عمان - حاتم العبادي -
أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وصندوق دعم البحث العلمي نتائج دراسة حول «العنف المجتمعي» في الاردن.
وعرفت الدراسة مفهوم العنف المجتمعي بأنه سلوك إيذائي، يقوم على إنكار الآخر كقيمة متماثلة للأنا أو للنَّحن، كقيمة تستحق الحياة والاحترام، ومن مرتكزة استبعاد الآخر عن حلبة التغالب، إما بخفضه إلى تابع، أو بنفيه خارج الساحة (إخراجه من اللعبة)، أو بتصفيته معنوياً أو جسدياً.
كما انه سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية من قبل فرد أو جماعة، بهدف إخضاع الطرف الآخر في علاقة غير متكافئة اقتصادياً أو اجتماعياً ويتسبب في أضرار مادية ومعنوية ونفسية للآخرين». و تتراوح أنواع العنف من اللفظي-النفسي إلى البدني و المادي، و يمكن أن يصدر عن فرد أو مجموعة من الأفراد سواء كان عفويا أو قصديا.
وتناولت الدراسة واقع العنف المجتمع في الاردن من حيث المشاجرات الجماعية والعنف في الجامعات وشغب الملاعب، الى جانب أبعاد ومخاطر هذا العنف والإجراءات التي تم التعامل من خلالها مع العنف وكذلك الأسباب والعوامل التي تؤدي اليه.
وجاءت توصيات الدراسة ضمن ثمانية محاور أساسية تتضمن سياسات وإجراءات وتحديد للجهات ذات العلاقة بتنفيذها، الى جانب تحديد المرتكزات والمبادىء، التي يجب ان تستند اليه عملية معالجة العنف المجتمعي .
المواطنة والانتماء والهوية الوطنية
وفي محور المواطنة والانتماء والهوية الوطنية، دعت الدراسة الى العمل على تجسير الفجوة بين جماعات الشباب من المناطق الاجتماعية والجغرافية المختلفة وصهرهم من خلال تنظيم برامج تثقيفية وترفيهية مشتركة على مستوى المدارس والجامعات وذلك لضمان تمامية وتكاملية التعددية والتنوع الثقافي فيما بينها .
وأوصت بضرورة تنمية الحوار البناء فيما بين فئات الشباب المتعددة والأخذ بتوصياتهم وتنمية روح الديمقراطية لديهم وانتمائهم وولائهم للوطن (...) وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان و الثقافة المدنية و المواطنة والتعددية الثقافية لدى الشباب ضمن مختلف المراحل التعليمية وذلك من خلال إعداد و تأهيل المعلمين و المعلمات وتطوير المناهج التعليمية في هذه المجالات وتعزيز الهوية الوطنية من خلال إبراز مساهمة المكونات الاجتماعية المختلفة في نهضة البلد والاحتفال بمكوناتها.
وحددت الدراسة الجهات المسؤولة عن هذا المحور بـ: وزارة التربية والتعليم،الجامعات،المجلس الأعلى للشباب ووزارة التنمية السياسية والمؤسسات الإعلامية ووزارة التعليم العالي والمركز الوطني لحقوق الإنسان، المؤسسات الإعلامية.
تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية
وفي مجال تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، دعت الى القضاء على جميع أشكال التمييز القائمة على أساس الجنس أو الدين أو الأصل،و تطبيق مبدأ المساواة بين المواطنين من خلال:سن القوانين والتشريعات ضد التمييز بأشكاله المختلفة و معالجة المظالم لدى الفئات المختلفة في القطاع العام والخاص بتسهيل إجراءات الوصول إلى ديوان المظالم واعتماد إجراءات تنافسية علنية تقوم على الكفاءة والاختصاص في عملية التعيين للمناصب العامة والقيادية.
الى جانب: ترسيخ وتعزيز مبادئ المساءلة والشفافية والمحاسبة لسلوك القيادات الحكومية في الإدارة العليا و استحداث قانون خاص لمكافحة استخدام الواسطة في القطاع العام من خلال سن القوانين والتشريعات و .نشر الثقافة القانونية بين الناس والتوعية بأهمية تطبيق القانون بطريقة صحيحة وسليمة من خلال الأطر التعليمية والإعلامية.
اضافة الى : إتباع أسلوب العدالة الإصلاحية كبديل عن العدالة الجنائية، إيجاد بدائل للعقوبة سالبة الحرية بهدف تأهيل وإصلاح المحكوم عليهم كأن يحكم عليهم القيام بخدمة عامة في مكان عام والإسراع في البت في القضايا المرتبطة بالعنف المجتمعي و القضاء على بطء العدالة في المحاكم من خلال إيجاد قضاء متخصص بالعنف المجتمعي يمتاز بالسرعة والفاعلية و. تطوير أساليب جديدة في الوصول للمطلوبين قضائيا، ودراسة إمكانية ربط جهة التنفيذ بوزارة العدل وعدم الحكم بالحد الأدنى للعقوبة في حالات العنف المجتمعي من أجل عدم تشجيع العودة للجريمة.
وحدد الجهات ذات العلاقة بـ: مجلس الأمة وديوان التشريع وديوان المظالم ورئاسة الوزراء وديوان الخدمة المدنية وزارة التعليم العالي و المؤسسات الإعلامية وجميع الجهات التي يتعامل معها الجمهور.
تعزيز الكفاءة الأمنية والإدارية
وفيما يتعلق بمحور تعزيز الكفاءة الأمنية والإدارية للتعامل مع العنف المجتمعي، أوصت بضرورة إعادة النظر بنظرية «الأمن الشامل» التي يتبناها الأمن العام، من حيث مدى ملاءتها للمستجدات في المجتمع الأردني، باتجاه التركيز على الأمن الشخصي للمواطنين و تطوير قواعد اشتباك خاصة بالعنف المجتمعي تكون دليلا ومرشدا ليس لمرتبات الأمن العام فقط وإنما أيضا للحكام الإداريين والمواطنين.
كما أوصت بإعادة النظر بالأسس والمعايير في تشكيل المجالس الأمنية المحلية، بحيث تضم المجالس المحلية (البلديات) ومؤسسات المجتمع المدني المحلية بديلا عن القيادات التقليدية أو إضافة إليها.
ودعت الى رفع السوية المهنية لمرتبات الأمن العام من خلال إعادة النظر بأسس التجنيد والتدريب المتبعة حاليا و تحصين مرتبات الأمن العام وعدم السماح بإخضاعهم للأعراف الاجتماعية من أجل حفظ هيبتهم وحقوقهم خلال اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لمعاقبة المتجاوزين على القانون.
كما أكدت ضرورة اعتماد مبدأ الشفافية في محاسبة موظفي الأمن الذين قد يتجاوزون القانون من خلال الإجراءات الأمنية التي يتبعونها في معالجة هذا النوع من المشكلات واتخاذ الإجراءات الحازمة والرادعة من قبل السلطة بحق أطراف النزاع الذين يتجاوزون القانون وعدم التساهل أو المجاملة.
ودعت الى عدم السماح بالتدخل من قبل المتنفذين بإجراءات سير العدالة المتخذة من قبل الأمن العام والحكام الإداريين، وتحصينهم من التدخل المجتمعي، اضافة الى خضوع الحكام الإداريين والمعنيين لدورات متقدمة في حل النزاعات وإدارة الأزمات الاجتماعية بالطرق السلمية.
كما أوصت بتطوير معايير موضوعية لتقييم أداء الحكام الإداريين و إعادة النظر بالقوانين الناظمة لحمل الأسلحة المرخصة وغير المرخصة، ولإطلاق العيارات النارية في المناسبات الخاصة والعامة و تطوير برامج متكاملة (أمنية واقتصادية واجتماعية) لتأهيل المنخرطين بأنشطة اقتصادية غير مشروعة في المناطق والبؤر الأمنية الساخنة والمهمشة و التركيز على الدور الإصلاحي الفعال لكل من رجال الأمن والحكام الإداريين والقضاة.
تعزيز المنظومة القيمية والاجتماعية
وحول تعزيز المنظومة القيمية والاجتماعية، دعت الدراسة الى تعزيز الروح الوطنية والتسامح في المنابر الدينية المختلفة من خلال إدخال الثقافة المدنية في برامج التوعية الدينية الحكومية و غير الحكومية وتغيير منطلقات مبحث التربية الوطنية ومادته جذريا ليكون ناقلا لقيم المواطنة بأبعادها المتعددة ومسؤولياتها وحقوقها والقيم الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والعلاقات الإنسانية.
وأوصت بإبراز التنوع التراثي والثقافي في الأردن وإبراز إسهامات الجماعات الاجتماعية المختلفة في بناء الوطن من خلال البرامج الإعلامية والثقافية والفنية في المؤسسات الإعلامية والجامعات والمدارس، اضافة الى تطوير معايير أخلاقية Code of Ethics لكل أنواع المهن في القطاع العام والخاص على حد سواء وبث قيم الصدق والأمانة والعمل المنتج من خلال برامج موجهة للتنشئة الأسرية وتوعية الشباب والشابات بمرحلة النضج لديهم من خلال إدخال مادة الثقافة الجنسية في المرحلة الثانوية والجامعات لإعطائهم معلومات علمية واجتماعية،ونفسية على التفاعل والتكيف مع الجنس الآخر والانتقال إلى الحياة العامة.
كما دعت الى تنمية وتطوير التعددية الثقافية لدى الشباب بإدخال مادة نظرية المعرفة أو الفلسفة،أو الثقافات المتعددة كمتطلب إجباري في المدارس والجامعات الأردنية وإطلاق حملة وطنية لمحاربة ثقافة العنف وتعزيز ثقافة الاحترام والتسامح.
وحدد الجهات المسؤولة عن التنفيذ بـ: وزارة الأوقاف والكنائس ووزارة التربية ووزارة التعليم العالي،وزارة الثقافة والجامعات الأردنية ووزارة العمل ومؤسسة التدريب المهني والمجلس الأعلى لشؤون الأسرة.
تعزيز ثقافة العمل التطوعي
وحول تعزيز ثقافة العمل التطوعي، أوصت بإحياء وتطوير فكرة المعسكرات الشبابية للعمل والبناء وتنشيط الحركة الكشفية وتحديث عملها على الأسس الكشفية العالمية ودعوتها لاستقطاب الشباب و.تضمين مناهج التعليم المدرسي والجامعي مفاهيم حديثة ووسائل تعليمية لتشجيع الابتكار والإبداع والتطوع.
ودعت الى حفز مؤسسات القطاع الخاص والنقابات والاتحادات المهنية على تخصيص جزء من مواردها المالية لدعم مسيرة العمل التطوعي ولإنجاز أعمال تطوعية ضمن مفهوم المسؤولية الاجتماعية و إيجاد برامج توعية على المستوى الوطني من أجل تعريف المواطنين بأهمية وضرورة ومفاهيم العمل التطوعي وإنجازاته المجتمعية لتنمية الروح التطوعية لديهم.
الى جانب : بث روح التضحية وحب الوطن بين الشباب ، وقيم العون الإنساني من أجل خلق جيل من الشباب المخلص للعمل، ومحب للخير ومساعدة الآخرين ضمن المجتمع الذي يعيشون فيه وذلك من خلال عقد المؤتمرات والندوات الخاصة بالعمل التطوعي.
وأوصت بالاحتفال بالعمل التطوعي والمتطوعين من خلال تخصيص جائزة سنوية تشجيعية أو تقديرية للتطوع على مستوى الأفراد والمؤسسات و تشجيع مؤسسات المجتمع المدني كل في مجاله على التوجه إلى الشباب، وتكليفهم كمجموعات كبيرة أو صغيرة بتنفيذ برامج موجهة للشباب.
أما الجهات المسؤولة عن التنفيذ فهي: المجلس الأعلى للشباب وسابلة الحسن وزارة التربية والتعليم،المجلس الأعلى للشباب ووزارة التعليم العالي والجامعات الأردنية وغرف التجارة والصناعة، النقابات المهنية،الاتحاد العام للجمعيات الخيرية ووزارة التنمية الاجتماعية ومجلس الأمة وديوان التشريع ورئاسة الوزراء ووزارة المالية ومؤسسات المجتمع المدني.
مكافحة البطالة لدى الشباب الأردني
اما محور مكافحة البطالة لدى الشباب الأردني، فقد دعت الى إفراد أجزاء خاصة في إستراتيجية مكافحة البطالة لفئة الشباب و تطوير أهداف ومؤشرات خاصة بالشباب في خطة الأهداف الإنمائية الألفية و إجراء دراسات المتابعة للمتعطلين من الفقراء للوقوف على التغيرات التي تطرأ على ظروفهم وخاصة فيما يتعلق بالتشغيل والفقر للشباب.
الى جانب : بحث تطوير برامج سوق العمل الايجابية للشباب وذلك من خلال خلق فرص عمل مباشرة (كتشجيع تأسيس مؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتعاونيات أو من خلال توزيع الأراضي الأميرية القابلة للاستصلاح) و توفير برامج لتنمية المهارات (كبرامج التدريب المستمر في العمل لتحسين التوظيف والإنتاجية ومواكبة التقنيات المستجدة في ساحات العمل المختلفة) و تطوير البرامج التعليمية في مختلف المراحل التعليمية لتتلاءم مع متطلبات سوق العمل المحلي والإقليمي.
اضافة الى : مهننة التعليم العام بدءا من الصفوف الأساسية الأولى وعد تركهم لمرحلة متأخرة ضمن التعليم الثانوي وذلك لترسيخ العمل المهني في الأجيال القادمة مبكرا وتشجيع الإقبال عليه طواعية دون ممارسة أي نوع من الإكراه غير المباشر على الأفراد ضمن هذه الفئات،بالإضافة لما لذلك انعكاسات ايجابية لإضعاف ثقافة العيب مبكرا بينها.
وأوصت بتمكين وحماية المتعطلين من خلال تفعيل بند التأمين ضد البطالة في قانون الضمان الاجتماعي.
تعزيز البيئة التعليمية في الجامعات
وفيما يتعلق بـ» تعزيز البيئة التعليمية في الجامعات»، دعت الى إعادة النظر في إجراءات قبول الطلبة لتعزيز مبدأ المساواة والكفاءة، الى جانب ربط استمرار المنح المقدمة للطلبة بحسن سيرة السلوك بالإضافة للأداء الجيد، للحيلولة دون مشاركة الطلبة المستفيدين من هذه المنح بالمشاجرات الجامعية أو الأنشطة غير المشروعة الأخرى.
كما دعت الى العمل على تحقيق مبدأ العدالة في التعيينات في الجامعات، وعدم اقتصارها على أبناء المنطقة التي توجد فيها الجامعة، وإعادة النظر بنسبة الطلبة المقبولين من أبناء المنطقة التي توجد بها الجامعات مقارنة مع المقبولين من خارجها.
وأوصت بإنشاء مراكز إرشادية نفسية متخصصة لخدمة الطلبة الذين يعانون من مشكلات سوء التكيف النفسي والاجتماعي و وحدة للأمن الجامعي في كل الجامعات الأردنية تتمتع بصفة نائب الضابطة العدلية تكون تابعة لرئاسة الجامعة مع إجراء التعديلات التشريعية اللازمة لذلك.
وأكدت ضرورة تعزيز العمل التطوعي داخل الجامعات باستخدام برامج محدودة وتشجيع الأندية والجمعيات الطلابية وإعطاء دورات تدريبية أو توجيهية للطلبة المستجدين في بداية كل عام دراسي ويشارك بها الأساتذة، لتعريفهم بالبيئة الجامعية وأنظمتها، وحقوقهم وواجباتهم.
الى جانب ضرورة إصدار مدونة سلوكية لأعضاء الهيئة التدريسية بالجامعات الأردنية يتحدد من خلالها حدود وحقوق الأساتذة واضطلاعهم بدورهم التنويري وإعادة النظر بمادة التربية الوطنية وتعديلها بحيث تصبح التربية الوطنية والمدنية تركز على الحقوق المدنية والإنسانية.
اضافة الى : تطوير آليات لمتابعة الأنشطة غير المشروعة داخل الحرم الجامعي، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجتها وتطوير برامج وقائية وعلاجية لمساعدة الطلبة الذين يقعون فريسة الإدمان على المخدرات والكحول.
وشددت على ضرورة تعزيز قدرات الشباب وطاقاته الفكرية والاجتماعية والسلوكية وتنمية الثقة بأنفسهم وتبصيرهم بدورهم الاجتماعي والمعرفي والرياضي من خلال إعادة النظر بوسائل الجذب المختلفة للمنتديات العلمية والثقافية والرياضية والعمل التطوعي.
وأوصت بتطوير أساليب التدريس لزيادة مشاركة الطلبة واندماجهم في عملية التعلم وتقليل وقت الفراغ لديهم والتنسيق مع أسر الطلبة ذوي المعدلات المنخفضة، والذين يعانون من مشكلات سلوكية، ويخالفون تعليمات الانضباط، بحيث يتم الاتصال بالأسرة شهريا لإطلاعهم على وضع ابنهم وإتاحة الفرصة للشباب الجامعيين بالعمل ضمن مرافق الجامعة لساعات جزئية معينة، بحيث يتم ملئ ساعات الفراغ لديهم، ويساهم في تخفيف العبء المادي عليهم، ويساهم في خفض النفقات الجارية على ميزانية الجامعة.
كما دعت الى العمل على اتخاذ التدابير اللازمة الكفيلة بإلغاء التمييز الإداري والأكاديمي ضد الطلبة وتفعيل دور عمادات شؤون الطلبة في الجامعات والانفتاح على الطلبة والتواصل معهم، والاستماع إلى همومهم ومعالجة مشكلاتهم.
تطوير المعرفة حول العنف في المجتمع
وحول « تطوير المعرفة حول العنف في المجتمع»، أوصت بإنشاء مركز دراسات متخصص يعنى بالعنف المجتمعي بأبعاده المختلفة، يكون مقره وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أو إحدى الجامعات الرسمية وإنشاء كلية أو قسم أكاديمي في إحدى الجامعات الأردنية متخصص بالعدالة الجنائية والجريمة.
مرتكزات ومبادئ التنفيذ
وحول مرتكزات ومبادئ التنفيذ فقد حددتها الدراسة بـ: تطبيق سيادة القانون بشكل حازم ومجرد وعادل والهوية الوطنية الجامعة والشاملة والتي تضم كافة مكونات الشعب الأردني و التركيز على فئة الشباب في معالجة العنف المجتمعي.
الى جانب اعتماد مبدأ اللامركزية في تنفيذ السياسات والبرامج المركزية على مستوى الوطن من خلال إعطاء المجتمعات المحلية دورا فاعلا في بلورتها وتنفيذها، وخلق شراكة مع الهيئات المحلية المنتخبة كالبلديات ومؤسسات المجتمع المدني المحلية المحلي الأخرى و مشاركة مؤسسات المجتمع المدني وإعطائها دورا رئيسا في تنفيذ البرامج أو التوصيات والعمل على توفير أشكال الدعم المختلفة لها والارتكاز على مبدأ المشاركة والحوار ومبدأ إعمال العقل والتفكير الناقد.
ملخص تنفيذي
وأشارت الدراسة في ملخصها التنفيذي، الى أن الأردن شهد منذ أكثر من عام، تناميا في ظاهرة العنف المجتمعي، مبديا مظاهر وأبعاد جديدة غير مسبوقة في المجتمع الأردني المعاصر.
وبين المخلص إن حجم وأبعاد العنف المجتمعي أدت إلى الإخلال بالأمن والسلم الاجتماعي وإلحاق الضرر بالأشخاص والممتلكات والتعدي على القانون.
وأوضح أن تنفيذ هذه الدراسة جاء إدراكا لأهمية وخطورة هذه المشكلة، حيث تم تشكيل لجنة وزارية لمعالجة المشكلة، ومن خلال وزارة التعليم العالي تم تكليف لجنة مختصة لدراسة هذه الظاهرة والوقوف على طبيعة وأبعاد وأسباب العنف المجتمعي من أجل الخروج بتوصيات عملية على مستوى السياسات والبرامج لمعالجة هذه المشكلة والحد منها.
وأضافت انه «ومن أجل تحقيق هذه الأهداف ، فقد تم استخدام أساليب نوعية متعددة ودراسات حالة معمقة اشتملت على إجراء مقابلات معمقة مع عدد من الأطراف المعنية شملت رجال الأمن العام، الحكام الإداريين، عمداء شؤون الطلبة والمسئولين وبعض وجهاء العشائر والقضاة وبعض المواطنين والطلبة الذين شاركوا ببعض أحداث العنف والمشاجرات.
كما تم مراجعة وتحليل البيانات حول أشكال العنف المجتمعي المنشور منها وغير المنشور في الأمن العام والجامعات الأردنية قيد الدراسة. بالإضافة إلى ذلك، فقد تم الإطلاع على بعض حالات العنف المجتمعي اضافة الى مراجعة القوانين والتعليمات الخاصة بالعقوبات والإجراءات القانونية والإدارية للتعرف على مدى ردعها لحدوث مثل هذه المظاهر المختلفة من العنف.
ولف المخلص الى أن أهم شكل للعنف المجتمعي كان المشاجرات الجماعية والتي عادة تبدأ بخلاف أو مشكلة بين شخصين لتتطور لاحقا إلى مشاجرة جماعية بين أفراد الأطر المرجعية( العشيرة أو المنطقة) الذي ينتمي لها الأشخاص المختلفون.
وذكر أن عدد المشاجرات الجماعية بلغ منذ العام الماضي ولغاية شهر أيار من العام الحالي (752) مشاجرة جماعية مسجلة رسميا لدى الأجهزة الأمنية.
وحازت محافظة الزرقاء ، كما بينته البيانات الصادرة عن مديرية الأمن العام، بحسب الدراسة، على نصيب الأسد من هذه المشاجرات(26.1%)، تجاوزت نسبة سكان المحافظة من إجمالي سكان المملكة بعشر نقاط مئوية، في حين بلغت نسبة المشاجرات في العصمة عمان (18.1%) وهي أقل بعشرين نقطة مئوية من نسبة مساهمتها من إجمالي سكان المملكة. وكذلك، فقد حصدت معان (11.6%) من مجموع المشاجرات بينما ساهمت محافظة اربد نسبة (9.2%) من مجموع المشاجرات. وكان هناك ثلاثة محافظات لم تشهد سوى عدد محدود من المشاجرات الجماعية وهي الطفيلة (3 مشاجرات)، والمفرق (8 مشاجرات)، والعقبة (9 مشاجرات) في الفترة الزمنية قيد الدراسة.
و في رصد الأسباب المختلفة لحدوث المشاجرات، كما تم تدوينها في ملفات الأمن العام،فقد توزعت إلى خلافات عائلية(29.1%)، و خلافات شخصية و مالية(64.3%)، و ثأر قديم(6.6%)، تحولت فيما بعد إلى عنف جماعي ويدل ذلك على أن العنف المجتمعي هو في غالبيته ليس عنفا عشائريا وإنما يأخذ وعاءا عشائريا أو عائليا بعد حدوثه. ولقد نتج عن هذه المشاجرات أضرار جسيمة على الإنسان والممتلكات، حيث نتج عن هذه المشاجرات 2881 إصابة أغلبها بليغة و 25 حالة وفاة بالإضافة إلى تدمير عدد كبير من المنازل والمحلات التجارية والأماكن العامة والتي لم نتمكن من حصر حجم خسائرها.
و لقد لوحظ أن غالبية الجناة هم من الفئات الشبابية بامتياز ضمت الفئة العمرية(18-27) سنة بنسبة (47%) و الفئة العمرية(28-37) سنة بنسبة (28%) غالبيتهم من المتعطلين عن العمل (64.4%). أما بالنسبة لضحايا المشاجرات، فإنها تنحصر في الفئة الشبابية أيضا بنسبة 35% للفئة العمرية(18-27) سنة و (3ر27%) للفئة العمرية(28-37) سنة.
وبين المخلص أن العنف المجتمعي تميز بكافة أشكاله بعدد من الأبعاد و المظاهر منها المبالغة في ردود الأفعال، والعصبية الشديدة، والنزعة والتطاول لعدم احترام القانون واستخدام العنف ضد الأجهزة الأمنية، والاستخدام الكبير للأسلحة النارية.
كذلك، فإن العنف المجتمعي ينطوي على مخاطر كبيرة تتمثل بالتهديد للسلم الاجتماعي، و تراجع هيبة الدولة، والتكلفة البشرية و الاقتصادية الباهظة، و خطر التحول من العنف الاجتماعي إلى العنف السياسي.
وحددت الأسباب و العوامل التي ساهمت في العنف المجتمعي بـ: الدور المتنامي للأطر التقليدية كالعائلة والعشيرة و مسقط الرأس ( كهويات فرعية) في الحياة العامة كمرجعية للعلاقة بين الفرد و الدولة بدلا من الأطر المدنية الحديثة كالأحزاب و المجتمع المدني.
الى جانب : تغير نمط السلطة في العشيرة في أغلب مناطق المملكة كتراجع سلطة شيوخ العشائر التقليدية و بروز متنفذين اقتصاديا و سياسيا ساهم في إساءة استخدام التنظيم العشائري العائلي لمصالح لا تمت للعشيرة بصلة.كذلك، فإن استمرار العمل بالعرف العشائري دون وجود اختصاص قضائي كما كان في السابق و توسع استخدامه في كثير من القضايا غير العشائرية أدى إلى توسع هامش أعراف المجتمع على حساب القانون و هيبته.
بالإضافة إلى المشاكل التي يعاني منها الشباب الأردني كالبطالة و الإحباط السياسي و الاجتماعي و النفسي كانت عاملا هاما جدا بالشكل و التعبير الذي أخذته هذه المشاجرات بما يدل على أن العنف الاجتماعي هو أحد مظاهره الأزمة التي يعيشها الشباب الأردني اليوم.
ونوه الى أن للتحولات الاقتصادية و خاصة لاقتصاد السوق والعولمة و تراجع دور الدولة التنموي و الاجتماعي آثارا سلبية على عدد كبير من المواطنين، مبينا أن استمرار نسبة الفقر المرتفعة و تدني دخول الغالبية من الأردنيين و خاصة في المحافظات و المناطق خارج العاصمة و التي تعاني من ضعف تنموي عام أثر كبير في توليد الإحباط و التوتر والعنف.
كما أشار الى أن المجتمع الأردني شهد ازديادا في تفاوت توزيع الدخل بين الفئات والشرائح المختلفة والذي انعكس سلبا على نظرة المواطنين على الأداء الاقتصادي للحكومات المختلفة والنظرة السلبية للفئات الاجتماعية الأكثر ثراءا.
أما فيما يتعلق بالأسباب القانونية فقد شملت ضعف الثقافة القانونية لدى المواطنين وعدم الثقة بتطبيق القانون بالتساوي على كافة الفئات العمرية مما يؤدي بالناس لعدم احترام القانون والتطاول عليه.
كذلك، انتشار شعور كبير لدى فئات مختلفة بعدم المساواة وانتشار التمييز والواسطة والمحسوبية والجهوية في توزيع المكاسب في القطاع العام والخاص على حد سواء.
وبين أن هذا الشعور والواقع يؤدي إلى عدم احترام القانون ومحاولة التعدي عليه لتحقيق مصالح محددة أو شعور بعض الفئات بأنها فوق القانون وبالتالي الانصياع إليه. بالإضافة إلى هذه الأسباب العامة هناك بعض الأسباب القانونية الخاصة كقصور بعض النصوص القانونية المرتبطة بالعنف والجرائم بشكل عام وبطء إجراءات التقاضي أمام المحاكم وأحيانا عدم التطبيق السليم والصحيح للقانون.
أبعاد العنف المجتمعي
تميزت ظاهرة العنف المجتمعي بعدد من الأبعاد والمظاهر التي تم رصدها، والتي قد تشكل مؤشرات هامة على طبيعة الظاهرة من جانب و على انعطافاتها من جانب آخر.
ومن ابرز الأبعاد: ردود الأفعال العنيفة والعصبية الشديدة النزعة للتطاول على القانون والمواجهة مع الأمن العام و الانتشار الواسع للسلاح غير المرخص و تنامي المشكلات الاجتماعية.
مخاطر العنف المجتمعي
وحددت الدراسة أهم المخاطر التي ينطوي عليها العنف المجتمعي بـ: تهديد السلم الاجتماعي وتراجع هيبة الدولة و التكلفة البشرية والاقتصادية وخطر تحول العنف الاجتماعي إلى سياسي.
الإجراءات التي
تم التعامل مع العنف المجتمعي
بينت الدراسة أن الإجراءات المتبعة في التعامل مع العنف المجتمعي و خاصة المشاجرات تتفاوت حسب طبيعة و حجم المشكلة.
مشيرة الى أن جهاز الأمن العام و بالتعاون مع الحكام الإداريين و هي الأطراف المعنية في هذا الموضوع، و في أحيان عدة تتدخل قوات الدرك لبسط الأمن و النظام و خاصة في الحالات التي يمتد بها العنف المجتمعي خارج إطار الفئات المشاركة أو عندما يحدث شغب في الملاعب أو غيرها من الأماكن.
وأوضحت أن الهاجس الأساس يكون في مثل هذه الحالات هو السيطرة على الوضع من الناحية الأمنية و العمل على عدم تفاقم هذه المشكلات و المحافظة على أرواح المواطنين و ممتلكاتهم.
و بالنسبة للحكام الإداريين و بالتعاون مع الأمن العام، بينت انه «في الغالب يتم محاولة تطويق الأمور بالاتصال بالقيادات المحلية لمحاولة تهدئة الأمور بين الأطراف المتشاجرة من خلال اللجوء للأطر العشائرية و محاولة دفع أحد الأطراف لأخذ العطوة العشائرية و التي تعمل على تهدئة الأمور.
كما «في الغالب يتصرف الحكام الإداريون بحكمة تؤدي إلى نزع فتيل المشكلة و السماح للقانون بأن يأخذ مجراه لملاحقة المخالفين . و في المحصلة النهائية، يلجأ الحكام الإداريين إلى العرف العشائري بالتزامن مع استخدام الصلاحيات المتاحة لهم لمنع تفاقم الأمور».
إلا انه «في بداية ظهور المشاجرات الجماعية، كانت هناك حالات تم بها استخدام العنف و العنف المضاد من قبل رجال الأمن العام. و قد كان يتدخل الدرك في الحالات التي كانت تمتد بها المشاجرات إلى الأماكن العامة و التي تشكل تهديدا أمنيا مجتمعيا. و مع مرور الوقت، استطاعت الأجهزة الأمنية و جهاز الدرك من تطوير قدراتها و تسخير إمكانياتها للسيطرة الأمنية على العنف الاجتماعي متجاوزة الإشكالات التي نجمت عن استخدام العنف الزائد حسب ادعاءات بعض المواطنين أو المراقبين».
وأشارت الى العنف المجتمعي و طرق معالجته أدى إلى بروز بعض الإشكاليات والتحديات منها: اولا، عدم وجود قواعد اشتباك واضحة و معلنة لدى الأمن العام والمواطنين في التعامل مع هذا النوع من المشاجرات الجماعية مما أدى إلى التفاوت في التعامل مع حالات العنف، و في حالات معينة كان هناك استخدام للعنف من قبل الجهات الأمنية .
و قد تبين بأن الأمن العام يقوم بتقييم هذه المسألة باتجاه تطوير قواعد اشتباك مشتركة و متاحة للجميع.
ثانيا : في بعض الحالات و في البداية، لم يكن التنسيق على درجة عالية بين الأمن العام و قوات الدرك، مما أدى إلى التداخل في الصلاحيات و الإجراءات. و كانت النتيجة ضعف القدرة في التعامل مع بعض حالات العنف المجتمعي. كذلك الحال، فقد بينت بعض الحالات إلى عدم وجود تنسيق كاف بين الحكام الإداريين و الأجهزة الأمنية.و لكن من المفروض أنه قد تم حل هذه الإشكالية.
ثالثا : لقد برز في بعض الحالات ضعف وارتباك بعض الحكام الإداريين فبإدارة الأزمات أو اتخاذ بعض الإجراءات الخاطئة.
رابعا: لقد أبرزت حالات العنف المجتمعي ضعف آلية التواصل المتبعة مع القيادات المحلية التقليدية أو عدم فعاليتها.لا بل أن هناك معطيات تدل على أن بعض القيادات المحلية لبعض العشائر قد حاولت استغلال هذه الحوادث لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية لهم.
خامسا: قد كشفت حالات العنف المجتمعي عن وجود عدد من البؤر في عدد من المناطق التي يتم فيها ممارسات غير مشروعة ووجود جماعات أو مجموعات تنخرط بأنشطة اقتصادية غير مشروعة كتهريب الأسلحة و المخدرات و غيرها.
وبينت أن هذه الجماعات هي مسلحة و خطرة و تشكل تهديدا للأمن و الأمان داخل تلك المناطق كالسيطرة عليها و فرض الخاوات أو الاتاوات على التجار وغيرهم، و التي أدت إلى وجود متنفذين في هذه المجتمعات المحلية، يتمتعون بالنفوذ الاقتصادي و الاجتماعي.
الأسباب و العوامل
التي تؤدي للعنف المجتمعي
قالت الدراسة إن الأسباب التي يمكن أن تفسر العنف المجتمعي- الجماعي متعددة، ويدخل في تفسيرها أبعاد عديدة نفسية واجتماعية واقتصادية وسياسية ، والتي من الصعب الوقوف عليها بشكل علمي دون دراسات معمقة ومنفصلة.
إلا أنها حاولت الوقوف على أسباب عامة تتفاعل مع معطيات أخرى و تسهم في بروز هذه الظاهرة، منها، اولا :تعاظم دور وأهمية الأطر المرجعية التقليدية، مشيرة بهذا الصدد الى التنظيم العشائري المعاصر و التحول في سلطة العشيرة و. القضاء العشائري و العنف الاجتماعي و الدور السياسي للعشيرة.
ثانيا: الإعلام والعنف الاجتماعي، ثالثا: الأطر المدنية والسياسية الحديثة، رابعا:التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتغير القيمي ومعضلة العنف المجتمعي في الأردن.
الأسباب القانونية العامة للعنف المجتمعي
بينت الدراسة ان هنالك مجموعة من الأسباب أو العوامل العامة المرتبطة بالأبعاد الثانوية لهذه الظاهرة منها : ضعف الثقافة القانونية وعدم الثقة بتطبيق القانون وتحقيق المساواة بالإضافة إلى ذلك، فإن تطبيق القانون و المساواة لا يقتصر فقط على الأبعاد التي تمت الإشارة إليها، و المرتبطة بالمحكمة و الجرائم و التقاضي، و إنما تمتد لتشمل كافة الممارسات المؤسسية في المجالات الاقتصادية و السياسية و التعليمية و غيرها و التي يتم التعامل من خلالها مع حاجات و حقوق المواطنين سواء كان ذلك في الحصول على عمل أم في القبول الجامعي أم غيره.
الأسباب القانونية الخاصة
حصرت الدراسة الأسباب القانونية الخاصة بـ: قصور بعض النصوص القانونية الواجبة التطبيق على ظاهرة العنف المجتمعي و بطء إجراءات التقاضي أمام المحاكم وعدم التطبيق السليم والصحيح لنصوص القانون .
الشباب والعنف المجتمعي
ووصفت الدراسة العنف المجتمعي بأنه «ظاهرة شبابية بامتياز»، إذ أوضحت ان البيانات و المعطيات المتوفرة حول العنف المجتمعي في الأردن تشير إلى أن فئة الشباب تشكل الركن الأساس فيه. و بالتالي، فإنه يمكن القول بأن العنف المجتمعي هو ظاهرة شبابية بامتياز.
وبينت أن غالبية المنخرطين بالعنف المجتمعي بأشكاله المختلفة ( المشاجرات، الجامعات، شغب الملاعب، المدارس) هم من الشباب. وهو ما ينطبق على الجناة بقدر ما ينطبق على المجني عليهم.
وشددت على ضرورة توجيه الاهتمام بواقع الشباب الأردني و النظر للعنف المجتمعي كأحد مخرجات هذا الواقع الذي يعيشه الشباب، الذين يشكلون نسبة كبيرة من سكان الأردن، و سوف يبقون كذلك لفترة زمنية طويلة، و هذا بحد ذاته ليس تحديا سلبيا أو ايجابيا بالمطلق أو بشكل تلقائي، و يعتمد نتاج ذلك على ما يقدم المجتمع للشباب من وسائل و سبل تهيأهم للعبور للمستقبل.
ولفتت الى أن الشباب الأردني يعاني من أزمة اقتصادية خانقة تشكل البطالة أحد معالمها الرئيسية، فتشير البيانات إلى أن البطالة لدى الشباب في الأردن تعتبر من أعلى معدلات البطالة لدى الشباب في الدول العربية، و أعلى من المعدل العالمي أيضا. كما تدل المؤشرات أن معدلات البطالة هي الأعلى لدى الشباب من ذوي التحصيل الجامعي.إن البطالة لدى الشباب تولد مشاعر الإحباط و العجز و زعزعة الثقة بالذات، و تؤدي إلى اختناقات و مشاكل مع أفراد الأسرة، و تهيء الوسائل للمسلكيات المتمردة و العنيفة أحيانا.
كم يعاني الشباب من أزمة ثقة مع المؤسسات الرسمية و غير الرسمية في المجتمع، حيث تشير البيانات إلى أن الثقة بالمؤسسات العامة و خاصة المنتخبة أو المدنية منها متدنية. و بالتالي، فإنها تؤدي إلى الانكفاء على الذات أو عدم المشاركة في الأعمال المدنية و السياسية، و يتزامن ذلك مع تراجع و فقدان قيمة و أهمية التعليم في حياتهم و مستقبلهم و الذي يؤدي بدوره إلى الاغتراب عن المؤسسات التعليمية و غيرها.
وبينت أن الشباب الأردني عالق بين ضغوطات العولمة و الانفتاح القيمي و الثقافي على العالم و بين استمرار الخطاب التقليدي للمجتمع الأردني الذي لم يعد يتماشى مع الواقع الذي يعيشه الشباب الأردني.
بالإضافة إلى ذلك، لم يعمد المجتمع بمؤسساته المختلفة كالأسرة و المدرسة و الجامعة و الإعلام على تهيئة الشباب في هذه المرحلة الانتقالية، والذي أدى إلى تعميق الفجوة بين مجتمع الشباب و مجتمع الكبار و مؤسساته، و خاصة المدنية منها، مما أدى أيضا بهم للانكفاء و النكوص إلى الأطر و الانتماءات الفرعية كالملاذ الوحيد المتاح لهم و خاصة «الأطر العشائرية الجديدة» غير الملتزمة بالأطر و المعايير التقليدية للعشيرة التي نعرفها، و الذي نتج عنها ممارسات لا تمت للعشائرية التقليدية بصلة. والجدول أدناه يعطي بعض المؤشرات على ذلك.
وأكدت أن العنف الجماعي- المجتمعي يجب أن ينظر إليه كمظهر من مظاهر الأزمة التي يعيشها الشباب الأردني حاليا، و ليس الأزمة بحد ذاتها، مبينة أنه في أغلب دول العالم، فإن الشباب يستخدمون أساليب مختلفة حسب ظروفهم و إمكانياتهم مع هذا النوع من الأزمات كاللجوء لتعاطي المخدرات و الكحول أو إلى الانسحاب من الحياة العامة والانطواء على الذات أو اللجوء للهجرة أو العنف كتعبير عن الإحباط أو الأزمة.
واعتبرت أن العنف الشبابي الذي يأخذ الوعاء العشائري أحيانا، هو شكل من أشكال التمرد المزدوج على العشيرة التقليدية و على المؤسسات المدنية من خلال التمرد على القوانين و الاعتداء على الأمن العام و الممتلكات العامة و الخاصة على حد سواء، و الذي يضع العشيرة و الدولة في مأزق بسبب عدم قدرتهما على حل مشكلة العنف الشبابي المتصاعد.
وجددت التأكيد على إن توجيه الاهتمام للشباب في إطار معالجة أزمة العنف المجتمعي مسألة في غاية الأهمية لأنها بذلك تتوجه إلى معالجة الجذور و ليس القشور في هذه المشكلة.
تطور الجريمة
في المجتمع الأردني
تشير البيانات الصادرة عن مديرية الأمن العام أن حجم الجريمة في الأردن يتجاوز الستة وأربعين ألفا لعام 2009 حيث بلغ عدد الجرائم (46720)، بحسب الدراسة التي أوضحت أن ما أصطلح على تسميته الجرائم البسيطة، و هي غير مشمولة في هذا الرقم ، حيث أن العدد يرتفع في حال شمولها إلى (383و74) جريمة.
وتستنتج الدراسة من هذه الأرقام أن حجم الجريمة قد تضاعف ثلاث مرات خلال العشرين عاما المنصرمة، و هي بالطبع أعلى من معدل النمو السكاني لتلك الفترة.
وبينت انه « تم تقدير المعدل الزمني لحدوث الجرائم للكلية عام 1990 بواقع جريمة واحدة في كل أربع وعشرين دقيقة، ارتفعت لتصبح معدل جريمة واحدة في كل 11 دقيقة و 15 ثانية في عام 2009». في حين و يقدر المعدل الزمني للجنايات و الجنح التي تقع على الإنسان بواقع جريمة كل ساعة تقريبا، و جرائم الإيذاء البسيط بمعدل كل نصف ساعة تقريبا، بينما ترتكب الجرائم المخلة بالثقة العامة و المخلة بالإدارة بمعدل جريمة واحدة يوميا لكل منهما، ويصل معدل الجرائم التي تقع على الإدارة العامة بمعدل جريمة كل خمس ساعات تقريبا.
و تستحوذ الجرائم التي تقع على الأموال على أكثر من (60%) من الجرائم الكلية تليها بالأهمية الجنايات و الجنح التي تقع على الإنسان بنسبة (5ر17%) ثم الجرائم التي تقع على الإدارة العامة و الجرائم التي تشكل خطرا على السلامة العامة( 3.5%) ، (3.8%) على التوالي.
دراسة العنف المجتمعي تدعو لبدائل لعقوبة الحبس والاستعانة بـ (الخدمة العامة)
- التفاصيل