حسان خريسات
في الاسبوع الماضي ، لم اجد موقعا اعلاميا او صحيفة محلية الا وكتبت عن تقرير تحدث عن 96 الف فتاة عانس تعدين سن الـ"30" عاما في المملكة ، لكن احداً من ما ذكرت لم يبين الاسباب الحقيقية لهذا العدد الكبير من "العوانس".
لو قلنا أن ثمن تكاليف الزواج المرتفعة هي سبب "للعنوسة" ، سنكون قد أخطأنا التقدير ، لأن في هذه الحالة نكون قد حكمنا على الزواج من منطلق مادي صرف ، بمعنى أن الزواج يساوي مصاريف يوم أو أكثر بقليل من عمره ، مع العلم أن المهم هنا هو ما بعد الزواج ، وهذا أمر لا تنتبه له الأغلبية لأنها ترى أو تلخص الزواج في ليلة العرس وما يرافقها من مظاهر الاحتفال ، لهذا نجد بعض العرسان يصرفون النظر عن "العرس" ويكتفون بحفلة بسيطة مع الأصدقاء والمقربين ليحتفظوا بمصاريف العرس عسى أن تنفعهم في قضاء أغراض أخرى،

. أعتقد أن سبب ارتفاع معدل العنوسة في الاردن يرجع بالأساس الى قلة "الاشتياق" ، فقد خفت نسبة المشاعر الفطرية التي كان يكنها كل جنس للآخر ، وهنا لا أتحدث عن الجنس فقط رغم أهميته بل عن الرغبة في الاستقرار العاطفي وتكوين أسرة وتحمل المسؤولية والتعاون والصبر والتضحية.. الى آخره من القيم التي كان يختزنها الشباب في نفوسهم ليعبروا عنها من خلال الزواج وتكوين الأسرة ، هذه المشاعر الفطرية توارت وتم طمسها بسبب المفاهيم الجديدة التي تم الترويج لها عنوة..،،، فهذه المفاهيم يتبناها كثير من الاردنيين دون ادراك منهم بخطئها حيث حلت الأنانية وأصبح مفهوم التضحية والصبر مرادفا للضعف ، خصوصا مع تناسل جمعيات ومنظمات جعلت رزقها في خلق المشاكل بين الجنسين عوضاً عن الاصلاح..،، فتم نزع كل القيم الجميلة من مؤسسة الزواج وتم اختصارها في الجنس ، وبما أن الوقوع في "الخطأ" أصبح في المتناول ، فلم تبق من جاذبية للزواج بل أصبح مرادفا للمشاكل وصداع للرأس ، اضافة الى النماذج الفاشلة التي نراها في حياتنا اليومية والتي تنفر الشباب من الزواج ، كما أن هناك سببا مهما وخطيرا لعزوف الاردنيين عن الزواج وهي النصائح "المقلوبة" التي تروج بين الشباب ، فبين الرجال مثلا قليل ما يتناصحون بالزواج بل خلال جلساتهم يتداولون أن المرأة مخادعة وطماعة ومتقلبة وغير قنوعة ثم يبدأون في سرد الأمثلة ، كذلك بالنسبة للنساء لم يعدن يتناصحن بالزواج وما ان يذكرن الرجل الا ويصفنه بكل الصفات الشيطانية ، فكيف يمكن الخروج من أزمة العنوسة في مجتمع كثير من رجاله ونسائه يلومون بعضهم؟. يبقى السبب الأساسي وهو جهلنا بالغاية من الزواج والتي حددها لنا ديننا الحنيف في المودة والرحمة والاستقرار العاطفي ، فلو أننا اتبعنا ديننا بدل اتباع نصائح "الفاشلين" لعاد الزواج كما كان ملاذاً للاستقرار والطمأنينة خاصة وأن الزواج في شريعتنا نصف الدين وأن كل تضحية وصبر وبذل مأجور من عند الله في الدنيا وفي الآخرة وكل هذه الأمور ليست ضعفاً بل قوة لا يعيها غير المؤمنين ، فاذا ما وضعنا مفهوم الزواج في اطاره الصحيح وابتعدنا عن المفاهيم التي يروج لها الفاشلون لكنا بألف خير ، ولم نجد الاعداد الهائلة من العوانس والعانسين.

 

 

جريدة الدستور

JoomShaper