منى أبوحمور

عمان- لأن جائحة كورونا دقت ناقوس الخطر، وأثرت سلبا في نفوس الطلبة أثناء عملية التعلم عن بعد؛ فإن ذلك يؤكد من جديد أهمية تفعيل الدور الإرشادي في المدارس وتطبيقه على أرض الواقع، بما يساعد في تهيئتهم بالعودة إلى التعليم الوجاهي في ظل ظروف صحية وتعليمية لم يختبروها من قبل.
لم يكن العام الماضي، سهلا على الطلبة، إنما كانت التأثيرات السلبية تعد ولا تحصى، تحديدا بابتعادهم عن اسوار مدارسهم التي كانت تشكل بيئة يختبرون من خلالها تفاصيل لا يعوضها التعلم عن بعد الذي أبعدهم عن زملائهم وأصدقائهم، ومعلميهم ومحيطهم.


المرشدة التربوية في مدرسة اليمامة المختلطة لينا العطيات، تبين أنه مع اقتراب العودة إلى المدارس لابد من إعطاء الجانب التربوي النفسي والاجتماعي اهتماما موازيا للجانب الأكاديمي والصحي لأن اندماج الطلبة في مدارسهم بعد فترة انقطاع طويلة يتطلب من المرشد التربوي أن تكون لدية خطة ورؤية واضحة والقدرة على التعامل مع الطلبة.
ويتوجب على المرشد التربوي كذلك، وبالتزامن مع العودة إلى التعليم الوجاهي بحسب العطيات أن يقدم الدعم النفسي للطلبة وتعزيز ثقتهم بنفسهم منذ اليوم الأول من العودة، والتخفيف من حالات التوتر والخوف من الإصابة بفيروس كورونا.
ومن جهة أخرى، تشدد العطيات على دور المرشد التربوي في مساعدة الطالب على التكيف ومراعاة الصحة النفسية له من خلال تقديم أنشطة وتنفيذها ومنح الطالب الفرصة الكافية للتعبير عن مشاعره ومخاوفة، وبالتالي توفير بيئة تعلم آمنة. وتضيف، تدريب الطلبة على تمارين التأمل والاسترخاء النفسي يحد من مشاعر التوتر، مع التشديد على دوره في نشر الوعي الصحي بين الطلبة وتقديم معلومات صحيحة حول الفيروس وكيفية الوقاية منه وتوجيه الطلبة لعدم الانصياع وراء المعلومات المغلوطة.
المرشد التربوي له دور كبير في تعزيز العادات الاجتماعية الصحية المكتسبة، بحسب العطيات، كذلك السلوكية خلال جائحة كورونا وتزويد الطلبة بمعارف ومهارات تمكنهم من التعامل والتكيف مع هذه المرحلة التعليمية الجديدة.
مع العودة إلى التعليم الوجاهي، لابد من أن يكون هناك عمل تشاركي ما بين المرشد التربوي والمعلمين وإدارة المدرسة لتحقيق الشروط السلامة الصحية ومتابعة المستوى الأكاديمي للطلبة ومدى تأثير الظروف المحيطة بهم على تحصيلهم.
إلى ذلك، فإن دور المرشد التربوي بحسب العطيات لا يقتصر فقط على الطلبة والمدرسة وإنما أيضا التشبيك مع أولياء الأمور في عدة نقاط، أهمها تهيئة الطالب نفسيا وجسديا قبل العودة ورفع حماسه من خلال إلقاء الضوء على الجوانب الإيجابية للعودة الى مقاعد الدراسة والصف ورؤية الأصدقاء.
ومن جهة أخرى تشير العطيات إلى دور الأهل برفع وعي أطفالهم صحيا وتطبيق الإجراءات الإحترازية لحمايتهم من خطر الإصابة والمحافظة على النظافة الشخصية واستخدام المعقمات.
الى ذلك، من الضروري أن يكون هناك تواصل دائم بين أولياء الأمور والمرشد التربوي حتى يتمكن من التعامل مع الطلاب وظروفهم وتهيئتهم للعودة إلى التعليم الوجاهي وتفادي الظروف الصعبة التي تعرض لها بعض الطلبة خلال الفترات الماضية وإبلاغ المرشد التربوي في حال وجود أي إشكالية تتعلق بالطالب وتعليمه.
الدكتور محمد أبوالسعود يشير الى أن دور المرشد التربوي في المدارس هو الأساس الذي يمنح التوازن النفسي للطالب وله دور في جميع المراحل التي يمر بها الطالب، ولا يقتصر دوره على الطلبة الذين يعانون مشاكل نفسية أو يعيشون حياة اجتماعية تربوية غير سوية، فدوره أكبر من ذلك بكثير.
ويشير أبو السعود من خلال تجاربة مع وزارة التربية والتعليم ومشاهداته لأدوار المرشدين التربويين في المدارس، فإن هناك حلقة مفقودة في فهم دور المرشد الفاعل في المدارس، وكثير من المديرين والمعلمين يشركون المرشد التربوي في المراقبة على الامتحانات أو في المناوبات واشغال الفراغ، وكأن دوره تكميلي، وهذا ينافي واجبات المرشد الفعال، لافتا إلى أن التعليمات لايتم تطبيقها على أرض الواقع بشكل فاعل حتى غرفة المرشد ولا تكن مهيئة في العادة لاستقبال الطلبة لإعطاء جلسات إرشادية.
ووفق أبو السعود، فإن طبيعة الناس الذين يدرسون الارشاد لا يخضعون لامتحانات تبين قدرتهم على هذا الجانب، وهنالك مرشدون هم أبعد ما يكونون عن شخصية المرشد وقدرته على التحمل ومحاكاة المشكلة وتتبع الحالات الإجرائية للمعالجة.
ويشدد أبوالسعود على إعداد المرشد التربوي قبل العودة إلى التعليم الوجاهي وتهيئته وتدريبه على طريقة التعامل مع عودة الطلبة خلال الفترة القادمة في ظل جائحة كورونا وإعطائهم ورشات عمل تمكنهم من التعامل مع الإسقاطات النفسية التي تسببت بها جائحة كورونا على الطلبة وأسرهم بسبب الإغلاقات والحظر ومنع التجول وإنتشار الوباء والمخاطر الصحية وهي تجربة جديدة على المرشدين لا بد من اتقانها.
ويذهب أبو السعود إلى أن القضايا النفسية والتربوية مهمه جدا ومفصلية، وينبغي على وزارة التربية والتعليم عدم اغفالها قبل العودة إلى التعليم الوجاهي” لافتا الى أن الوزارة عليها في هذه الفترة الحرجة التركيز فيها على مصلحة الطالب ومصلحة المعلم ويكون الأشخاص مؤهلين للتعامل مع هذه المرحلة الصعبة قبل أي شيء آخر.
هناك الكثير من الجوانب الفنية التي يجب أن تتوفر لدى المرشد التربوي ومدير المدرسة بحسب أبوالسعود، وتهيئة المكان المناسب له للتعامل مع خوف الطلبة والغياب المتكرر لهم وظروف الأسر في التعامل مع التعليم الإلكتروني ومخاوف المعلمين من تلقي المطعوم أو الالتزام في الكمامات وتطبيق الإجراءات الوقائية وغيرها من الأمور الأخرى.
ويؤكد التربوي الدكتور عايش النوايسة على الدور الكبير للإرشاد التربوي للطلبة عند العودة إلى المدرسة بعد الفترة الزمنية التي بقي الطلاب فيها في البيت منذ آذار الماضي حتى تاريخ الدوام الرسمي للفصل الدراسي الثاني، الأمر الذي يزيد المخاوف لدى الطلبة وذويهم والخوف من المجهول ما إذا كان الطلبة قادرين على التأقلم مع النمط التعليمي المقبل.
في هذه المرحلة لابد من أن يكون هناك برنامج نفسي اجتماعي يركز على التوعية بالقضايا التي أصبحت تشكل عامل خوف عند الطلاب من الإصابة بالفيروس، أو الدراسة، الاختلاط بالآخرين والحياة والموت وأرقام الإصابات وعدد الوفيات ومخاطر المطعوم وغيرها من الأحاديث التي كانوا يسمعونها من ذويهم ومن نشرات الأخبار.
وبحسب النوايسة، فإن الظروف الصعبة التي مر بها الطلاب خلال الفترات الماضية تتطلب وجود دور توعوي وبرنامج إرشادي متكامل على مستوى وزارة التربية والتعليم يتم من خلالها تدريب المرشدين انسجاما مع ما هو موجود بالبروتوكول الصحي.
أهمية دور الإرشاد التربوي تكمن في التعامل مع مراحل عمرية مختلفة من خمس سنوات وحتى 18 عاما في الثانوية العامة، كل فترة عمرية لها خصائص نمائية تختلف عن غيرها لذلك يجب أن يكون البرنامج الإرشادي حاضرا ويركز على إرسال رسائل توعوية وتربوية للطلاب تتعلق بتخفيف حدة التوتر والضغوطات النفسية والاجتماعية التي رافقت الجلوس بالبيت التي نتجت عن الظواهر المتعلقة بجائحة كورونا والخوف من الإصابة.
ويشدد النوايسة على أن يكون هناك خطط واضحة لدى الإرشاد التربوي في المدارس للتعامل مع “العوامل التقنية”، فالطلاب أصبحوا أكثر التصاقا بالهاتف والكمبيوتر والألعاب والبرامج التعليمية، وبالتالي أثرها النفسي كبير جدا. ويشدد أيضا على التشاركية بين الأهل ووزارة التربية والتعليم والمؤسسات الإعلامية مع المرشد التربوي ليتمكن من القيام بدوره على أكمل وجه.

JoomShaper