ما أجمل أن يرافق محيانا الابتسامة بالكلمات المحببة للشخص المقابل أيا كان جنسه أو عمره أو مركزه، نحن في هذا الوقت وبالأخص هذا العصر عصر التكنولوجيا، غاب كل واحد في عالمه وبدا التوحد الاجتماعي واضحا ونسينا اللباقة في الحديث واختيار الكلمات، هناك للأسف بعض الأطفال الذين يتلعثمون بالحديث ويستصعبون تبادل المحادثة الصوتية مع الآخرين وخاصة بالعربية ولكنهم لن تجد أسرع منهم بالرد على شاشة الأحرف على الجوال وطبعا لا ننسى الوجوه الصفراء العقيمة والتي ينقل من خلالها أحاسيسه ومشاعره للآخرين من ابتسامة إلى ضحكة أو غضب أو حزن إلى آخره، ولكن هل حقا هذا ما يشعر به!
أطفالنا.. أصبح أكثرهم يحدثون الجوال ويتحادثون به، ونسوا وتناسوا أن ينظروا من نوافذ المركبة لينظروا ماذا أو ما أو من يوجد خلفها، باتوا عبيدا للشاشات العقيمة، وبدل أن نأخذ منهم الجوال أو الآيباد بات بعض الأهل يزرعون شاشات في خلفيات الكراسي لينشغل أطفالهم طوال رحلتهم من والى الهدف سواء كانت المدرسة أو السوق أو أي مكان وضاع جمال التلقين الصباحي والتعليم الأبوي في ترديد آيات القرآن أو مراجعة الدروس أو تلقينهم الإشارات والعلامات واللوحات المختلفة، لقد كان نصف التعليم في المركبة، كنا نتعلم الانجليزية والعلامات الإرشادية للمرور وكنا نتسابق مع إخوتنا فيمن يعرفها أو يتذكرها، كنا نعلم طريقا بديلا إذا ما أغلق الشارع للصيانة كنا نتسابق للجلوس بالمقدمة حتى نرى أكثر مما قد يراه الجالسون خلفنا لا للنوم أو مشاهدة الشاشة أو الجلوس خرسا أو نعاسا، لا، كانت فرصة للتواصل مع الآباء والأمهات فيما حدث معنا أو كيف نتعامل بمشاكلنا أو نداعبهم ونلاعبهم أثناء الطريق، نلهو بالقصص والحزايا ونفكر في الألغاز والمسابقات البسيطة (من فيكم يعرف حروف كلمة قطر) (من الشاطر يعرف جماد بحرف الثاء) (رددوا نشيد أمي) (خلونا نراجع الأسئلة قبل الامتحان) وووو.
حكايا وقصص وذكريات لم تعد تتكرر إلا مع قلة، نتمنى أن نرى من نوافذ مركباتنا أطفالا أحياء وابتسامات ونسمع أصواتا وضحكات من فيها، لا أن نرى أباء وأمهات نعاسا أو مقطبين وجوههم بسبب الزحمة أو بسبب ثرثرة طفل، لا نريد أن نرى وجوها صغيرة عابسة تلتصق بالنوافذ. يا عالم يا ناس قد تكون ابتسامة من وجه طفل بداية أمل لشخص آخر يجلس في مركبة أخرى فيتحول اليأس للأمل والحزن لغبطة، وما أجمله أن نشير لهم بالابتسامة أو حركات وجه ساخرة لنرسم على وجوههم ابتسامة متبادلة.. الطريق لهم ولنا.. ولكن الأجمل أن نجعله سببا وأملا للخير للبهجة للتغيير للإصلاح للتلقين وللتعليم وأخيرا لجمع فتات الأسرة التي باتت تائهة بين أحضان العمل والدوام والمنزل الخاوي إلا من الخادمة والسائق.