الحياة ومشاكل المعيشة ومنغصات الحياة اليومية تدفعنا للتفكير في البحث عن حلول لهذه المشاكل، وبالطبع ما نفكر به في حياتنا اليومية، لا يكون بإمكاننا عمل أي شيء لتغييره، وبالتالي يكون القلق نتيجة طبيعية، فالقلق يعرف بأنه شعور بالعصبية أو الانشغال أو الانزعاج، وهو تجربة بشرية طبيعية.
وهو موجود أيضًا في مجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية، بما في ذلك اضطراب القلق المعمم واضطراب الهلع وأشكال الرهاب. على الرغم من أن كل من هذه الاضطرابات يكون مختلفا، إلا أنها تنطوي جميعها على الضائقة والخلل الوظيفي المرتبط بشكل خاص بالقلق والخوف.  


ويختلف الشعور بالقلق من شخص لآخر، كما تختلف درجات حدته. وأقل درجات القلق يشبه الشعور بالتوتر أو التململ أو إحساس باللاواقعية، وكأن المرء يعيش داخل "فقاعة". أما القلق الحاد فيشعر المرء به في جسمه. وتشعر في هذه الحالة وكأنك تجد صعوبة في التنفس، أو بضغط على الصدر، أو ينتابك خفقان في القلب.
وفي حال انتابك القلق فجأة ومن دون سابق إنذار، فيسمى قلق الهلع. وما يحدث عندما ينتابك القلق يسمى نوبة هلع.
ومن الشائع، أن تفكر عندما ينتابك القلق: "لن يزول أبدا" أو "سأصاب بالجنون".
وعندما تشعر بذلك، تذكر أن ذلك غير صحيح! فالقلق يزول دائماً بعد فترة قصيرة، وهو غير خطير، حتى وإن كنت مقتنعاً في تلك اللحظة بأنه خطير.
إدمان القلق: هو مصطلح يستخدم لوصف حالة القلق المستمرة والمتواصلة، والذي يؤثر سلبًا على الحياة اليومية والصحة العقلية والجسدية للأفراد المصابين به، ويعد القلق طبيعيًا في بعض الحالات؛ ولكن عندما يتحول إلى شكل من أشكال الإدمان يصبح مشكلة خطيرة تستوجب الاهتمام والدراسة، حيث تعيش المجتمعات المعاصرة في ضغوط متزايدة، مثل توقعات المجتمع والعمل والعلاقات الشخصية، يمكن أن تؤدي هذه الضغوط إلى زيادة مستويات القلق وتطورها إلى إدمان.
وتعتبر بعض الثقافات أكثر تسامحًا تجاه القلق وتميل إلى التعامل معه بشكل أكثر سطحية ومرونة، ومع ذلك هناك ثقافات تعزز التفكير القلق. ويتعرض الأفراد في العصر الحديث، لتأثيرات كبيرة من وسائل الإعلام والتكنولوجيا، مثل وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار السلبية المستمرة، ويمكن أن يزيد هذا التعرض من مستويات القلق، وقد تؤثر البيئة الثقافية والتربوية على تشكيل نمط القلق المرتبط بالإدمان؛ فعلى سبيل المثال، يتعلم الأطفال أن يكونوا قلقين من الفشل أو الضغط العام، ويتبنون هذا النمط القلق من البيئة المحيطة بهم.
ويتسبب إدمان القلق، في تدهور الصحة العقلية والجسدية؛ حيث يمكن أن يزيد من مخاطر الاكتئاب والقلق المزمن والمشاكل الصحية المرجعية، ويمكن أن يتسبب في انخفاض الطاقة والتركيز، وتقليل القدرة على التعامل بفعالية مع التحديات الحياتية. ويؤثر إدمان القلق على العلاقات الاجتماعية؛ حيث يصعب على الأفراد أن يتفاعلوا بشكل طبيعي مع الآخرين وأن يستمتعوا بالنشاطات الاجتماعية، وقد يشعروا بالانعزال والوحدة، مما يزيد من مستويات القلق بشكل دائري.
ويؤثر إدمان القلق، على أداء الأفراد في العمل والدراسة؛ حيث يؤثر على التركيز والإنتاجية، ويمكن أن يتسبب في صعوبات في اتخاذ القرارات والتعامل مع ضغوط العمل. ويتسبب في تكبد المجتمع والاقتصاد خسائر كبيرة، فالأفراد الذين يعانون منه قد يحتاجون إلى علاج ورعاية طويلة الأمد، مما يؤثر على النفقات الصحية والاقتصادية للمجتمع بشكل عام.
وهناك العديد من الدراسات والأبحاث التي تتناول تأثير إدمان القلق على الفرد والمجتمع؛ ففي دراسة بعنوان: "التأثير الاقتصادي للقلق والاكتئاب على المجتمع"، وجد أن الأفراد الذين يعانون من اضطرابات القلق والاكتئاب يتكبدون تكاليف صحية واقتصادية عالية، بما في ذلك زيادة في التكاليف الطبية وفقدان الإنتاجية في مكان العمل. وفي دراسة أخرى بعنوان: "تأثير إدمان القلق على الحياة الاجتماعية"، أجريت على عينة من الأفراد المصابين بإدمان القلق وجدت الدراسة، أن الأفراد الذين يعانون من إدمان القلق يواجهون صعوبات في التفاعل الاجتماعي وبناء العلاقات القوية، كما أظهرت أنه يمكن أن يؤدي إلى الانعزال الاجتماعي وانخفاض الرضا العام بالحياة.
إدمان القلق هو كفاح بلا هدف؛ فلنتوقف عن استثمار طاقتنا في تخيل سيناريوهات سلبية ونعيش اللحظة الحاضرة بكل هدوء، فالقلق لا يضيف ساعة واحدة إلى عمرنا؛ بل يسرق منا ساعات عديدة من السعادة، وهو ليس سوى استثمارا للمشاكل التي قد لا تحدث أبدًا، وهو الاستعارة المدركة للمتاعب غير الموجودة، وهو طريقة تفكير سلبية لا بد من استبدلها بالثقة والتفاؤل، والاستمتاع بالحياة بدلاً من تدميرها بالقلق.. يقول روي بينيستر: "القلق لا يجلب السلام، بل يجلب الاضطراب والتوتر".

JoomShaper