ليس صدفة، ولا عبثا، وإنما هو بعض الجهد الذي لا يخفى حبله المشيمي على أحد. أما انعكاسات إشاعة الفاحشة في مجتمعاتنا بكثرة الحديث عنها، فهي تتطلب وقفة مستقلة. وسنكتفي في هذا المقام بالإشارة إلى عملية التطبيع معها، التطبيع الاجتماعي صنو التطبيع السياسي، ورحم الله زمانا كنا لا نسمع فيه غير ( العدو الصهيوني الغاصب )، وإذا شئنا الاختصار قلنا التطبيع مع الفواحش بإشاعتها، أو بتسميتها بغير أسمائها كالتطبيع مع من أصبح يحظى بالألقاب عند من يتكلم بألسنتنا..

فضائيات ( عربية ) ومراكز بحثية  وإعلامية، كلها تنهج نهجا واحدا، وتلهج بحديث واحد عن الفواحش والعلاقات الآثمة وانتشارها في مجتمعنا، وبين ظهرانينا، وكأنها رغيف خبز يومي، مع التركيز على عوامل الإثارة، والضرب على إيقاع الشهوات، والإصرار على استمالة المراهقين والمراهقات!!
منذ أيام وصلنا تقرير قررنا نشره كعامل حفز لعقل القارئ، يزعم معدوه أو مزيفوه أن ثلاثين بالمائة من شريحة أطفال تمت مراجعتهم أقروا بأنهم تعرضوا لعنف أو تحرش جنسي في صغرهم. الحديث ليس عن السويد ولا عن باريس الحديث عن دمشق وحمص وحلب ويلمح التقرير بل يصرح إلى أن هذا الأمر كان يتم في نطاق الأسرة فتأملي!!
القنوات العربية الفضائية، أكثرها، هي عربية اللغة، لكنها غربية الثقافة، أمريكية الفكر، تندرج ضمن شبكات الإعلام الموجه ضد العرب والمسلمين. ويا ليتها تأخذ من الثقافة الغربية ما هو نافع ومفيد، ولكنها مع الأسف الشديد تلهث وراء قصص الإثارة وأخبار الرذيلة ، فتلتقطها وتأتي بها إلى المشاهد العربي. ولا يوجد متسع في هذا المقال لتناول هذه الفضائيات الدخيلة على الثقافة والأصول العربية بالنقد والتحليل، ولكننا سوف نلقي بعض الضوء على بعض الملامح العامة مما يوضح المقصود.
تدأب بعض المواقع والفضائيات على الإفراط في تناول قصص وأخبار تافهة وخبيثة المضمون تتعلق بالفضائح الجنسية والشذوذ الجنسي بشكل جنوني، ويتم هذا التناول على أساس "حب إشاعة الفاحشة" في المجتمعات العربية، وترويج الرذيلة والتبشير بتفشي الشذوذ الجنسي في هذه المجتمعات ، بالإضافة إلى نشر قصص شخصية مقززة نشأت في مجتمعات إباحية لا تمت إلى أخلاقنا وقيمنا بأية صلة.

ولا يحتاج المرء إلى التمعن في القصص والتقارير التي تنشرها هذه المواقع عبر الشبكة العنكبوتية كي يعلم أن لا قاسم مشترك بينها غير البحث الدؤوب عن الفاحشة والشذوذ والرذيلة في كل مكان في العالم، ثم إحضارها إلى القارئ أو المشاهد العربي وحشو ذهنه بها. والمثير للاشمئزاز والريبة أن تلك المواقع لا تتناول المشاكل ذات الطابع الجنسي - حتى تلك التي تتعلق بالمجتمعات العربية والإسلامية - بالتشخيص والتحليل ومحاولة دراسة أسبابها وتداعياتها وطرق علاجها كظاهرة اجتماعية سلبية، ولا تقدم هذه المشاكل بطريقة تستحث الدعاة والمفكرين والتربويين والمشرعين وغيرهم على تناولها بأقلامهم والعمل على توعية الجماهير بشأنها، ولكنها فقط تسلط الضوء على هذه المشاكل وتبرز ما فيها من مادة جنسية مثيرة، بالتأكيد بهدف إفساد أخلاق المراهقين وزعزعة الثقة بقيمنا وأخلاقنا ومبادئنا الإسلامية، ما يساعد على استشرائها وتفاقمها في مجتمعاتنا.

ولو أرادت هذه المواقع تناول هذه المواضيع بطريقة علمية، لأدى ذلك إلى اعتزاز العرب والمسلمين بشرائع الإسلام، وللجؤوا إلى تعاليمه السمحة للهروب من إباحية الغرب، التي أشقت البشر وجردتهم من إنسانيتهم وحولتهم إلى كائنات تسيرها غرائزها الحيوانية. وبهذا تصبح هذه  المواقع أداة إعلامية هدامة للقيم ومفسدة للأخلاق. وهذه عناوين بعض المقالات والتقارير والقصص اقتباسا عن موقع الكتروني لفضائية عربية تهددنا: المثليون قادمون
□ الأسبان: ممارسة سريعة للجنس لكنهم راضون
□ شعبية لمؤلفات ماركيز.. وروائية تكشف مغامراتها الجنسية في الكونغرس
□ كتاب جديد: كلينتون استخدم أفكاره السياسية "مصيدة" للإيقاع بـ8 نساء
□ جندية تكشف أسرار وقصص "حوامل" الجيش الأمريكي في العراق
□ "خلطة العريس" تدير الرؤوس.. الهوس الجنسي العربي يثير النعرات الوطنية
□ خلطة العريس أصابت يمنيين بالهستيريا الجنسية.. ولجوء زوجاتهم للقضاء
□ ابتكار أساليب جديدة لمواجهة "فض البكارة" قبل الزواج
□ ترحيل سعوديين من المغرب لتورطهم في "علاقات جنسية" مشبوهة
□ سعوديات ضحايا بزنس الزواج والباحثين عن عقود عمل
□ خليط من السياسة والجنس والجميلات في أحدث أفلام عادل إمام
□ السعوديون يتناولون منشطات جنسية بـ 188مليون ريال سنويا
□ بحرينيات يخضعن لعمليات ختان لزيارة بيت الله الحرام
□ روائيات إيرانيات يخترقن "تابوهات" الحب والجنس رغم وطأة الرقابة
□ الجنس الثالث.. إلى أين؟
□ "الصعايدة" يبيحون "السياحة الجنسية النظيفة" بالزواج من العجائز الغربيات
□ رواية جديدة تتناول الأسرار الجنسية في حياة مراهقة مسلمة
□ أطفال في المغارة
□ دراسة علمية تقترح أن مثلية الجنس فطرية وليست وليدة الخبرة
□ باكستانية تتعرض لاغتصاب جماعي بموافقة عريسها وأسرته
□ الشرطة الإيطالية تحقق مع 186 شخصا بشأن موقع إباحي للأطفال
□ الزواج عبر الإنترنت يحل محل "الخطابة" في المجتمع العربي
□ لأول مرة في النرويح.. سجن امرأة 9 أشهر لاغتصابها رجل
□ 120 ألف قاصر يجبرن على ممارسة الجنس مع قادة جماعات مسلحة
□ الشرطة التشيكية تتلقى رشاوى لإطلاق سراح أمير قطري
□ انحراف الفتيات.. من سطوة الفضائيات إلى وطأة أمراض "النهم الجنسي"
□ ضرب المؤخرة بعصا خيزران يشفي من الاكتئاب وإدمان الخمور
□ محاكمة عضو في الأسرة الحاكمة القطرية مارس الجنس مع قاصرات في براغ
□ صبي يفضح جاكسون في المحكمة.. ويتحدث عن أسراره الجنسية
□ الحكومة الدنماركية تؤمن الجنس للمعاقين عبر إحضار المومسات لهم
□ عبد العزيز مخيون يتهم زوجته بممارسة الجنس مع عامل مطعم مشهور
□ 13% من طالبات إحدى مدارس"أوهايو"حوامل بسبب"الحماس الجنسي"
□ إماراتيون مسنون يقبلون على الزواج من وافدات صغيرات في السن
□ اغتصاب عاملة فلسطينية 10 مرات مقابل السماح لها بالعمل في مستوطنة
□ الإيطاليون ينفقون ربع مليار يورو على تجارة الجنس خلال عام
□ مثول "شيخ قطري" أمام محكمة تشيكية بتهمة ممارسة الجنس مع قاصرات
□ انحراف الفتيات.. من سطوة الفضائيات إلى وطأة أمراض "النهم الجنسي"
□ 5 آلاف دولار لـ5 مشاركين ينجحون بتخمين جنس مولود ميسون عزام
□ نساء في جنوب السودان يلجأن للخيانة للتخلص من أزواجهن
□ ناشطة سعودية تحذر من ظاهرة زنا المحارم
□ وراء جدار الصمت... وحوش يكسرون براءة الأطفال بالاعتداءات الجنسية
□ مصر: اعتداء جنسي على اطفال في حضانة
□ مهمة خاصة: اغتصاب على رؤوس الأشهاد
□ امرأة سورية تقضم أنف رجل دخل بيتها بهدف اغتصابها
□ فتاة سورية اغتصبها شقيقها وباعتها والدتها في سوق "النخاسة"
□ أسرة بحرينية ترغم خادمة إندونيسية قاصرة على البغاء لأجل المال
□ ألف رجل في حياتها: بوسي سمير .. أول أفلامها يتحدث عن عذراء "قتل بالجنس"
□ المثليون قادمون

فمن يهمه أن يعرف طول الفترة الزمنية للجماع عند الأسبان أو قصرها؟ ومن يكترث بمعرفة التفاصيل المقرفة لمايكل جاكسون وهو يستمني مستغلاً جسد أخيه أثناء نومه إلى جواره؟ وهل من فائدة يرجوها القارئ من معرفة تفاصيل صيد كلينتون للنساء أو المغامرات الجنسية لامرأة في الكونجرس الأمريكي؟ ومن يهتم بأمر زوجة من يسمى "فلانا" عندما تخونه مع عامل مطعم؟ ولماذا توضع كل هذه السفالة في متناول المراهقين من أبناء شعوبنا العربية؟ لماذا الحديث عن أساليب جديدة لمواجهة فض البكارة قبل الزواج؟ ولاحظوا كيف صيغت العبارة "مواجهة فض البكارة" وكأن المشكلة ليست في الفاحشة والزنا الذي أدى إلى فض البكارة، بل في البكارة نفسها!

ولماذا تتهم هذه المواقع العربية الصعايدة والسعوديين والقطريين والبحرينيين والفلسطينيين والمغربيين واليمنيين وغيرهم بالفواحش عن طريق تعميم أحداث نادرة الوقوع غير مدعومة بإحصائيات؟ ولو تأملنا قليلاً الخبر "اغتصاب عاملة فلسطينية 10 مرات مقابل السماح لها بالعمل في مستوطنة"، لعرفنا المقصد القذر من نشر مثل هذه الأخبار.  إن كل هذا فقط يأتي ضمن خطة منظمة لحرف الشباب والصبايا وإشغالهم بكل ما هو تافه ورذيل وساقط عن قضايا الأمة وهمومها ومشاكل مجتمعاتنا العربية، وزرع التنمية البشرية والإنسانية في مجتمعاتنا، وعن دور الأجيال الناشئة في نهضة الأمة.

 


ثم لماذا تبشر هذه المواقع بقدوم الجنس الثالث والمثليين؟ ولماذا تصدق الباحثين اليهود الذين يدعون أن الشذوذ هو أمر جيني مفروض على الإنسان الذي يمتلك جينات الشذوذ؟ ولماذا تبشر بانحراف الفتيات وتتحدث دائما عن انتشار الفواحش في المجتمعات العربية والإسلامية والتركيز على اللامعقول المجتمعي مثل "باكستانية تتعرض لاغتصاب جماعي بموافقة عريسها وأسرته"؟ في أي مجتمع مسلم يمكن أن يتم هذا؟  وهل يصدق أحد هذا الحدث؟ أم أن الذي روج القصة الخبر يريد أن يدعي أن الباكستانيين تخلوا عن حشمتهم ودينهم وأخلاقهم لأنهم مسلمون؟!

لنلاحظ كيف تتم صياغة العبارات البذيئة تعليقاً على بعض الأخبار المذكورة أعلاه، فمثلا عندما ذُكرت "خلطة العريس" أتبعها من صاغ الخبر بهذه الكلمات "نحن أمة مهووسة بالجنس، وهو هوس مرضي وغير طبيعي. ولكن الهوس الجنسي الحقيقي هو ما يتم تصنيعه أو ممارسته في الغرب حيث يعتبر الهوس تحررا وفنا..
وحول خبر "ألف رجل في حياة الراقصة: فلانة ( نعتذر عن ذكر اسمها)..يتحدث أول أفلامها عن قتل بالجنس"، تجد أن مقالا منشورا على أحد المواقع يذكر أن هذه المغنية الراقصة تعترف بأنها تذكر ألف رجل في حياتها، ولا ندري كم عدد الرجال الذين لا تذكرهم. أما بالنسبة لدورها في الفيلم المذكور ;كما يذكر المقال، فهو العمل مع المنظمات الإرهابية لقتل ثلاثة رجال عن طريق ممارسة الفاحشة معهم، ثم تزعم بعد ذلك أنها تشعر بأنها تقترب من الله في كل شيء وأنها تؤمن بأن الحجاب التزام وأنه يضفي جمالاً على المرأة الملتزمة. أي تناقض هذا وتشويه للقيم والأخلاق واستهزاء بالدين؟!
لا نريد الإطالة على القارئة الكريمة بذكر المزيد من هذه القصص المقززة، ولو أردنا أن نعلق على كل شيء لاحتجنا إلى كتابة الكثير. ونخشى أن نكون قد وقعنا فيما أردنا التحذير منه!! ولكن الظاهرة شاعت حتى أصبحت عامل تهديد لبناء المجتمعات العربية والمسلمة على السواء. والأغرب أن البعض يربط مثل هذا بالحديث عن الدين والقيم والأخلاق.
ما من شك أن عباداً للشيطان يقفون وراء منابر أحاديث الشذوذ التي تتيحها هذه المواقع العربية اسما، وهم يقومون بتنفيذ التوصيات بحذافيرها الواردة في الدراسة التي أصدرتها منظمة "راند" الصهيونية بعنوان "الإسلام المدني الديمقراطي: شركاء وموارد واستراتيجيات"، التي قامت بها "شيرل بينارد"، وهي زوجة "زلماي خليل زاد"، الذي شغل منصب السفير الأمريكي في العراق والسفير الأمريكي السابق في أفغانستان. وتعتبر هذه الدراسة خطة مقدمة للإدارة الأمريكية في بلاد العرب والمسلمين.

 

JoomShaper