عبدالله عيسى السلطان / صحيفة اليوم
الكلام عن العمل التطوعي في الفترة الأخيرة أخذ حيزاً واسعاً في الإعلام بشتى أنواعه وهذا دليل على انتشار واسع لثقافة العمل التطوعي فلا يخلوا يوم من أن نسمع فيه عن خبر أو معلومة أو مقال يتحدث عن العمل التطوعي والبرامج التطوعية المختلفة، ليس هذا فحسب بل أن الدولة رعاها الله قد أعطت لهذه النوعية من الأعمال اهتماماً خاصاً حتى صدر أخيراً الموافقة على تشكيل مجلس أعلى للعمل التطوعي بتنظيم يدل على اهتمام وعناية ورعاية خاصة لهذا العمل. و مع كل هذا الاهتمام وكل هذه الأنشطة والعدد الهائل من المتطوعين من الرجال ومن النساء وبالرغم من المفهوم الواضح للعمل التطوعي والذي يعرف باختصار أنه ذاك العمل الذي يقدم للآخرين دون أي مقابل مع كل هذا، ترى هل نستطيع الحصول على متطوع محترف من بين هؤلاء؟!.

المفهوم التقليدي للعمل التطوعي ينبغي أن يكون من وجهة نظري مرحلة سابقة وعلينا جميعاً الانتقال إلى مرحلة المفهوم الاحترافي للعمل التطوعي، بمعنى أنه علينا أن نعيد النظر في كثير من الممارسات التي نقوم بها كمتطوعين في مجتمعانا ونعيد قراءة الواقع الفعلي لهذه الممارسات وبعد ذلك علينا أن نضع مقياس حقيقي لنتائج ومخرجات هذه الممارسات التقليدية وهل ترقى لمستوى الجهود التي تقدم من قبل المتطوعين فعلى سبيل المثال مستوى العمل في كثير من الجمعيات الخيرية لازال يتركز فقط على تقديم المساعدات والعون للفقراء والمحتاجين وكأنما هو هذا الهدف الرئيسي من إنشاء هذه الجمعيات حتى أصبح دور كثير منها مجرد قناة فقط تمر من خلالها الأموال من زكوات وصدقات وتبرعات لتصل إلى يد ذاك الفقير أو المحتاج، بالتأكيد أن من جعل هذا النوع من الممارسة في الجمعيات الخيرية هم من يقوم عليها من المتطوعين بمختلف أدوارهم لذا ترى التقليدية المقدعة في هذه الجمعيات للأسف وهذه عينة فقط من كثير من الجهات التي يقوم على عملها المتطوعين، وهذا العطاء التقليدي من وجهة نظري أحد أسباب العزوف عن الإقبال على العمل التطوعي بل ومن أدوات التسويق السيئة لجهود المتطوعين والجهات الخيرية.

أعتقد أنه ينبغي على كل متطوع أن ينظر بنظرة مغايرة للتقليدية التي تعود العمل بها كمتطوع وعليه أن يعايش الزمن الذي نعيش فيه وما نشهده من طفرة نوعية من التطور والتقدم الحضاري المتسارع والذي إذا ما تجاهله هذا المتطوع بقى في مكانه دون أن يتقدم خطوة واحدة بالرغم مما يبذله من جهود.

نعم إننا نحتاج في هذا العصر إلى متطوع محترف بكل ما تعنيه كلمة الاحترافية من معنى، متطوع غير تقليدي يمتلك مجموعة من المهارات والإمكانات العصرية التي يستطيع من خلالها تحقيق أهداف المؤسسة الخيرية التي ينتمي إليها لا أن يركز على هدف ويهمل باقي الأهداف، ليس هذا فحسب بل أن هذا المتطوع المحترف تراه قادراً على تشكيل فرق عمل من المتطوعين مؤهلة تقوم بأداء عملها بكل احترافية، وتراه لديه القدرة على عقد الشراكات مع الجهات المتنوعة حكومية كانت أو خاصة بما يحقق من خلال هذه الشراكات أهداف الجهة الخيرية التي ينتمي إليها، ولديه القدرة على التواصل مع المجتمع بكل أطيافه وألوانه، لديه القدرة على الابتكار وتقديم الأفكار الجديدة والمتجددة على الدوام، يستطيع أن يحدد حاجات المجتمع الذي يعمل في محيطه ولديه القدرة على قياس نتائج ومخرجات جهود جهته الخيرية، وقادر على ربط الأهداف الإستراتيجية للجهة الخيرية التي ينتمي لها بالأهداف الإستراتيجية العامة للوطن، لذلك تراه يمتلك من المهارات الكافية لتجاوز الصعوبات والعوائق التي تحد من تقديم برامجه ومشاريعه الخيرية فهو لا يتوقف أمام حاجز معين بل لديه من القدرة والمهارة ما يكفي لتجاوز هذا الحاجز الواحد تلوا الأخر، متسلح بسلاح العلم والمعرفة والأخلاق الرفيعة، وكثيرة هي السمات التي نتمنى أن نراها في المتطوعين لينقلوا بهذه الاحترافية في العمل التطوعي مؤسساتنا الخيرية من حال الخمول والعمل التقليدي إلى حال العطاء المتميز الاحترافي.

شكر وتقدير لكل متطوع يسعى جاهداً أن يكون متطوعاً محترفاً ونقدم له قبلة على جبينه.

JoomShaper