حسين التلاوي
تعتبر مسألة رعاية الموهوبين واحدة من أهمّ القضايا التربوية المرتبطة بمرحلة المراهقة والشباب المبكر، وهي العملية التربوية الأكثر ارتباطاً بالمجتمع على مختلف المستويات؛ في التعليم والتنمية وغيرها، كما أنها العملية الأكثر تأثيراً وتأثراً بمفردات البيئة المحيطة بالمراهق؛ إذ إن الموهوب، في أغلب الحالات، تتكون موهبته وفق مُفردات البيئة المحيطة به.
قد يكون في موهبة الشخص شيء من الإبداع اليدوي، على سبيل المثال؛ فينشأ رساماً أو نجاراً أو نحاتاً، بحسب ما تتيحه له البيئة المحيطة به على المستوى المعنوي، كثقافة أو مفردات مادية من مواد خام وخلافه. وقد تكون لديه موهبة ورغبة في الإبداع الفكري؛ فينشأ شاعراً أو موسيقيّاً أو عالم رياضيات أو حتى لاعب شطرنج، بحسب ما تشجع عليه البيئة المحيطة به، وهكذا.

وهناك رافدان أساسيان لاكتشاف الموهوبين في مرحلة المراهقة في المجتمعات السوية، هما: الأسرة والمدرسة، ثم يأتي بعد ذلك دور باقي المؤسسات والأطر التي يتفاعل فيها المراهق. فثمة حاجة إلى العديد من الأطر التربوية المطلوبة للتعامل في هذه المسألة، بدءاً من كيفية غرس فكرة أهمية الموهبة في فكر الآباء والأُمهات والمربين، وأهمية اكتشافها وتنميتها لدى الطفل والمراهق بشكل مبكر والتشجيع عليها، وصولاً إلى معرفة كيفية تحويل هذه الموهبة إلى ممارسة مهنية لدى المراهق، وهنا يكون قمة النجاح من جانب الأسرة والمدرسة.

هناك ضرورة لأن يلم الآباء والأمهات والمعلمون بعدد من الأساليب التربوية الحديثة من أجل معرفة كيفية اكتشاف مواهب الأبناء وتحفيزها؛ إذ تموت مواهب كثيرة وهي في بدايتها، بسبب عدم إدراك أولي الأمر في الأسرة والمدرسة أدوات اكتشاف هذه المواهب، ومن بين هذه الأدوات، أولاً: ملاحظة الأطفال والمراهقين، ومعرفة ما لديهم من أحلامٍ وتطلعات.

ورصد ما لدى بعضهم، من مهارات خاصة في بعض المجالات، مثل: المهارات اليدوية أو الرسم أو الكتابة.. الخ، ثانياً: إجراء بعض الاختبارات الأولية للطفل أو المراهق، من خلال بعض الأدوات المحفزة للحواس؛ حيث يعود ذلك عليه بالفائدة، في اكتشاف ما لديه من مواهب، ثالثاً: الالتزام ببعض المفردات التشجيعية في التعامل مع الأبناء في هذه السن، كلما أبدوا تميزاً في مجال ما، وتشجيعهم على الاستمرار فيه. ويضع الخبراء التربويون في عصرنا الحالي مجموعة من الأُطر والقواعد اللازمة أو الضرورية لاكتشاف ورعاية مواهب الأبناء، على المستوى الأولي في الأسرة والمدرسة، وهي على النحو التالي:


أولاً:
توفير عنصر الأمان العاطفي والمعنوي والقدوة الحسنة للأبناء، مع القدرة على التواصل الجيد معهم.

ثانياً:

توفير مكتبة متكاملة، تضم كتباً غير الكتب المدرسية، وخصوصاً المصادر الموسوعية، مثل القواميس والموسوعات، وكذلك المجلات التي تناسِب كل مرحلة.

ثالثاً:
تأسيس فكرة الرحلات ذات الطابع المعرفي للأبناء، مثل زيارة المتاحف والمعارض، وتعويدهم على حسن المتابعة والملاحظة، وتدوين هذه الملاحظات.

رابعاً:
ثمة بعض الآباء لديهم «صورة مثالية» عن الطفل الموهوب؛ فهو من وجهة نظرهم «طفلٌ خارق» في مختلف المجالات، وهو ما قد يؤدي إلى إفشال الابن وصرفه عما لديه من مهارات.

خامساً:
لا ينبغي أن تكون صفة الموهوب على حساب المرحلة؛ طفولة أو مراهقة، وعلى كل من الأب والأم والمعلم أن يدركوا أن الطفل أو المراهق الموهوب هو طفل أو مراهق أولاً، وموهوب ثانياً، وأنه لا ينبغي حرمانه من أن يعيش مرحلته، فلا يتم حرمانه من اللعب أو المرح الاجتماعي في الأسرة، أو الانطلاق في الأنشطة في المدرسة.


JoomShaper