سيدتي - لينا الحوراني
هناك العديد من الأطفال الخجولين أو "البطيئين في التأقلم"، أي أنهم يشعرون بعدم الارتياح أو الحذر في المواقف الجديدة أو مع أشخاص غير مألوفين، وهم يبدأون بهذا الطبع، منذ أن كانوا رضعاً، فإذا كنت تتذكرين أنهم لم يحبوا أن يحملهم أي شخص؛ كانوا يريدون أن يحتضنهم عدد قليل من الأشخاص المميزين الموثوق بهم فقط، عندما كانوا صغاراً، كانوا يظلون "على الهامش" لفترة من الوقت، يراقبون ما يفعله الآخرون حتى يشعروا بالراحة الكافية للانضمام إليهم، قد يواجه الطفل الخجول وقتاً عصيباً مع التغييرات في المربية أو المعلمة الجديدة، ويحتجون عندما يعرض عليهم قريب عناقاً كبيراً، فكيف تربين طفلاً خجولاً لتسهيل تواصله مع الآخرين، كما ينصحك الأطباء والمتخصصون؟
يولد كل طفل بمزاج مختلف، فبعضهم يشعرون براحة أكبر بطبيعتهم في المواقف الجديدة ويتفاعلون معها على الفور، في حين يكون آخرون أكثر حذراً ويحتاجون إلى الوقت والدعم من الكبار المهتمين حتى يشعروا بالأمان في المواقف غير المألوفة، وفي الوقت نفسه، غالباً ما يكون هؤلاء الأطفال مراقبين حذرين للغاية ويتعلمون الكثير مما يرونه، وقد يكونون أكثر ميلاً إلى التفكير في المواقف قبل التصرف -وهي مهارة مهمة.
إن المزاج ليس شيئاً يختاره طفلك، ولا هو شيء صنعته، لا يوجد مزاج "صحيح" أو "خاطئ" أو "أفضل" أو "أسوأ"، لكن المزاج عامل مهم جداً في نمو طفلك لأنه يشكل الطريقة التي يختبر بها العالم ويتفاعل معه، من المرجح أن يكون لدى الطفل الحذر والطفل الذي يندفع إلى التفاعل تجارب مختلفة جداً عند الذهاب إلى لم شمل الأسرة السنوي، على سبيل المثال، وسيحتاج إلى أنواع مختلفة من الدعم منك.
كما يجب أن تضعي في اعتبارك أن التوقعات الثقافية تلعب دوراً في قدرة الطفل على الاختلاط بالآخرين، حيث توجد اختلافات ثقافية حول كيفية تقدير "الخجل". على سبيل المثال، في بعض الثقافات، يُنظر إلى الخجل باعتباره سمة إيجابية ويتم تشجيعه وتوقعه، وفي ثقافات أخرى، يُقدَّر أن يكون الطفل أكثر حزماً. ومع ذلك، يبدو أن بعض الأطفال يجدون سهولة أكبر في الانتقال، ويكونون أكثر مرونة، ويمكنهم الانتقال من نشاط إلى آخر بسهولة أكبر من غيرهم، غالباً ما يفضل الأطفال الذين يتأقلمون ببطء أن تظل الأمور كما هي ويكونون أكثر مقاومة لمحاولة شيء جديد، مثل مربية أطفال جديدة أو حتى مقعد سيارة جديد، ليس من غير المألوف أن نسمع الكثير من "لا، لا، لا!" في مثل هذه المواقف، غالباً ما يحتاج الأطفال الحذرون إلى الوقت والدعم قبل أن يكونوا مستعدين للانتقال، الروتين مهم ومريح بشكل خاص، إنه يساعد الأطفال على الشعور بالسيطرة على عالمهم.
من الولادة إلى 18 شهراً
بدءاً من عمر 8 إلى 9 أشهر، يتعامل جميع الأطفال تقريباً مع الانفصال والقلق من الغرباء. هذه مراحل نمو مهمة يمر بها معظم الأطفال ولا تشبه الخجل. ومع ذلك، من المهم أن نضع في الاعتبار أن الأطفال الذين هم بطبيعتهم أكثر بطئاً في التكيف، غالباً ما يواجهون صعوبة في الانفصال، وقد يكون لديهم صعوبة أكبر في التهدئة، ويعتبر الانفصال عند الأطفال مشكلة كبيرة في هذه المرحلة لأن الأطفال الآن بطبيعتهم "أشخاص مستقلون"، منفصلون عن والديهم وفي مرحلة التعرف إلى الفرق بين الأشخاص المألوفين والأشخاص غير المألوفين، لكن اتبعي وركزي على النقاط الآتية:
افهمي أن الأشخاص والأشياء لا تزال موجودة حتى عندما تكون بعيدة عن أنظارهم (ديمومة الأشياء)، سترين أن طفلك يفهم هذا المفهوم عندما يبحث عن لعبة مخبأة في صندوق ألعاب، واستيعابه هذه الفكرة هي السبب وراء احتجاجه والصراخ عند وضعه في النوم، إنه يعرف أنك لا تزالين موجودة في مكان ما بعد قولك تصبح على خير، وبطبيعة الحال، يريدون إعادتك!
طمئني طفلك دائماً من خلال قول وداعاً، احتضنيه بقوة وأخبريه أنه بين أيدٍ أمينة وبابتسامة، أخبريه أنه سيكون بخير وأنك سترينه لاحقاً، تأكدي أيضاً من أن طفلك (الذي يزيد عمره على عام واحد) لديه "دمية" أو حيوان محشو خاص/بطانية ليحتضنها أثناء غيابك، لكن تجنبي التسلل للخارج عندما تضطرين إلى ترك طفلك في رعاية شخص آخر، فهذا يمكن أن يزيد من أي خوف لديه بشأن الانفصال ورعايته من قبل الآخرين.
احترمي حذر طفلك من الآخرين، وضعي في اعتبارك أن الهدف ليس السيطرة على تقلب مزاج طفلك، أكثر من احترام تصرفه، تحدثي مع الخبير حول مزاج الطفل، وكيف يحب أن يتم تهدئته، وما يريحه، وكيف يفضل أن يتم حمله، هذه المعلومات تجعل الطفل الخجول يشعر بالأمان مع المربين ويثق بهم.
من 18 إلى 36 شهراً
قد ترين طفلك بطيئاً في عملية التواصل مع الآخرين:
دعي طفلك قريباً منك عند مقابلة أشخاص غرباء، أثناء التسوق أو الذهاب إلى أي نشاط آخر.
ساعديه ليتأقلم مع المكان، فهو يحتاج إلى بعض الوقت حتى يشعر بالراحة في مكان جديد، مثل منزل صديق أو ملعب جديد، قبل أن يستقر ويبدأ في اللعب.
حاولي أن تقربيه من أصدقائه أثناء اللعب، لأنه نادراً ما يتحدث مع أشخاص لا يعرفهم، ويفضل اللعب معك، يمكنك أيضاً أن تلعبي مع الآخرين.
بين سن 2-3 سنوات
عندما يبدأ طفلك في اللعب بشكل أكثر تفاعلية مع الأطفال الآخرين، قد تجدين أنه يفضل اللعب مع صديق أو صديقين آخرين جيدين، بدلاً من اللعب مع مجموعة كبيرة، هذا أمر شائع جداً، تذكري أنه لا توجد طريقة صحيحة للتواصل الاجتماعي بين الأطفال، يمكن أن يختلف ما يجعل الطفل سعيداً تماماً حسب الطفل، عدد الأصدقاء الذين يمتلكهم الطفل ليس بالضرورة عاملاً مهماً، وجودة الصداقة هي العامل المهم، وقد يستفيد الأطفال الصغار الذين يتباطأون في التواصل مع الآخرين، أيضاً من الأنشطة المنظمة لمساعدتهم على الانتقال إلى اللعب مع الآخرين. فتصرفي كالآتي:
في بداية وقت اللعب أو الحفلة، يمكنك اقتراح عزف الموسيقى (ملعقة خشبية ووعاء مثاليان) أو اللعب في الخارج في صندوق رمل، يمنح هذا النوع من اللعب الطفل الخجول بعض الوقت للمشاركة في اللعب جنباً إلى جنب قبل الدخول في أنشطة أكثر تفاعلية للأطفال.
قومي بجدولة أوقات اللعب والحفلات في منزلك عندما يكون ذلك ممكناً حتى يكون الطفل الخجول في مكان يشعر فيه بالأمان والثقة.
تذكري أن المزاج ليس قدراً، فيمكنك احترام طبيعة طفلك البطيئة في التكيف مع المواقف الجديدة والأشخاص الجدد بينما تساعدينه على تعلم المهارات التي يحتاجها للتكيف مع المواقف الجديدة والأشخاص الجدد بنجاح.
عندما تصلين إلى ملعب جديد حيث يوجد الكثير من الأطفال يلعبون، اتبعي قيادة طفلك وشاهدي حركته لفترة من الوقت، واقترحي عليه أن تدفعه صديقته في الأرجوحة أو تنزل معه على الزحليقة، اطلبي منه اختيار اللعبة التي يحب استكشافها.
كيفية دعم الطفل الخجول
من المهم أن تتذكري أن طفلك يحتاج إلى أن تقبليه كما هو من أجل تعزيز نموه الصحي واحترامه لذاته، وهذا يعني تشجيع نقاط القوة لديه (على سبيل المثال، قدرته على اللعب بمفرده، أو ملاحظة ما يجري حوله بعناية)، وتقديم الدعم عندما يحتاج إليه (زيارة واستكشاف فصل جديد في رعاية الأطفال لمساعدته على الشعور بالراحة)، من خلال الخطوات الآتية:
اسألي نفسك، هل هناك أوقات معينة من اليوم يصعب على طفلي فيها التواصل مع الآخرين، هل يكون الصباح أو المساء أكثر صعوبة بالنسبة له؟ أو عندما يكون جائعاً أو متعباً؟ وهل يتكيف مع جميع المواقف، أم أن بعض المواقف أكثر صعوبة في التكيف معها من غيرها؟ على سبيل المثال، يجد بعض الأطفال أنه من الأسهل زيارة منزل شخص آخر، لكنهم يشعرون بالتوتر في الأماكن الأكثر ازدحاماً (المركز التجاري، أو مهرجان في الشارع، أو مدينة ملاهٍ).
أخبري طفلك عن الأشخاص والأحداث والأماكن الجديدة، أخبريه أن العم محمد سيأتي لزيارته، أو أن يوم ميلاد صديق طفلك سيكون في وقت لاحق من بعد ظهر ذلك اليوم في الحديقة، أي دعيه على علم بما يتوقعه فهذا يمنح طفلك شعوراً بالسيطرة، ما قد يقلل من القلق، وانتبهي إذا كان هناك أشخاص يتعامل معهم طفلك بحذر أكثر من غيرهم؟ هل يشعر بالراحة أكثر مع الكبار أم الأطفال؟ كل طفل يختلف عن الآخر.
قومي بتشجيع طفلك
يجد بعض الأطفال صعوبة أكبر في المشاركة في نشاط ما عندما يكون هناك قدر كبير من التحفيز: الأصوات والأضواء والحركة وما إلى ذلك، قد يكون حضور حفل يوم ميلاد في صالة الألعاب الرياضية للأطفال ــمع الموسيقى الصاخبة، والكثير من الأشخاص والنشاط، والأقدام العارية مرهقاً للغاية بالنسبة للطفل الحذر، كوني حاضرة في موقف طفلك.
وساعديه على الاستمتاع بالتفاعل الاجتماعي وتعلم المهارات الاجتماعية من خلال التجارب اليومية في مجموعات كبيرة، فاحرصي على إقامة حفلات أعياد الميلاد في مجموعات صغيرة مع عدد قليل من الأصدقاء المقربين بدلاً من الاحتفال الكبير الذي يضم 15 طفلاً وساحراً.
تأكدي من قول وداعاً
فكري في إنشاء طقوس وداع لتشاركيها مع طفلك الصغير، على سبيل المثال قد يتبادل كل منكما القبلات في راحة يد الآخر "ليحتضنها" طوال اليوم، يمكن أن تجعل هذه الأنواع من الطقوس الانفصال أسهل، واطلبي من أحد مقدمي الرعاية الموثوق بهم أن يبقى مع طفلك أثناء مغادرتك، إذا كان طفلك يبكي؛ فطمئنيه واشرحي له ما سيحدث بعد ذلك: "أعلم أنك حزين، ستفتقدني وسأفتقدك، لكنني بحاجة إلى المغادرة للذهاب إلى عملي، وستبقى هنا وتقوم بعملك -التعلم واللعب، ستبقى الآنسة نجوى معك وتعتني بك جيداً، سأعود بعد وقت القيلولة لاصطحابك".
كيف تساعدين رضيعك على تجاوز ظاهرة قلق الانفصال وتقليل أعراضها؟
تجنبي التأخر أو العودة بعد وداعك
فقد يربك هذا طفلك ويجعل من الصعب عليه التكيف مع غيابك، فهو يرسل رسالة مفادها أنك قلقة عليه، مما قد يجعله يعتقد أن هناك ما يدعو للقلق، يلتقط طفلك إشاراتك، إذا تصرفت بقلق، فمن المرجح أن يشعر بالقلق أيضاً، إذا أظهرت الثقة بأنك تعلمين أنه سيكون بخير؛ فمن المرجح أن يشعر بأمان أكبر ويتكيف بشكل أسرع مع الانفصال.
اعترفي بمشاعر طفلك وشاركيه اللعب
فهذا يجعله يعرف أنك تفهمينه، وتشاركينه نشاطه الذي يستمتع به، على سبيل المثال، يمكنك الجلوس على الأرض والبدء في بناء برج من المكعبات مع طفلك، أو قراءة جزء من كتاب، وهي من الألعاب التي تساعد على تطوير مهارات طفلك، يحاكي الموقف الذي يخجل منه، فقد تكون هذه استراتيجية مفيدة في سد الفجوة بين وقت الانفصال ووقت إعادة الاتصال، ويمكنك أن تسمحي لطفل آخر أو المربية.
أي خصصي وقتاً للعب معاً والقيام بالأشياء التي يستمتع بها طفلك، ووفري فرصاً مريحة لتطوير المهارات الاجتماعية، قد تشمل هذه الفرص قضاء وقت اللعب مع طفل أو طفلين آخرين، إذا كان طفلك في دور الحضانة؛ فاطلبي من مقدم الرعاية الخاص به أن يقدم لك توصيات بأطفال قد يناسبون طفلك.
بالانضمام إليك في نشاطك للمساعدة في إتمام عملية الانتقال، إذا كنت ستتركين المكان.
تجنبي انتقاد طفلك
إن إخبار شخص بطيء في التأقلم بأن "حاول ألا تكون خجولاً للغاية" يشبه القول: "حاول ألا تكون نفسك"، لذلك ابحثي عن فرص لبناء ثقة طفلك بنفسه وقدرته على تأكيد ذاته. لاحظي اهتمامات طفلك ونجاحاته ومهاراته وإنجازاته، وعبري عن مشاعرك التي تشعرين بها في كلمات. "أنت تشاهد صديقك وهو يبني القلعة باستخدام المكعبات، هل تريد أن ترى ما إذا كان بوسعنا المشاركة؟"، وفري فرصاً منتظمة للتفاعل الاجتماعي في منزلك، فالالتقاء بالعائلة والأصدقاء يمنح الأطفال فرصة لممارسة المهارات الاجتماعية في بيئة مألوفة وآمنة.
متى تطلبين المساعدة؟
إذا لاحظت أن طفلك يظهر أياً من السلوكيات التالية؛ ففكري في طلب التوجيه من خبير موثوق به أو متخصص في نمو الطفل للتأكد من أن النمو الاجتماعي لطفلك يسير على الطريق الصحيح، في هذه الحالات:
طفلك لا يبتسم عندما تبتسمين له (بحلول 4 أشهر تقريباً).
لا يتبادل الأصوات أو الابتسامات أو تعبيرات الوجه الأخرى (بحلول حوالي 9 أشهر).
لا يتلعثم (بحلول 12 شهراً تقريباً).
لا توجد إشارات متبادلة، مثل الإشارة، أو العرض، أو الوصول، أو التلويح (بحلول 12 شهراً تقريباً).
لا يظهر أنه يعرف أسماء الأشخاص المألوفين أو أجزاء الجسم عن طريق الإشارة إليهم أو النظر إليهم عند تسميتهم (بحلول حوالي 18 شهراً).
ضعيف في التواصل البصري.
يظهر القليل من المتعة في التعامل مع الأشخاص و/أو التجارب المرحة.