سماح الغضبان
طحنته ظروف الحياة.. بعد تخرجه من الجامعة وجد أن كل أحلامه وما كان يأمله في الغد لا وجود له إلا في خياله.. وحتى لا يأخذ لقب عاطل وجد نفسه يتخبط في أشغال ووظائف لا تناسب مؤهلاته الدراسية وأحلامه بمستقبل واعد، وأخيرا استطاع الحصول على وظيفة في إحدى القرى السياحية الجديدة، وعلى الفور حزم أمتعته وكله أمل أن يتعرف هناك على أوروبية يتزوجها حتى ولو لم تكن فوق مستوى الشبهات.
هذه الحكاية ما هي إلا جزء من شريط نستدعي أحداثه كلما طرقت أسماعنا قصة عن الزواج من أجنبية، ذلك الزواج الذي ارتبط في مخيلة الكثيرين بالنفع المادي الذي تقدمه الأجنبية للشاب العربي الذي يسعى للارتباط بها فقط من أجل هذا السبب.

ولكن القريب من عالم الأجنبيات الوافدات على البلدان الإسلامية -خاصة المسلمات منهن- يجدهن متزوجات من شباب عرب يفوق مستواهم المادي الوضع المادي للعروس الأجنبية، الأمر الذي ينفي الاستفادة الاقتصادية وتحقيق حلم السفر لبلاد الأحلام، ويضعنا وجها لوجه أمام التساؤل عن سر إقبال الرجال على الزوجة غير العربية، محاولين أن نضرب جرس إنذار في أذن كل امرأة وفتاة عربية؛ انتبهن.. الأوروبيات والآسيويات قادمات.

طاعة بلا حدود

زين العابدين محمد جزائري يدرس بجامعة الأزهر الشريف، متزوج من فتاة إندونيسية.. ما دفعنا للتوقف أمام قصة زواجه قيامه بنصح كل أصدقائه الجزائريين المقيمين معه في مدينة البعوث الإسلامية بالزواج من إندونيسيات، وبالفعل تزوج منهن أكثر من عشرة جزائريين وكلهم يؤكدون أنهم في سعادة يحسدون عليها.

سألناه عن سر انصرافه عن الارتباط بجزائرية أو أي فتاة عربية أخرى فأجاب ضاحكا: في البداية أحب أن أؤكد أنه لا فرق بين إندونيسية أو عربية إلا بمعيار واحد وهو الدين والخلق، وكذلك بمن تستطيع أن تعطي الزوج كل شيء دون انتظار مقابل، وهذا ما وجدته في زوجتي، فقبل زواجي منها سمعت الكثير عن المرأة الإندونيسية من حبها لزوجها وطاعتها له وقدرتها -هي ونسبة ليست بالقليلة من النساء الآسيويات- على العيش تحت أي ظرف اقتصادي دون ضجر أو شكوى، الأمر الذي يتماشى مع ظروفنا الاقتصادية المحدودة بحكم أننا لازلنا طلابا ندرس العلم الشرعي.

ويضيف: الحق أقول أنني بعد الزواج اكتشفت أن كل ما قالوه عنها أقل بكثير مما هي عليه، ولو رجع بي الزمان للوراء ما كنت لأختار سواها.

وعن المشاكل التي من الممكن أن تحدث بحكم اختلاف اللغة والثقافة: يقول كانت مشاكل طريفة.. ففي بداية زواجنا لم تكن تتكلم العربية جيدا، وكلما طلبت شايا أفاجأ بها تأتيني بقهوة فكنا نضحك، وبمرور الوقت اعتادت هي اللغة العربية واعتدت أنا القهوة!..

سيدة الإخلاص

أما (ق.ع) المتزوج من فرنسية فدوافعه للزواج مغايرة للقصة السابقة، فهو ينتمي إلى أسرة مصرية ذات مستوى مادي متميز، ويعمل بإحدى الشركات العالمية.. يقول: يتطلب عملي أن أسافر دائما إلى فرع فرنسا حيث تعرفت هناك على ساندي إحدى موظفات الشركة، والتي غيرت نظرتي الخاطئة عن الفتاة الأوروبية التي ننظر إليها بحكم ثقافتنا العربية على أنها مستهترة يمكنها أن تعرف ربما عشرة رجال في وقت واحد، لكني لاحظت في ساندي شيئا غريبا.. فحديثها مع الزملاء الرجال محدود للغاية، وعلاقتها بهم جادة جدا، حتى حدثت المفاجأة وجاءت إلى العمل بحجاب كامل، وقتها شعرت أنها الفتاة التي أبحث عنها طوال عمري.

رجعت إلى القاهرة وأخبرت أسرتي بأنني أرغب في الزواج من أوروبية فلاقيت اعتراضا في البداية، ولكن ما لبث هذا الاعتراض أن تلاشى بعدما تأكدوا من خلقها وحسن إسلامها.

ويتابع: بعد زواجنا أستطيع أن أقولها وعن تجربة.. "الأوروبية عندما تتزوج وتحب زوجها تكون سيدة الإخلاص بلا منازع، وعندما تدخل في الإسلام عن قناعة وليس فقط لإرضاء الزوج تصبح أكثر من رائعة".

خير من الدنيا وما فيها

أما سيد ونادين فقد جمعهما الإسلام.. فقد تعرفت نادين (ألمانية) على سيد صبري (26 عاما) في إحدى رحلاتها السياحية إلى مصر، وكانت هي وأسرتها من الملحدين الذين لا يدينون بأي دين.

يقول سيد: لاحظت أن نادين تتساءل دائما لماذا نحن موجودون في هذا العالم، وهذا الأمر أثار حماسي لتعريفها بكل تعاليم ديني الحنيف الذي يجيب على كل تساؤلاتها، وفعلا نطقت الشهادتين وأسلمت.. ولأني مؤمن بأن الله إن هدى بك نفسا مؤمنة فإن ذلك خير لك من الدنيا وما فيها، فقد تزوجتها لأكون عونا لها يشرح ويوضح ما تريد معرفته عن دينها الجديد.

الآن نادين أصبحت شخصا آخر كما يؤكد زوجها.. ترتدي الحجاب، وتلتزم بالصلوات الخمس، ومخلصة لزوجها وحياتها الأسرية.

ويستنكر الشاب المصري نظرة العرب (للخواجات) بأنهن متحررات ولا يلتزمن بقيم، مؤكدا أن هذا الأمر ينبغي عدم تعميمه على الجميع، فالمرأة الأوروبية في نظره -في بعض الأحيان- تكون صاحبة قيم ومبادئ ربما أفضل من عربيات يعشن في مناطق عشوائية ونائية، ولا يوجد في قاموس تعاملاتهن ثمة مبدأ أو خلق.

العربية تكسب

وعلى العكس من الآراء السابقة يعلن عباس محمد اختلافه مع المؤيدين للزواج من أجنبية قائلا: بحكم عملي في لجنة الوافدين بالجمعية الشرعية بالقاهرة أشاهد حالات كثيرة من زواج العرب بأجنبيات، وأستطيع أن أؤكد أن النجاح ليس قاعدة وإنما استثناء، آخرها حالة انتهت بالطلاق بعد أقل من شهر لاختلاف المفاهيم بينهما، لذلك فمن الأفضل أن يختار الرجل العربي امرأة عربية تتفق معه في عادات وتقاليد مجتمعه خاصة في ظل أزمة العنوسة المتفاقمة في مجتمعاتنا العربية.

ويستمر في حديثه مؤكدا أن المرأة العربية لا يوجد لها مثيل في العالم لأنها مخلصة ومحافظة وبها الكثير من المميزات التي ربما هي نفسها لا تعرف قدرها.

رحم الدين ركن الدين -طالب روسي يدرس بجامعة الأزهر الشريف- يتفق مع الرأي السابق بشدة مضيفا أن الكثير من أصدقائه الروس متزوجون من عربيات مسلمات وحياتهم مستقرة جدا وسعيدة، ولم تصادفهم سوى مشكلة عدم معرفة الزوجة للغة الروسية، ويؤكد أنهم ينظرون إلى العربيات على أنهن أكثر نساء العالم محافظة وعفة، ويستنكر على هؤلاء الشباب الذين ينصرفون عن بنات بلادهم ويتزوجون بغيرهن مؤكدا أنه شرف لأي رجل في العالم أن يتزوج بعربية.

بينما ترى ابتسام إيكا رحمواتي -ماليزية تدرس أصول الدين بالأزهر الشريف- أن المرأة العربية تحتاج أن تتعلم من المرأة الآسيوية بعضا مما اشتهرت به من طاعة الزوج، حيث لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تقول لزوجها كلمة "لا" على أي شيء يطلبه منها، ولا يرتفع صوتها فوق صوته حتى لو كان هو المخطئ في حقها.

وتعتقد ابتسام أن البيئة التي ينشأ فيها العرب هي السبب في ذلك حيث أكسبتهم شيئا من العصبية سيطرت على طباعهم رجالا ونساء.

أسباب ودوافع

حاولنا أن نضع أيدينا أكثر على الأسباب التي تدفع هؤلاء الشباب للزواج من أجنبيات حتى ولو كلفهم الأمر أن يتخلوا عن لغتهم وبعض من ثقافتهم وتقاليدهم..

الدكتور (ج.ع) أحد رجال المجلس العالمي للدعوة والإغاثة بمصر، بحكم خبرته الطويلة بالعمل بلجنة الوافدات والوافدين غير العرب ومساهمته في زواج حالات كثيرة لأجنبيات وعرب، يحلل هذه القضية مؤكدا أن العوامل التي تدفع العرب إلى الزواج بأجنبيات -إذا ما أخرجنا حلم السفر أو رغبة الزوج في الحصول على جنسية بلد الزوجة- تنحصر في أربعة عوامل رئيسية؛ أولها الإعجاب الشخصي بالعروس بغض النظر عن جنسيتها، ثم الهوس الجنسي حيث يظن البعض أن الأجنبيات هن الأقدر على إشباع ما يعتقد أن العربية تعجز عنه، وهو انعكاس لسيطرة المواقع والقنوات الإباحية الغربية على عقول الشباب العرب.

أما العامل الثالث فيذكر أنه يتعلق بثقافة وشخصية الأوروبية والتي عادة لا تهمل الزوج بعد الإنجاب، مما يجعلها متميزة عن العربية التي بدون قصد تعطي لأبنائها الأولوية في الرعاية والاهتمام على حساب الزوج فيشعر بغيرة شديدة من أطفاله.

ويعتبر عضو المجلس العالمي للدعوة أن الإسلام هو السبب الرابع والأخير، حيث يريد الشاب أن يحتضن معتنقة جديدة له فيعلمها دينها ويحميها من الانزلاق في مجتمعها الغربي حيث الفتن والشهوات.

وينبه: ولكن ليس الطريق دائما مفروشا بالورود فالزواج المختلط دائما ما يولد اختلافا في أشياء كثيرة مثل العادات والتقاليد وطريقة الحياة ونظرة المرأة للرجل والعكس.

ويؤكد على ضرورة توفر صفات معينة لمن يرغب في الزواج من أجنبية وهو أن يكون لدى كل من الطرفين القدرة على استيعاب وتقبل الآخر.

مهرها الإسلام

الشيخ عبد الحليم يرى أن الشباب العربي وجد في الأوروبية الحل ويشير الشيخ عبد الحليم محمد عبد الرحمن -من كبار علماء الأزهر وله باع طويل في إسلام الكثير من الغربيين- إلى أن القاعدة عند المسلمة الغربية سواء كانت مسلمة أصلا أو معتنقة جديدة للإسلام هي التيسير خاصة إذا كان الزوج سببا في إسلامها، فهي تعتبره صاحب فضل عليها لأنه انتشلها من الظلمات إلى النور، وتعتقد أنها مهما يسرت وأعطت فإن ذلك يكون قليلا إذا ما قورن بفضله عليها؛ فهي تعتبر الإسلام مهرها.

ويضيف أن الكثير من الشباب العرب المتزوجين من أجنبيات اعتنقن الإسلام يأتون إليه مؤكدين أن حياتهم مستقرة جدا، حتى أن أحدهم حكى له أن زوجته الغربية توقظه يوميا لصلاة الفجر والقيام وهى تهمس بأذنه (الصلاة خير من النوم)، وقليل من تفعل مثلها من نساء العرب اللائي ولدن مسلمات ولم يكلفهن الإسلام أي جهد مادي أو فكري للدخول فيه.

ويضيف أن المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا، لذلك فالعرقيات والجنسيات لا تشكل أي أهمية بين المسلمين لأن المعيار يكون الخلق والدين بغض النظر عن الجنسية، ويؤكد أن الأجنبية هي من كانت خارج الدين، أما إن كانت مسلمة ملتزمة بالإسلام سواء كانت عربية أو ماليزية أو أوروبية فلا تعتبر أجنبية.

 

إسلام أون لاين

JoomShaper