ترجمة: علاء الدين أبو زينة- غاسبارد كونيغ – (وورلد كرنش) 29/11/2021
اكتسب التنمر عبر الإنترنت زخمًا مرة أخرى في هذا العام الدراسي.
وبالنسبة للفيلسوف والمدافع عن السوق الحرة، غاسبارد كونيغ، الأمر بسيط: لوسائل التواصل الاجتماعي نفس تأثير مخدر ضار ومسبب للإدمان، ويجب أن تكون بالتالي ممنوعة لمن هم دون سن 16.
* * *ابنتي المولودة في العام 2010 تدخل الصف السادس. وقد تلقيت في الأيام القليلة الماضية سلسلة من التنبيهات التي تحذرني من “التنمر الإلكتروني” الذي يستهدف حاليًا “جيل 2010”.
وحسب مقطع فيديو نشره “يوتيوبر” فرنسي مبكر النضوج، فإن أبناء جيل 2010، هم موضوع للسخرية، وأحياناً الكراهية والانتقام من جانب زملائهم الأكبر سناً في المدارس الإعدادية. “هاشتاغ # ضد 2010”.
وقد اكتسبت القضية أهمية كافية حتى تذكرنا الشرطة الوطنية الفرنسية بأن “الإغارة الرقمية” جريمة، ولكي يستنكر وزير التعليم هذه العصابة بعبارات لا تخفي ذعره: “هذا أمر غبي تمامًا”.
وهو أمر غبي تمامًا حقاً. ولكن، هل سيمتلك أبناء جيل العشرية الثانية -الذين تعني عودتهم إلى المدرسة الانضمام إلى صفوف “تيكتوك” و”سنابتشات” و”إنستغرام”- الوسائل لاكتساب القدرة المعرفية اللازمة لإبعاد أنفسهم عن هواتفهم؟
كيف يمكننا أن لا نرتعد من خطة “فيسبوك” لإنشاء “إنستغرام” لمن هم دون سن 13 عامًا؟
دعونا نتوقف عن جعل الأطفال “بالغين”
بعيدًا عن قضية التسلط عبر الإنترنت، أرى التأثير الضار لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي عندما أقوم بتدريس الطلاب من “مواطني العالم الرقمي”، الذين يُحرمون بشكل متزايد من القدرة الأساسية على التركيز.
حيث (أصبح الاحتفاظ بكتاب في أيديهم لمدة ساعة، من دون النقر على إيقونة إعجاب أو إعادة تغريد شيء، استحالة فسيولوجية بالنسبة للبعض).
ولا يسعني سوى مشاركة قلق عالم الأعصاب ميشيل ديسمورجيت بشأن “صانع المعتوهين الرقمي”..
أنا شخص لا يحب المحظورات
يجب علينا أن نتوقف عن جعل البالغين أطفالاً. ولكن، في المقابل، دعونا نتوقف عن جعل الأطفال بالغين.
إن الفلسفة الكاملة للتعليم العام التي حددها الفيلسوف الفرنسي فيكتور كوزين هي السماح للعقل النامي بالانفتاح على معرفة انتقائية.
وحتى يصبح الشخص البالغ إنساناً مسؤولاً، يجب أن يظل الطفل تحت وصاية.
بقدر ما يجب على الدولة أن تسمح للمواطنين البالغين بأن يعيشوا حياتهم، فإن لها أن تلعب كل دورها الواجب في تحرير القاصرين اجتماعيًا وفكريًا، بما في ذلك من خلال وضع الضوابط والقيود.
وهذا هو السبب في أنني، بصفتي شخصاً لا يحب المحظورات، أناشد بلا تردد من أجل إغلاق وسائل التواصل الاجتماعي للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 16 عامًا.
سن 16 هو العمر المنطقي
يُحظر تمامًا بيع الكحول للقصر.
وفي حالة شرعنة الحشيش، وهو شأن عزيز بالنسبة لي، سيكون من الضروري حماية المراهقين بشكل صارم، الذين يمكن أن تتضرر أدمغتهم التي تمر بطور النضوج بشكل لا يمكن إصلاحه بسبب هذه المؤثرات العقلية.
وقد حان الوقت لأن يضع المشرع الشبكات الاجتماعية في الفئة نفسها.
إن السادسة عشرة هي العمر المنطقي ليكون العتبة القانونية لدخول عالم التضليل الإعلامي الشبحي.
ذلك لأن منصات وسائل التواصل الاجتماعي ليست مجرد وسطاء محايدين وخيِّرين.
إن نموذج أعمالهم، القائم على جمع البيانات الشخصية وتحقيق الدخل منها، يتطلب تحسين “تفاعل” المستخدمين، وهي كلمة مهذبة لوصف “الإدمان”.
وقد ندد جارون لانير، أحد رواد قطاع الإنترنت، بـ”خوادم صفارات الإنذار” من الداخل. ويعمل أفضل علماء الأعصاب، الذين توظفهم منصات التواصل الاجتماعي بتكلفة كبيرة، على دغدغة دوائر المكافأة في أدمغتنا.
ولذك، يجب التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي على حقيقتها: أنها عقار مخدر يتم توزيعه بعد المدرسة، مجانًا.
توقفتُ عن استخدام “تويتر” والقهوة معًا
قبل ثلاث سنوات، خلال رحلة بحثية إلى وادي السيليكون، أدركت أنني مدمن على وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك توقفت عن استخدام “تويتر” وشرب القهوة معًا.
وبذلك كسبت ضبط النفس، أحد شروط الحرية. ثم استأنفت بجرعات صغيرة جدًا (تصفح منصة “لينكد إن” من وقت لآخر، وشرب فنجان من الماكياتو في الصباح).
واليوم، لا أسمح لابنتي بشرب الكافيين أو تصفح “تيك توك”.
ويتعين عليها الاكتفاء بهاتف بسيط، من دون وصول إلى الإنترنت.
ولأنه ليس لها حضور على الإنترنت، فإن ابنتي بمنأى، ميكانيكيًا، عن التعرض للمضايقات.
وهو امتياز تتشاركه مع زملائها في الفصل من أكثر فئات الطبقة العاملة امتيازًا.
في الواقع، وفقًا لتقرير صادر عن المجلس الأعلى للصحة العامة نُشر العام الماضي، فإنه “كلما ارتفع مستوى تعليم ممثل الطفل، قل الوقت الذي يقضيه أمام شاشة”.
غالبًا ما يُترك الأطفال من خلفيات الطبقة العاملة لأجهزتهم الخاصة والبقاء أمام الشاشات.
فيما يقوم الآباء الأكثر تعليماً بنشر استراتيجيات مختلفة للتقييد -لنتذكر أن ستيف جوبز منع وجود جهاز “آي-باد” من منزله.
ومع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن حظر الشبكات الاجتماعية للأطفال دون سن 16 سيكون أيضًا عملاً حقيقيًا من أعمال العدالة الاجتماعية.