تغريد السعايدة
عمان- "كيف أكتب منشورا بصيغة مجهولة الهوية على فيسبوك؟" كان هذا أحد الأسئلة التي طرحها العديد من الأشخاص أثناء بحثهم عبر محرك البحث "جوجل". هذا السؤال يعكس رغبة الكثيرين في التعبير عن آرائهم أو الإفصاح عن قضايا محددة عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون الكشف عن هويتهم الحقيقية.
ويبدو أن هذه الميزة أصبحت شائعة بين العديد من المستخدمين، خاصة مع إتاحة إدارة فيسبوك إمكانية كتابة تعليقات أو منشورات مجهولة الهوية. يمكن تفعيل هذه الميزة من خلال إعدادات بسيطة تتيحها المنصة، مما يسمح للأشخاص ضمن المجموعات، سواء كانت مفتوحة أو مغلقة أو خاصة بفئات معينة، بالتحول إلى "أعضاء مجهولي الهوية"، في هذه الحالة، يخصص لكل عضو رقم محدد يعرف به داخل المجموعة.
لا تفضل ميادة مناصير المشاركة في أي حوار أو منشور يطرح فيه موضوع من خلال "عضو مجهول الهوية". والسبب، كما تقول، هو خوفها من تلقي ردود قد تكون غير مناسبة على تعليقاتها، ما يجعلها غير قادرة على الرد أو مناقشة الموضوع بشكل مباشر.
وترى ميادة أن الأصل في الحوار هو الوضوح، حتى لو كان الشخص الذي يطرح قضيته يفضل إخفاء هويته. وتؤكد على أهمية أن تكون ردود المشاركين واضحة وخالية من الأذى والتجريح أو التنمر، لأن الشخص الذي ينتظر الإجابات قد يكون في حالة نفسية لا تسمح له بتلقي ردود سلبية أو جارحة.
أسيل، عضوة نشطة في عدد من المجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول: "مجهول الهوية" كلمة تثير الشك والريبة حول نوعية الطرح في المنشورات. وتضيف أن أكثر الحسابات التي تستخدم فيها هذه الخاصية موجودة على منصة فيسبوك.
ووفق أسيل فإن هناك العديد من الطروحات التي تلجأ فيها الفتيات لطلب المشورة من المجتمع الافتراضي، خاصة في الأمور الشخصية أو العلاقات مع الأسرة، الزوج، الأقرباء، أو حتى زملاء وبيئة العمل. ولهذا الأمر، تختار الكثير من الفتيات المشاركة بصيغة "مجهول الهوية" حفاظا على خصوصيتهن ومساحة الأمان.
لكن، تكمن الخطورة في الردود، حيث تشير إلى أن التنمر والتقليل من الشأن، والتعليقات الهجومية أصبحت من السلوكيات المتكررة في مثل هذه المجموعات. وترى أن هذه الظاهرة تبعدها عن المشاركة أحيانا. لذلك، تأمل أن يحرص المشرفون بالرقابة على التعليقات قدر الإمكان.
من جهته، يرى الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة أن الفضاء الإلكتروني أتاح مساحة كبيرة للمشاركين، حيث قد يجد آخرون منهم صعوبة في المواجهة وضعفا في مهارات التواصل. ومع توفير منصة فيسبوك خيار "مجهول الهوية"، أصبح الأمر أكثر سهولة للتفريغ بأمان وطمأنينة!
ويشير مطارنة إلى أن هذا الخيار أتاح للمستخدمين الحوار، التفاوض، الطرح، وإبداء الرأي، دون الحاجة إلى الكشف عن هويتهم. ويعزو ذلك إلى أن البيئة والمحيط الاجتماعي والثقافي للفرد قد لا تمنحه القدرة على المواجهة الحقيقية. ونتيجة لذلك، قد يظهر الشخص أحيانا بشكل غير متوازن نفسيا وسلوكيا، ويفتقد القدرة على المواجهة، مما يدفعه إلى استخدام شخصية مجهولة لإخفاء هويته، بحيث لا يمكن لأحد معرفته أو الوصول إليه.
ومن خلال إعدادات فيسبوك، تبين أن هناك عدة صلاحيات لمشرف المجموعة (الجروب) تمكنه من اتخاذ قرار بالسماح بالنشر أو رفضه. وقد قامت إدارة فيسبوك بوضع تعليمات واضحة يمكن لأي شخص الاطلاع عليها وتطبيقها، بالإضافة إلى تقديم إرشادات خطوة بخطوة لكل من يرغب في أن يكون "عضوا مجهول الهوية".
ووفقا لتعليمات فيسبوك، "في حال قام شخص ما بالمشاركة "مجهول الهوية"، فإن اسمه وصورته سيظلان ظاهرين للمسؤولين والمشرفين في المجموعة، وكذلك لأنظمة فيسبوك؛ وذلك لضمان أمان المجموعات والتزامها بمعايير المجتمع المتبعة. ومن الممكن أن تكشف التفاصيل التي يضعها الشخص في منشور أو تعليق مجهول الهوية عن هويته دون قصد.
إلى جانب ذلك، يمكن للمسؤولين مراجعة المنشورات مجهولة الهوية من خلال قائمة الانتظار الخاصة بالمنشورات المعلقة. وإذا لم يظهر للعضو خيار المشاركة مجهول الهوية في المجموعة، فقد يكون ذلك بسبب عدم توفر هذه الخاصية داخل المجموعة.
وبحسب مطارنة فإن البعد النفسي يؤكد أن الشخص الذي يقوم بسلوكيات غير سوية من خلال التخفي تحت اسم مجهول يحتاج إلى دعم وتوعية من المجتمع المحيط وأسرته، لتجنب تراكم عقد نفسية. فالسلوك يعبر عن الشخصية الحقيقية للفرد، خاصة عندما يلجأ للتنمر أو يرد بطريقة سلبية على الآخرين.
ويشدد مطارنة على ضرورة الحذر في التعامل مع هذه الظاهرة، وألا يعرض المرء نفسه لمثل هذه المواقف مع أشخاص يردون بطريقة سلبية وباسم "عضو مجهول الهوية". وينصح بعدم التعامل إلا مع الأسماء الواضحة والحقيقية لتجنب الخداع والمواقف غير المحمودة.
من جهة أخرى، كتبت إحدى السيدات، وهي مشرفة في مجموعة متخصصة بمواضيع السيدات والمتزوجات والأمهات، شروطا للمشاركات، اللواتي يتجاوز عددهن 160 ألفا، تتيح المجال للمشاركة تحت اسم "عضو مجهول الهوية"، وأوضحت أن من يتجاوز هذه الشروط سيتم إخراجه من المجموعة.
وبحسب القوانين، يطلب من المشاركات الالتزام بالهدف من التواجد "الافتراضي"، وهو إنشاء مجتمع للحصول على النصائح والمخاوف حول الأمومة أو أي موضوع متعلق بالمرأة، بالإضافة إلى كونه مساحة للتعبير عن النفس والتعرف على أصدقاء جدد. كذلك مراعاة اختلاف المجتمعات والخلفيات، مع التنويه بأن التنمر أو الإساءة سيؤديان إلى الحظر. كما تم التأكيد على أن أي منشور أو تعليق يمثل صاحبه فقط، وليس المجموعة أو إدارتها.