الدستور ـ طلعت شناعة
"لا أدري سبب هذه العصبية التي كنا نظن انها منحصرة فقط بشهر رمضان. فأينما تذهب تجد العبوس والتصرفات النزقة ، وكأن الناس ـ معظم الناس ـ لا تطيق بعضها بعضا". بهذه الكلمات عبر سليمان عن مشاعره تجاه حالة الاحتقان التي ينفس عنها بعضهم بطريقة غير مبررة وفي شتى مناحي الحياة. وأضاف: السائق الذي اقتربت من سيارته كاد يفتك بي لمجرد أنني لم أدعه ينطلق مثل السهم متجاوزا الاشارة الحمراء. كان يتمنى لو أن الشارع ظل أمامه مثل بحر فارغ.
وحين سألته لماذا كل هذه النظرات الكريهة والتي تحمل في طياتها حقدا غير مبرر. فالرجل لا يعرفني وأنا لا أعرفه وقد تصادف أن التقينا عند الاشارة الضوئية في أحد شوارع العاصمة. انشغال
ومثل حالته يتحدث منذر كارم عن جاره الذي نادرا ما يراه بسبب انشغال كل منهما في عمله. فالأخير لا يقرئه السلام عندما يجمعهم السلم. وهولا يعرف سببا لذلك التصرف غير الحضاري الذي لا يليق بالجيران ناهيك عن الناس كبشر. ويضيف: كانت زوجتي تطالبني أن أتعاون مع سكان العمارة في أمور تتعلق بالصالح العام للسكان. مثل الاحتفال بأفراح وأتراح الجيران وبخاصة وأننا ننتمي لعمارة سكانها قليلون. لكن بعض المعاملات والتصرفات التي ألقها من بعض هؤلاء الجيران يجعلني أتريث وأتردد كلما فكرتُ بتغيير قناعتي. طبعا ليس هناك وقت لسؤال من أُصادفهم عن أسباب نزقهم. فكل ما يفعلونه أنهم يشيحون بوجوههم عني وأشعر كا لوكنت قد ارتكبت بحقهم إثما أو حماقة ما.
فضول الجارات
لميس سيدة تعمل مدرسة تذهب في الصباح الى عملها وتعود وقت الظهيرة. لا تختلط بالجيران وبخاصة الجارات الا عندما تعرض عليها هدى زيارة فلانة التي أنجبت ولا بد من مشاركتها فرحتها بمولودتها الجديدة.
ولكنني ـ تقول لميس ـ ، أفاجأ كل مرة بجارة تستغل الجلسة لتعاتبني وتشعرني بالتقصير بل أنها توغل في غضبها وتتهمني بأمور لا وقت لها ولا معنى لها مثل ضعف مستوى التعليم في الاردن وبخاصة للاطفال دون السادس ابتدائي.
وتمضي سهام درويش في محاولة البحث عن تفسير نزق زوجها المتقلب المزاج مثل طقس تشرين وتقول: نكون في أمان الله ، نتناول طعامنا وفجأة يأتيه هاتف من شخص قد يكون أهله ، ويتعكر صفو الرجل ويتوقف عن الحديث معنا وكأن أفعى لسعته.
صحيح انه يعود بعدها يساعة ويهدأ ويتحول الى طفل باسم ، لكنني أتساءل عن سر هذا النزث المفاجئ. هل كل الناس يتأثرون بالهواتف التي تأتيهم وينسون من حولهم؟
ويؤكد سامي محمد أن قمة التناقضات في السلوك تظهر وتتجلى في الأماكن العامة مثل المقهى الذي يجمع أناسا من مختلف الفئات والثقافات. وفيهم المتعلم وغير المتعلم الموظف والعاطل عن العمل الشاب والعجوز.
تجد من يلعب الورق وفجأة تنشب معركة لا مبرر لها وتصل حد الضرب والشتم والعراك والامساك بتلابيب بعض. بينما هم في الأصل أصدقاء اختاروا بعضهم لممارسة اللعب والتسلية.
سلوك
ويبرر الدكتور سري ناصر استاذ علم الاجتماع تلك الظاهرة بالضغوط النفسية التي يتعرض لها معظم الناس جراء الاحداث السياسية والاقتصادية والاخيرة هي سبب معظم ما نراه من نزق وعصبية. فالناس يلهثون وراء لقمة العيش وفي صراعهم يحدث الاحتكاك وهو ما يظهر على شكل عصبية ونزق وتوتر وعدم اتاجة المجال للحوار والنقاش والاعتماد على العضلات بدل التفكير الهادىء والمنطقي.
ويضيف الدكتور ناصر: من المستحسن أن يكون أحد الطرفين متماسكا حتى لا تحدث المشكلة وتتفاقم. فان كان الاخر عصبيا فحاول ان تكون هادئا ان كنت تريد الوصول الى حالة لا تتفاقم فيها الأمور

JoomShaper