن أن يقود المرء للشعور بالوحدة، الأمر الذي يدفعه للانسحاب أكثر وأكثر عن محيطه. لو كنت تشعر بالوحدة ووجدت نفسك تحاول الإقدام على قرارات مختلفة عن طبيعتك فاعلم أن السبب ربما يعود للوحدة التي تشعر بها والتي تحاول أن تقود قراراتك. الحل يكون عبر محاولة الاتصال بأي من أصدقائك للخروج معه أو دعوته لزيارتك، المهم أن تخرج من مشاعر الوحدة التي تشعر بها وألا تلتفت لطبيعتك الخجولة التي ليست معتادة على المبادرة لدعوة الآخرين.
- الإرهاق: من الشائع أن يتعذر المرء عن أي دعوة تصله بأنه مشغول هذه الأيام، فالادعاء بالانشغال يمنح صاحبه رونقا مهما ويخفف من شعوره بالذنب لكثرة اعتذاراته. لكن عندما تكون المشكلة الحقيقية وراء هذا الاعتذار هي الشعور بالإرهاق، فهنا يجب التنبه والسعي لمنح النفس وقتا من الراحة القصيرة لخمس دقائق مثلا كل ساعتين يقوم بهما بالأعمال المطلوبة منه.

JoomShaper