منيرة القحطاني
سلطان الضغوط
أنا مضغوطة! ما أقدر أتحمل أكثر! ما يهمني أي شيء!! ما أقد أركز! أشعر بصداع!! أنا متعبة مجهدة.
هذه بعض التعابير التي تطلق عندما يمتد شبح الضغط، ويخنق الأنفاس ويضيق الصدر، ويهلك الجسد ويضعف العقل، وتطيش القرارات وينفر الآخر.
ويأتي مفهوم الضغوط النفسية بكونها المعوقات التي تعترض الفرد وتولد لديه حالة من القلق والتوتر، ويختلف إدارك الأفراد لهذه المعوقات كما يختلفون في طرق مواجهتها.
وقليل من الضغوط مفيدة (محفزة)، وأما الكثيرة والمستمرة (الكرب) تعجل بانهيار الفرد!
كما تتنوع الضغوط الشخصية بحسب البيئة الضاغطة، وعوامل ذاتية والطبيعة الشخصية  كالأسرة، والعمل، والمدرسة، والصراع الذاتي بين القيم والرغبات، وعوامل داخلية، وخبرة سابقة، وضعف إيمان. ولكن يتبادر للذهن هل نتفق جميعا في الاستجابة للضغوط؟
الصحيح أن هناك فروقا فردية في نوعية استجاباتنا وتنوعها كما يلي:
1) استجابة انفعالية: الحزن، اليأس، الإحباط، ويعبر  عن ذك بنحو: أنا مصدومة، لا أعرف ماذا أفعل.
2) بيولوجية: كالتعب والإجهاد، والصداع الزائد.
3) سلوكية: تجنب الآخرين، العزلة،عدم الرغبة بالحديث، وفقدان الأعصاب.
4) وقد ينهمك الشخص في الانخراط في أعمال مضاعفة أكثر مما هو في حالته المتزنة كرد فعل للضغط المستجاب له.
5) استجابة ظاهرية: يعتقد الشخص أن هذه المشكلات مدبرة، وتؤدي لفقد الثقة بالآخر.
6) استجابة عضوية (فيسولوجي): كارتفاع ضغط الدم، القلب،الجهاز الهضمي.
كم من الجهد يستطيع الإنسان أن يتحمل من جراء الضغط؟
حقيقة الأمر لسنا على درجة واحدة، فكل فرد منا له مقدار محدد يتحمل بها الضغوط يقول الله عز وجل: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها).
ونستطيع أن نجمل المراحل التي يمر بها الشخص تحت تأثير الضغوط إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: تسلل الضغوط
عندما نقع فريسة للضغوط ومع الاستمرار؛ نفقد الطاقة على التحمل وفي هذه الحالة نكون في حالة (مقاومة) (طاقة التكيف)، وتقودنا ـ لا قدر الله ـ وهي (مسألة وقت) (لأمراض النفس الجسمية، منها: السرطان، مشكلات القلب، ضعف المناعة) ونتجاهل صافرة الإنذار للجسم في مراحله الأولى، وتبرز الأعراض التالية: ارتفاع ضغط الدم، عدم انتظام نبضات القلب، قلة التركيز، توتر، غضب، نسيان، اضطراب النوم، قلق غامض، تضعف علاقته مع الآخرين، وتتسم أحيانا بالخلاف، أخطاء في تأدية العمل.
المرحلة الثانية: المقاومة
الشعور بالتعب لأقل مجهود، الإرهاق، عدم الاهتمام بذاته، الميل للوحدة، علاقته مع الآخر تختلف وتتسم بالمماطلة والتسويف،التأخر عن العمل، العزلة، تناول كمية كبيرة من المنبهات والمهدئات، التسلط على الآخرين بالمتابعة والتدقيق.
المرحلة الثالثة (الحرجة):مرحلة الإجهاد والاستسلام(الانهيار):
التنفس السريع، زيادة نبضات القلب، الشعور بالدوار، ومن الأعراض الانفعالية: الغضب، الاكتئاب، الانسحاب، الأعراض العقلية، اضطراب في التفكير صعوبة اتخاذ القرارات، ضعف التركيز، انخفاض في الوظائف المعرفية العليا، فشل القرارات والعلامات السلوكية والاجتماعية: الصمت، الرغبة في الوحدة، تدهور الصحة العامة، الغياب عن العمل، عدم المبالاة والاهتمام بشؤونه الذاتية ومسؤولياته المتعلقة تجاه الآخرين، وهي أكثر المراحل ضررا من غيرها فستنهار العلاقة الزوجية بالطلاق، والطالب بالرسوب، والموظف بالطرد، والمدير بفشل مؤسسته وهكذا.
وفي الحلقة القادمة نتكلم بمشيئة الله تعالى عن سبل مواجهة تلك الضغوط.

JoomShaper